الممثلة الفرنسية كاترين دونوف فضولية بطبيعتها، وهي تعترف بأنها تحمل هذه الصفة منذ طفولتها، موضحةً أن فضولها كان أساسياً في مسيرتها التمثيلية الناجحة التي قدّمت لنا أجمل ساعات السينما في آخر خمسين سنة. فازت كاترين أخيراً بجائزة «لوميار» التي قدّمها لها رومان بولانسكي... نظرة إلى حياة هذه الممثلة التي تعشق الأزهار وتستمتع بأي لحظة من حياتها مهما كانت عادية. تتكلم دونوف بإيقاع سريع ولا تكفّ عن التحرك كمجال السينما تماماً، وكأنها تجسّد في سلوكها معنى السينما الحقيقي. توحي هذه الممثلة دوماً بأنها تنهي فيلماً كي تبدأ بآخر ولا تكفّ عن التنقل بين محطات القطارات ومختلف وسائل النقل. في هذا العصر الذي يطرح مئات التساؤلات حول دور المرأة في المجتمع، تستطيع كاترين بأدوارها الأسطورية كعاشقة وشقيقة وأم وامرأة عاملة أن تجد الإجابات المناسبة. بات أي عمل يتمحور حول اسمها. يقول عنها جيرار دوبارديو: «إنها نسخة نسائية من الرجل الذي أردتُ أن أصبح عليه!». عاشقة الأزهار كاترين ليست امرأة عادية. لا شيء يحبطها أكثر من سماع الناس يتحدثون عنها. لكنها تحبّ في المقابل التحدث عن مواضيع تثير اهتمامها مثل الصبار الأميركي وبعض الفاكهة الاستوائية والشجيرات الآسيوية، وتفضّل بشكل خاص زهرة «ميموسا بوديكا»: عند لمسها تنغلق على نفسها. تحب الممثلة زرع الأزهار والأشجار بنفسها، وقد تصل أحياناً إلى موقع التصوير صباحاً وعلى يديها وذراعيها خدوش صغيرة بعدما أمضت فترة الصباح في اليوم السابق تقلّم أغصان الورد وتعيد زرع نبتة إبرة الراعي، أو تنقل مكان شجيرة صغيرة. حتى أنّ بعض نباتاتها يمضي حياته في التنقل من الريف إلى مكان إقامة الممثلة في باريس، وقد يصل بعض الأصناف من اليابان أو الصين أو أميركا الجنوبية أو إفريقيا، ويمضي عشر ساعات في الطائرة. لا تعتبر كاترين السفر متكاملاً من دون جلب نبتة صغيرة معها إلى باريس. إنها تجربة مؤثرة ومميزة ومطمئنة بالنسبة إليها. لا يصعب أن تشعر كاترين بالسعادة: يمكن أن تتكلّم قليلاً عن السينما ولكنها تتحدث كثيراً عن تفاصيل الحياة الكبيرة والصغيرة وتحاول الحد من التذمّر قدر الإمكان، ويمكن أن ترافق أياً كان إلى السينما كونها مشاهِدة استثنائية لا تتردد في مشاهدة ثلاثة أو أربعة أفلام أسبوعياً، في حصة الثامنة مساءً قبل العشاء أو حصة العاشرة بعد العشاء. ممثلة سخية تهتم كاترين بالأكل والضحك والكلام والشرب والتدخين، وتحاول الاستمتاع بأي لحظة من حياتها مهما كانت عادية. أثناء وجودها في المنزل، تتعدّد واجباتها وتشمل في العادة ساعتين أو ثلاث ساعات إضافية من الأفلام الكورية والصينية والألمانية والسويدية والأرجنتينية والفرنسية، فضلاً عن أفلام وثائقية ومسلسلات. من الواضح أنها ممثلة سخية كونها تهتم بأعمال الآخرين! كانت تلك اللحظات الصغيرة من الحياة كفيلة بتحويلها إلى هذه الممثلة المميزة والصادقة. تعترف كاترين بأن الحياة من دون سينما ممكنة لكنّ السينما بلا حياة مستحيلة! تأتي حياتها دوماً قبل السينما، لذا تتفوق على غيرها في عالم صناعة الأفلام. يمكن اعتبار كاترين دونوف رمزاً للأنوثة والأناقة، ولا شك في أن موهبتها تلبسها من رأسها حتى أخمص قدميها!
مشاركة :