شهد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير تشارلز ولي عهد المملكة المتحدة، ترافقه قرينته كاميلا، دوقة كورنوول، حفل إطلاق عام الثقافة الإماراتية - البريطانية 2017، الذي أقيم مساء أمس، في قلعة الجاهلي بمدينة العين. حضر الحفل سموّ الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، وسموّ الشيخ سيف بن محمد آل نهيان، والفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسموّ الشيخ عمر بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة، والشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، والوفد المرافق للأمير تشارلز. بدأ الحفل بعرض فيلم وثائقي تضمن قصة العلاقات التاريخية بين البلدين وتطورها على مدى عقود من الزمن. وألقى الشيخ نهيان بن مبارك، كلمة قال فيها نتجمع الليلة لإطلاق مبادرة: المملكة المتحدة - دولة الإمارات 2017.. عام من التعاون المبدع. وأثنى على الرعاية الكريمة التي تحظى بها هذه المبادرة من ولي عهد المملكة المتحدة، وصاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، مشيراً إلى أن رعايتهما لهذه المبادرة، إنما هي دليل متجدد على الأهمية القصوى لتنمية التعاون بين البلدين. وأضاف أن هذه القلعة الرائعة، قلعة الجاهلي في مدينة العين، إنما هي ذاتها دليل حي على قوة علاقات التعاون بين المملكة المتحدة، ذات التاريخ الطويل والإمارات التي اتحدت في دولة مستقلة منذ خمسة وأربعين عاماً فقط. هذه القلعة بنيت في التسعينات من القرن التاسع عشر، مقراً صيفياً للشيخ زايد الأول، فضلاً عمّا تمثله القلعة، فإن بلادنا تحفل بأدلة أخرى كثيرة على العلاقة المبدعة مع المملكة المتحدة. هناك المقيمون بيننا من أبناء المملكة المتحدة الذين يسهمون بمعارفهم ومهاراتهم وقدراتهم ومشاعرهم الطيبة في نفع وتقدم دولة الإمارات. وقديماً قيل: إن الأصدقاء يتشاركون في كل شيء، ونحن مع المملكة المتحدة كأصدقاء نتشارك في أشياء كثيرة تحقق لنا المنفعة المتبادلة في كل الميادين، ولعل الأهم في ذلك هي القيم والمبادئ التي نشترك فيها معاً، والحرص القوي على ثقافتينا والاحترام والتقدير العميقين للثقافات والأجناس واللغات والأديان والمعتقدات الأخرى؛ إننا نشترك في الرغبة القوية لتحقيق السلام في ربوع العالم، وترسيخ الأمان والرخاء والتقدم في بلادنا؛ إننا باختصار شديد نشترك في مقومات الحضارة الإنسانية ذاتها. وأشار إلى أن المبادرة تسلط الضوء على الخطوة التالية في تدعيم علاقاتنا الثقافية، وكذلك على كل الأمور ذات الأهمية في علاقات البلدين. وأضاف أن وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، سوف تدعم تنفيذ هذه المبادرة عبر الإمارات كلها، وبالتعاون مع المجلس البريطاني الذي نعدّه دائماً منظمة مهمة للغاية لها دور حيوي في إرساء العلاقات البريطانية - الإماراتية على أسس متينة وراسخة. لافتاً إلى أن المجلس البريطاني يقوم بدوره في ذلك امتداداً للروح الطيبة التي جسّدها الراحل البريطاني، السير ويلفرد باتريك ثيسجر (مبارك بن لندن)، وهو الذي نحتفي بذكراه هنا في قلعة الجاهلي. وأشار إلى أن المجلس البريطاني مثل ثيسجر يظهر دائماً اهتماماً كبيراً وحرصاً قوياً على الجوانب الفنية والاجتماعية والبيئية في ثقافة الإمارات، كما أنه يدعم لدينا، نحن الإماراتيين، من جانب آخر، المعرفة والتقدير للثقافة البريطانية العريقة والمتجددة. وقال إن زيارتكم إلى بلادنا إنما هي إعلان قوي أن بريطانيا والإمارات تعملان معاً، وبنجاح كبير، في كل المجالات وأن التعاون الناجح والمستمر بيننا ضروري ومهم، لتشكيل عالم يسوده السلام والرخاء. وأوضح الشيخ نهيان، أن هذه المبادرة هي انعكاس قوي للتعاون المثمر والمستمر والدائم بين البلدين الصديقين ونحن نقترب من مناسبة مرور مئتي عام، على أول اتفاقية رسمية بين البلدين وقعّها الأجداد. إننا نتطلع بكل ثقة إلى أن نحقق معاً المزيد من الإنجازات في العقود والقرون القادمة. بعدها عزف طلاب من مركز الفنون الموسيقية مع ثنائي من أوركسترا بي بي سي وهما عازف التشيلو مايكل أتكنسون وعازفة الكمان آنا سميث، مقطوعات موسيقية للموسيقار موزارت نالت استحسان الحاضرين. يهدف التعاون بين مركز الفنون الموسيقية وأوركسترا بي بي سي، إلى تفعيل التبادل الثقافي والتعليمي بين الإمارات وبريطانيا، من خلال الجمع بين أوركسترا بريطانية ذات شهرة عالمية وطلبة موسيقى موهوبين من مؤسسة إماراتية لتعليم الموسيقى. والمعزوفة التي أدّياها في قلعة الجاهلي هي نتاج ورشة العمل المكثفة التي أقيمت على مدار أربعة أيام في دولة الإمارات لإعداد مقطوعات من التراث الموسيقي الكلاسيكي الغربي، تحت إشراف أوركسترا سيمفونية بي بي سي، وهو ما يعطي لمحة عن العمل الذي سيجرى خلال عام الثقافة البريطانية الإماراتية 2017، بوصفه عاماً للتعاون الإبداعي. بعدها قدم الأمير تشارلز إلى صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، عدداً من المخطوطات القرآنية التي أعلنت عنها جامعة برمنغهام في 22 يوليو/تموز 2015 عن اقتناء مخطوطة قرآنية في مكتبة بحوث كادبري بالجامعة، حيث أثبت الفحص بتقنية الكربون المشعّ أنها تعود لمطلع القرن السابع، ما يجعلها واحدة من أقدم المخطوطات القرآنية. وتحتوي هذه المخطوطة على أجزاء من بعض السور القرآنية 18 إلى 20 مكتوبة على جلد بخط عربي قديم، يسمى الخط الحجازي، وأجرت جامعة أكسفورد فحص الكربون المشع للمخطوطة، وتأكد أنها تعود إلى ما بين 568 و645 ما يعني أنها تعود للقرن الأول في العصر الإسلامي، وتعد واحدة من أقدم المخطوطات التي تضم أجزاء من القرآن، وواحدة من القليل من المخطوطات في العالم التي فحصت بالكربون المشعّ. وتنتمي هذه المخطوطة إلى مجموعة القس منغنا للمخطوطات الشرق أوسطية المحفوظة في مكتبة بحوث كادبري بجامعة برمنغهام، وحصلت عليها المكتبة في ثلاثينات القرن الماضي، للارتقاء بمكانة الجامعة مركزاً فكرياً للدراسات الدينية. وأقام صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، مأدبة عشاء رسمية تكريماً للأمير تشارلز وقرينته، بمناسبة زيارتهما للدولة. وكان الأمير تشارلز وقرينته، وصلا إلى قلعة الجاهلي، وكان صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في استقبالهما. وتجول سموّه وضيفا البلاد في معرض القصص المصورة الذي أقيم في ساحة القلعة، خصيصاً لهذا الحدث، وهو بالتعاون بين الأرشيف الوطني ودار الأرشيف البريطاني في كيو، ووزارة الثقافة وتنمية المعرفة، وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وبإشراف السفارة البريطانية والمجلس البريطاني. ويتضمن صوراً ووثائق تاريخية تحتفي بالعلاقات البريطانية - الإماراتية على مدار عقود من الزمن. وشملت الجولة معرض فن الخط، حيث اختارت اللوحات المعروضة وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، بالتعاون مع السفارة البريطانية والمجلس البريطاني، وهي من مسابقة جائزة البردة العالمية للخط العربي التي تنظمها الوزارة سنوياً، وتضمن معرض فن الخط الأعمال الفائزة في الدورات ال 13، دورة جائزة البردة العالمية، تضمنت 26 لوحة من مختلف الأعمال واللوحات من عمل فنانين إقليميين ودوليين، وقدم الخطاط الإماراتي محمد مندي، هدايا تذكارية للأمير تشارلز وقرينته، وهي لوحات بخط الإيجاز استخدم فيها الحبر التقليدي المعطر بقلم القصب. واصطحب صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، الأمير تشارلز إلى المجلس الخاص الذي أقيم في ساحة قلعة الجاهلي، وسط حضور عدد من الشيوخ وكبار الشخصيات والمسؤولين وأعيان مدينة العين الذين رحبوا بزيارة الأمير تشارلز. وتبادل سموّه والأمير تشارلز الأحاديث الودية عن العلاقات التاريخية العريقة التي تجمع دولة الإمارات والمملكة المتحدة. وأكد الجانبان متانة هذه العلاقات، وأهمية فتح آفاق أوسع للتعاون والتنسيق والتشاور في مختلف القضايا التي تهم البلدين، انطلاقاً من عمق الروابط التاريخية التي تجمعهما. (وام)
مشاركة :