حافظ البرغوثي نجح اللبنانيون بعد عناء واستجداء في انتخاب رئيسهم الجديد العماد ميشال عون. ولم يكن التوافق عليه سهلاً لأن الحديث عنه بدأ في مطلع الصيف عندما اقتنع سعد الحريري بأن المخرج الوحيد هو عقد صفقة مع عون مرشح حزب الله، بعدما بات واضحاً أن الوضع اللبناني مهدد بما يجري حوله من فتن.. فاللبنانيون وجدوا أن الأحداث في المنطقة تكاد تتجاوزهم وتنساهم وكأنهم في كوكب آخر ولم تعد هناك عناصر عربية خارجية مؤثرة على الساحة اللبنانية، فكل دولة منكفئة داخلياً نظراً لفداحة التغيرات والتحالفات على الساحتين الدولية والإقليمية، وبدا أن واشنطن هي الأخرى لم تعد في موقف يمكنها التأثير أو دعم من تراهم حلفاء لها على الساحة اللبنانية، ولهذا عندما استمزج تيار المستقبل رأي جيفري فيلتمان السفير الأمريكي السابق في بيروت ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة وجد ترحيباً أمريكياً بخيار الحريري حيث تمر واشنطن بمخاض انتخابي يجعلها غير قادرة على اتخاذ أي خطوات مؤثرة ولهذا فإن المحور الروسي بات يستعد لاغتنام الفرصة ليس في لبنان فقط بل على الجبهتين العراقية والسورية. وليس مستغرباً أن تشهد مدينة حلب كبرى المعارك قريبا لطرد المعارضة المسلحة منها وتهيئة الميدان لضرب جيوبها الأخرى في سوريا، وقد لوحظ كيف أن الطيران الأمريكي كف عن القصف في منطقة الموصل ضد تنظيم داعش وكأن واشنطن غير راغبة أو غير قادرة على إغلاق ملف داعش في العراق وتولى الطيران العراقي قصف الموصل بدلاً من الطيران الأمريكي لأن المحور الروسي -الإيراني يريد إنهاء ملف داعش في العراق ثم الانتقال إلى سوريا. الخاسر الأكبر في الصفقة كان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ظل مغيباً عن الاتصالات والمشاورات وغضب أيما غضب لأنها المرة الأولى في تاريخه السياسي التي يجد فيها نفسه مهمشاً بهذه الطريقة ورغم أن حزب الله طمأنه على استمرار الاحترام والتقدير له إلا أن الطعنة كانت كبيرة بالنسبة إليه. أما بالنسبة للفلسطينيين فقد فشلوا حتى الآن في تنشيط ملف المصالحة لأن حماس تتصرف باعتبار ما سيكون، أي إن الرياح تجري لصالحها إقليمياً وعربياً، وكذلك على صعيد وضع فتح الداخلي تم حسم الأمر بالإبقاء على تيار محمد دحلان خارج المؤتمر السابع لحركة فتح المقرر عقده في نهاية الشهر لانتخاب مجلس ثوري جديد ولجنة مركزية جديدة، لكن على ما يبدو، فإن أغلب أعضاء المركزية الحاليين وان تقدم بهم العمر وساءت أحوالهم الصحية مصممون على خوض الانتخابات مجددا وكأنهم لا يريدون منح الجيل الجديد الأكثر نشاطا فرصة لقيادة الحركة التي أصابها الوهن كما أصاب حركة حماس التي ترهلت بفعل الامتيازات والأموال التي جنتها من فترة حكم طويلة بلا التزامات تجاه من تحكمهم بل عليهم دفع فاتورة سيطرتها من جيوبهم. وحتى جولة الحوار الأخيرة في الدوحة لم تكن سوى مجاملات بين محمود عباس وخالد مشعل وإسماعيل هنية لأن حماس تظن أن المشاكل داخل فتح والتجاهل العربي للسلطة الفلسطينية والركود على المستوى الدولي وصعود نجم حليفتهم تركيا مجدداً في ساحة المنطقة سيكون في مصلحتها، فهي غير معنية بالمصالحة في الأصل، ولن تقدم حبل النجاة للرئيس الفلسطيني. فإن كان اللبنانيون أدركوا أن التوافق سينجيهم من مؤثرات وخيمة تحيط بهم وتتهددهم بعد أن هجرهم العرب والعالم ورفع الحريري شعار انج سعد فقد هلك سعيد فإن الفلسطيني لم يرفع هذا الشعار بعد. hafezbargo@hotmail.com
مشاركة :