المصريون يتابعون انتخابات أميركا وقلوبهم موزعة بين كلينتون وترامب

  • 11/8/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ما إن انفتح الباب ودخل دونالد ترامب وهيلاري كلينتون يتأبطان ذراع بعضهما بعضاً، حتى صفق الجميع وهلل لهما. وحين اهتزت القاعة بموسيقى المهرجانات وصدح صوت المطرب مغنياً أغنيته الشهيرة «الدنيا شمال»، رقص ترامب وكلينتون كما لم يرقصا من قبل على وقع تصفيق الحاضرين والحاضرات الذين اندمجوا في حملة تشجيعية واحدة، لا فرق فيها بين جمهوري وديموقراطي. حتى حين قرر ترامب أن يركض خلف الشابات الحاضرات مهدداً إياهن بالتحرش، صفق الحضور كثيراً بمن فيهم كلينتون. كلينتون وترامب اللذان تكرر ظهورهما في حفلات خاصة في ربوع القاهرة ضمن حفلات مخملية في مناسبة «الهالووين» (عيد الهلع) لم يدهشا الحضور، أو يثير حضور أحدهما حنق أحد أو يفجر اعتراضاً أو يستفز مشاعر تأييد أو تنديد. ثنائي متنكر اشترى قناعين للمرشحين من الولايات المتحدة أثناء زيارة قبل نحو أسبوعين ضمن آلاف الأقنعة التي بيعت للمرشحين على مدار الأسابيع القليلة الماضية. وإذا كان «مؤشر الأقنعة» الأميركي يشير إلى تقدم ترامب على كلينتون بنسبة 55 إلى 45 في المئة، ما يعني ارتفاع احتمالات فوز ترامب وذلك قياساً بالأقنعة المباعة (بحسب موقع «فوكس نيوز»)، فإن الأمر في مصر مختلف شكلاً وموضوعاً. موضوع الانتخابات الرئاسية الأميركية يشغل بال المصريين دائماً. ولم يكن هذا على مدار التاريخ الحديث يرتكز على أسباب أيديولوجية، أو سياسية دولية، أو معرفة كونية، بل للهالة الدرامية التي تحيط تلك الانتخابات عادة، بدءاً بالنظام المعقد لاختيار مرشحي الحزبين الرئيسين، مروراً بأسلوب الحملات الانتخابية وعرض البرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وانتهاء بطريقة إعلان الفوز. لكن هذه المرة، يهتم المصريون كما لم يهتموا من قبل بهذه الانتخابات وكأن رحاها تدور على ناصية شارعهم. وعلى ناصية شارع راقٍ في حي الزمالك في القاهرة، وبعيداً من ترامب وكلينتون الراقصين على أنغام «الدنيا شمال»، تجلس هيئة كاملة من المنظرين والمنظرات الذين يدلون بدلوهم عن الانتخابات في بلاد العم سام، وما يعنيه وصول ترامب إلى مقعد الرئاسة، وما يؤدي إليه فوز كلينتون بالمنصب. لحظات يومية يغيب فيها حديث التعويم وتغفل خلالها مخاوف البنزين وتوابعه من غلاء في الأسعار. نبرة الحديث عن كلا المرشحين تبدو وكأن معرفة شخصية حميمة تجمع بين كلا المرشحين والمنظرين، كل على حدة. حدة التنظير لا تقف عند حدود مواقف مسبقة معلنة من المرشحين تجاه قضايا شرق أوسطية بعينها، بل تمتد إلى درجة التكهن بسياسات هذا في مصر والمنطقة حال أصبح رئيساً، ومصير البلاد بمن فيها لو وصلت تلك إلى البيت الأبيض. البيت الأبيض الذي ينتظر سيداً جديداً - أو سيدة - يسكنه بعد أيام قليلة في اختتام انتخابات تشغل القاصي والداني، بات الحاضر الغائب في سياسات واقتصادات وجيوش وتوازنات مصالح ومصائر المنطقة التي هي في طور تحميل شرق أوسط جديد، ومصر ليست استثناء. مرجعية الأحاديث المحلية اعتقاد شعبي راسخ بأن كلينتون لعبت دور «الصدر الحنون الداعم لجماعة الإخوان» في مصر في أعقاب الثورة في العام 2011. وعلى رغم كره غالبية المصريين لتذرع الأنظمة المتعاقبة بتفسيرات عدة لنظرية المؤامرة لتبرير تقصير ما هنا أو تخلف ما هناك حيث العالم يتآمر علينا ويكيد لنا المكائد ويدبر ضدنا المغارز، فإن قطاعاً منهم اتخذ من نظرية المؤامرة وسيلة توضيحية ليشرح تحفظاً عن وصول كلينتون إلى كرسي الرئاسة. والطريف أن هذا الميل رُصد في الإعلام الأميركي على مدى الأسابيع القليلة الماضية غير مرة، «حيث تسود نظريات مؤامرة تعتبر السيدة كلينتون داعمة لجماعة الإخوان المسلمين ومن ثم عدوة للحكومة الحالية». بل أن هناك من يؤمن بأن القيادي الإخواني محمد مرسي فاز في انتخابات الرئاسة في العام 2012 بفعل ضغوط مارستها كلينتون. كلينتون التي يضعها قطاع من المصريين، خصوصاً من مؤيدي الحكم، في خانة دعم «الإخوان» ومساندتهم، لا سيما أنها منذ كانت وزيرة للخارجية أشارت إلى أن الجماعات والمجموعات السياسية التي تربط نفسها بالإسلام كتوجه أيديولوجي يجب أن تكون متضمنة في المشهد السياسي الفاعل. وتشهد على ذلك بقايا مخطوط «غرافيتي» معارض يعود إلى العام 2012 على أحد جدران حي غاردن سيتي حيث مقر السفارة الأميركية في القاهرة تقول كلماته: «قُل لكلينتون، قُل يا (مرشد «الإخوان» محمد) بديع، مصر بلدنا مش للبيع». بيع الإعلانات بين دقائق هواء الفضائيات المصرية المتابعة والمفندة لمجريات الانتخابات الأميركية خير دليل على رواجها وشعبيتها بين المصريين. بعض المحللين يكشف تحليله ميلاً إلى فوز ترامب باعتباره «كارهاً للجماعات الإسلامية»، وهنا يتم إغفال معاداته ليس فقط للجماعات الإسلامية ولكن للمسلمين برمتهم (ضمن إثنيات ومجموعات أخرى). آخرون يتمسكون بتلابيب كلينتون فهي «على الأقل محنكة سياسياً ولن تغامر بخسارة مصر كلياً في كفة المصالح الأميركية في المنطقة». فريق ثالث يذكر بتصريح القيادي «الإخواني» المحبوس حالياً عصام العريان، مذكراً الرئيس الحالي باراك أوباما عقب تجديد ولايته في انتخابات العام 2012 بأن «مصر والعالم في انتظار التغيير الذي وعد به»، وذلك على سبيل التحذير من الانجراف المصري المعتاد وراء تصريحات عاطفية هنا أو وعود وردية هناك. فلا كلينتون حبيبة الجماعة، ولا ترامب حبيب المصريين، بل كلاهما حبيب المصالح السياسية وحليف السياسات الأميركية، حتى وإن مال فريق مصري هنا أو جنح فريق آخر هناك أو بقي ثالث يمثل الغالبية متابعاً المناظرات منبهراً بالإجراءات، لكن على خلفية موسيقى «المهرجانات» وأغنية «الدنيا شمال».

مشاركة :