العد التنازلي يبدأ في الولايات المتحدة لاختيار الأميركيين رئيسهم المقبل أمام خيارين على طرفي نقيض، ترامب المثير للجدل وكلينتون بماضيها في وزارة الخارجية. العرب [نُشرفي2016/11/08، العدد: 10449، ص(7)] الصندوق سينصف من؟ يترقب الأميركيون والعالم، الثلاثاء، حسم الناخبين في الولايات المتحدة هوية الرئيس الـ45، لمدة 4 أعوام مقبلة، مع احتدام الصراع بين المرشحين للانتخابات، بعد أن خاض المتنافسان الرئيسيان هيلاري كلينتون ودونالد ترامب سباقا مع الزمن سعيا لاجتذاب المزيد من أصوات الناخبين. وتدفع جملة من الأسباب إلى التأثير على أصوات الناخبين الأميركيين، سواء المواطنين، أو المجمع الانتخابي، وهي التوجه الانتخابي، وفضائح المرشحين طوال الفترة الماضية، فضلا عن اللوبيات التي تمارس ضغوطا معتادة وهو ما قد يقلب موازين التصويت الانتخابي لولايات أميركية، اعتادت أو توقع المراقبون تصويتها لمرشح دون الآخر. ترامب يقترب من البيت الأبيض غير عابئ بالفضائح بيل تروت واشنطن – قلب دونالد ترامب التقاليد الديمقراطية الأميركية رأسا على عقب في رحلته التي بدأت قبل 17 شهرا للفوز بالرئاسة الأميركية، مستغلا في ذلك قدراته الفائقة على الترهيب والمبالغة وبراعته في التعامل مع وسائل الإعلام، والتي جعلت منه واحدا من أشهر رجال الأعمال في العالم. ومنذ أن أعلن ترامب خوضه سباق الرئاسة من خلال الحزب الجمهوري على المدخل المؤدي إلى السلم الكهربائي لبرج ترامب الفخم الذي يملكه، استطاع الجمع بين الحضور الآسر والنزوع لخوض المعارك وبين القدرة على مخاطبة النخبة والجماهير العريضة في آن واحد وبين فاحش الكلام والظهور بمظهر الورع. وتمثل الانتخابات التي يخوضها ترامب، الثلاثاء، في مواجهة هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي أول مرة يسعى فيها للفوز بمنصب عام. ووصف ترامب هذا السعي بأنه حركة لا حملة انتخابية. واجتذب ترامب أعدادا غفيرة من المتحمسين لمؤتمراته الجماهيرية التي هلل له الناس فيها لأنه “نطق بما يدور في أذهان الجميع" ووصمه منتقدوه بكراهية النساء وعدم الإلمام بمعلومات كافية عما يتحدث فيه وبالفظاظة والإتيان بتصرفات لا تليق برئيس وبالعنصرية والرياء وتهييج الجماهير والتحرش بالنساء. وهذه كلها اتهامات نفاها ترامب. 150 مليونا من أصل 230 مليون ناخب مسجل يتوقع أن يشاركوا في انتخاب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة الأميركية واستغرق ترامب (70 عاما) ما يزيد قليلا على عشرة أشهر في التغلب على 16 مرشحا آخرين ليصبح أول مرشح لأحد الحزبين الرئيسيين يخوض الانتخابات دون أن يمتلك أي خبرات حكومية منذ الجنرال دوايت أيزنهاور في الخمسينات. واجتذب ترامب عددا قياسيا من الأصوات في الانتخابات التمهيدية، لكنه أحدث في الوقت نفسه صدعا في الحزب الجمهوري. ثم التفت إلى كلينتون (69 عاما) في سباق انتخابي اتسم بصراعات كان من بينها اضطراب في أوساط العاملين في حملته الانتخابية واتهامات بالتحرش بنساء وزعمه الذي لم يتأكد قط أن كلينتون ووسائل الإعلام زورا الانتخابات لإبعاده. وصدم ترامب الكثيرين بقوله إنه قد لا يقبل نتيجة الانتخابات إذا انهزم مخالفا بذلك العرف الذي جرى عليه انتقال السلطة سلميا في الولايات المتحدة، كما قال إنه سيأمر بالتحقيق مع كلينتون بسبب أسلوب تعاملها مع رسائل البريد الإلكتروني إذا ما أصبح رئيسا وتعهد بسجنها. وأخذت حملته الانتخابية منحى شائنا في أكتوبر بنشر مقطع فيديو صور عام 2005 يقول فيه ترامب لصحافي تلفزيوني دون أن يدري أن ما يقوله يتم تسجيله إنه يحب تقبيل النساء دون أن يبدين استعدادهن لتقبل ذلك وإنه قد يمسك بعوراتهن دون أن يوجهن له أي اتهام لثرائه وشهرته. وقال ترامب إن هذه التعليقات مجرد ثرثرة عابرة ونفى ما تلا ذلك من اتهامات وجهتها له أكثر من عشر نساء قلن إنه تحسس أجسادهن أو تحرش بهن جنسيا. خلال الحملة الانتخابية وخاصة في كلمته في مؤتمر الحزب الجمهوري في يوليو الماضي، رسم ترامب صورة قاتمة للولايات المتحدة وقد جثت على ركبتيها أمام الصين والمكسيك وروسيا وتنظيم الدولة الإسلامية. وقال إن الحلم الأميركي انتهى إذ أخمدته مصالح خبيثة في عالم الأعمال والساسة الفاسدين وإنه وحده يمكنه أن يحيي هذا الحلم. وقال ترامب إنه سيجدد عظمة أميركا من خلال قوة شخصيته ومهاراته التفاوضية وبراعته في إدارة الأعمال. وطرح خططا غير واضحة للفوز بتنازلات اقتصادية من الصين ولبناء جدار على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لمنع تهريب المهاجرين وإرغام المكسيك على سداد قيمة بناء الجدار. وتعهد بإلغاء برنامج الرعاية الصحية “أوباما كير” وأن يكون في الوقت نفسه “أعظم رئيس في مجال الوظائف خلقه الله على الإطلاق”، كما اقترح منع مواطني دول الشرق الأوسط التي تشهد حروبا من دخول الولايات المتحدة فيما يمثل تعديلا لدعوته السابقة إلى حظر دخول المسلمين. وروج ترامب لنفسه باعتباره يمثل قصة النجاح المثلى. فقد كان يواعد الجميلات وتزوج ثلاثا منهن وكان له برنامج تلفزيون الواقع الخاص به وأقام ناطحات سحاب تحمل اسمه بحروف ذهبية كبيرة. وقال إن كل شيء في حياته كان الأعظم والأكبر والأفخر والأنجح وذلك رغم فإن الانتقادات انهالت عليه لما مر به من إفلاس وإخفاق نوادي القمار التي أنشأها في أتلانتيك سيتي بولاية نيوجيرزي، وما اعتبره منتقدوه تفاخرا أبداه في غير موضعه عند مواجهته بالدليل على أنه تهرب من دفع ضرائب. وحفل ترشيح ترامب بالمتناقضات، فبعد أن تعهد بإعادة ما نقل من وظائف للخارج إلى الولايات المتحدة ارتدى ملابس مصنوعة في الخارج واستخدم قبعات لحملته مصنوعة في الخارج أيضا. كما أن ترامب الذي شجب ما يجلبه المال من فساد في عالم السياسة تفاخر بأنه دفع مالا لشراء النفوذ لنفسه. ورغم استخدام عمالة غير مسجلة في بناء مشروعاته العقارية فقد تعهد وهو مرشح بإخراج المهاجرين غير الشرعيين من البلاد. وبدا أن تصرفات ترامب في حملة الدعاية الانتخابية تستفيد من خبراته في برنامج تلفزيون الواقع الذي كان يصيح فيه “أنت مفصول” مخاطبا المتنافسين الذين يفشلون في المسابقات مما كان يثير إعجاب الجمهور. وفي الكثير من الأحيان كانت خطاباته مرتجلة وكان يتفاخر فيها بكل شيء من أمواله إلى مستوى ذكائه. وحفلت خطبه بإعلانات مشكوك في مصادرها وبسوء الفهم والتصريحات الزائفة. هيلاري كلينتون.. على موعد مع التاريخ ويل دانام واشنطن – لدى هيلاري كلينتون مجموعة من أقوى المؤهلات التي تقدم بها مرشح لنيل منصب الرئيس الأميركي على الإطلاق. فقد كانت في يوم من الأيام السيدة الأولى وعضوا في مجلس الشيوخ ووزيرة للخارجية وواحدة من العالمين ببواطن الأمور في واشنطن تمتد خبرتها السياسية للعشرات من السنين، لكنها في الوقت نفسه شخصية اختلفت حولها الآراء. وإذا استطاعت كلينتون (69 عاما) مرشحة الحزب الديمقراطي الفوز على المرشح الجمهوري دونالد ترامب (70 عاما) في الانتخابات، الثلاثاء، فإنها ستصبح أول امرأة تنتخب لشغل منصب رئيس الولايات المتحدة بعد أن أصبحت أول امرأة تنتخب لشغل منصب عام وأول امرأة يرشحها أحد الحزبين الرئيسيين لمنصب الرئيس. جونسون وستاين.. المرشحان المنسيان في الانتخابات الأميركية واشنطن - جرت العادة في الانتخابات الرئاسية الأميركية أن تنحصر المنافسة فيها فقط بين مرشحي أكبر حزبين في البلاد الجمهوري والديمقراطي، واللذان يخطفان الأضواء شعبيا وإعلاميا، غير أن كثيرين من المتابعين يجهلون تواجد منافسين آخرين في السباق نحو البيت الأبيض. ففي الانتخابات التي تجرى اليوم الثلاثاء، يبقى المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، هما الأكثر حديثا في الولايات المتحدة، رغم خوض مرشح حزب الليبرتاري (التحرريين) غاري جونسون ومرشحة حزب الخضر جيل ستاين أيضا السباق الانتخابي. وكانت كلينتون فشلت في محاولتها الأولى عام 2008 للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي الذي اختار باراك أوباما حينذاك. وقد اتسمت الفترة التي ظهرت فيها كلينتون على الساحة السياسية الأميركية بالاستقطاب الحزبي الشديد والانقسامات الكبيرة في المجتمع الأميركي. وتتباين آراء الأميركيين تباينا كبيرا بشأن كلينتون. ويرى معجبوها أنها زعيمة حازمة قادرة بل وملهمة في بعض الأحيان تحملت مصاعب شديدة من خصومها السياسيين الساعين لإسقاطها. ويعتبرها منتقدوها شخصية عديمة الضمير وانتهازية متعطشة للسلطة. دخلت كلينتون سباق انتخابات 2016 باعتبارها صاحبة أفضل فرص للفوز بترشيح حزبها، غير أنها كانت شخصية من داخل المؤسسة الأميركية وصاحبة باع طويل من الخبرة السياسية وذلك في وقت كان الناخبون يتطلعون فيه في ما يبدو إلى شخصية من خارج المؤسسة. واستطاعت التغلب على تحد صعب على غير المتوقع من السناتور الأميركي بيرني ساندرز، الذي يصف نفسه بأنه اشتراكي ديمقراطي لتفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في يوليو الماضي. وعلى مدى العشرات من السنين، خاضت كلينتون معارك مع خصومها من المحافظين والجمهوريين وخرجت سالمة من صراعات كان من بينها ما دار حول عدم إخلاص زوجها بيل كلينتون ومحاولة فاشلة من جانب الجمهوريين لعزله من منصبه وتحقيقات في معاملات تجارية سابقة، وكذلك استخدامها جهاز خادم كمبيوتر خاص لرسائل البريد الإلكتروني وهي وزيرة للخارجية. ومن الأحداث الشهيرة أنها شكت في عام 1998 أثناء فترة رئاسة زوجها من “مؤامرة يمينية كبيرة“. ويؤيدها الكثير من الديمقراطيين لمناداتها بحقوق المرأة في الداخل والخارج وبالعدالة الاجتماعية وبإتاحة الرعاية الصحية، غير أن استطلاعات الرأي تظهر أن أغلبية من الناخبين الأميركيين لا يثقون بها. وفي مواجهة ترامب قطب صناعة العقارات صورت كلينتون ترشيحها كحصن لدرء خطر فريد على الديمقراطية الأميركية قالت إنه يمثله. وخلال الفترة التي شغلت فيها منصب وزيرة الخارجية في إدارة الرئيس أوباما من 2009 إلى 2013، تصدت للحرب الأهلية في كل من سوريا وليبيا والبرنامج النووي الإيراني ونفوذ الصين المتنامي وإصرار روسيا على تأكيد دورها وإنهاء حرب العراق والحرب في أفغانستان، بالإضافة إلى محاولة لم يكتب لها النجاح لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وكانت كلينتون مرشحة للرئاسة عندما استطاعت- خلال جلسة استماع صعبة في الكونغرس امتدت 11 ساعة في أكتوبر عام 2015- اتقاء انتقادات من الجمهوريين للطريقة التي تعاملت بها مع هجوم شنه متشددون في بنغازي بليبيا عام 2012 وقتل فيه السفير الأميركي. وتركزت تلك الجلسة وجلسة أخرى عقدت في يناير 2013 وهي لا تزال وزيرة للخارجية على اتهامات تسبب وزارة الخارجية في ثغرات أمنية كان لها دور في الهجوم. ودفعها ارتياب خصومها ووسائل الإعلام فيها منذ فترة طويلة إلى البقاء في حالة حذر. وقالت كلينتون في معرض قبولها ترشيح الحزب الديمقراطي هذا العام “الحقيقة طوال كل هذه السنوات من الخدمة العامة أن شق الخدمة أسهل دائما من الشق العام. وأتصور أن البعض من الناس لا يعرفون كيف يكونون رأيا في شخصي“. كلينتون في عيون مناصريها زعيمة حازمة قادرة بل وملهمة في بعض الأحيان تحملت مصاعب شديدة من خصومها السياسيين الساعين لإسقاطها وفي ذلك المؤتمر نفسه أشاد أوباما بسنوات خبرتها وقال “لم يحدث قط أن كان هناك شخص أكثر تأهيلا سواء كان رجلا أو امرأة ولا حتى أنا أو بيل من هيلاري كلينتون لشغل منصب رئيس الولايات المتحدة“. وقد اتهم الجمهوريون كلينتون بمخالفة القانون باستخدامها خادم الكمبيوتر الخاص لبريدها الإلكتروني وهي وزيرة للخارجية. وفي يوليو وصمها جيمس كومي مدير مكتب التحقيقات الاتحادي بالإهمال الشديد في تعاملها مع البريد الإلكتروني، غير أن وزارة العدل قبلت توصيته بعدم توجيه اتهامات جنائية إليها. وقالت كلينتون خلال مناظرة في 26 سبتمبر مع ترامب مشيرة إلى أن تعاملها مع البريد الإلكتروني كان “خطأ” تتحمل هي مسؤوليته “لو اضطررت إلى ذلك مرة أخرى فمن الواضح أنني سأفعل ذلك بشكل مختلف“. وتجدد الجدل مرة أخرى في 28 أكتوبر عندما أخطر كومي أعضاء الكونغرس الأميركي بأن مكتب التحقيقات الاتحادي يحقق في مجموعة جديدة من رسائل البريد الإلكتروني، غير أنه قال إن أهميتها غير واضحة. وانتهز ترامب ذلك فراح يهزأ بهيلاري “المحتالة” وقال إنه سيسعى لسجنها إذا ما فاز في الانتخابات وشجع أنصاره على ترديد هتاف “احبسوها”. وصورت كلينتون ترامب على أنه عنصري من دعاة الكراهية ومنحاز للرجال على حساب النساء ومتهرب من الضرائب ومعجب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولا يصلح لشغل منصب الرئيس والقائد العام للقوات المسلحة. :: اقرأ أيضاً المسيرة الخضراء من العيون إلى داكار: الصحراء قضية مغربية أفريقية العداقة لا تزال قائمة بين الشعوب العربية والولايات المتحدة
مشاركة :