«هايبرلوب-1» قطار بسرعة 1200 كم/‏س

  • 11/9/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: محمد هاني عطوي ويبدو أن موسك لم يكن أول من خطرت له مثل هذه الفكرة، فجميع أولئك الذين اقتربوا منها قبله فشلوا في تحقيق هذا الحلم. ففي بداية القرن العشرين تصور الأمريكي روبرت جودارد، أبو الصاروخ الفضائي مثل هذا القطار الذي يسير في الفراغ ويربط بوسطن بنيويورك خلال 10 دقائق، ولكن توقف الأمر عند هذا الحد. بعد ذلك ظهرت مشاريع مماثلة، ولكن متأخرة جداً، ففي العام 2012، ظهر التصميم الأمريكي لقطار ET3. لكن في كل مرة، كان ثمة تخبط، لأن الأمر يتطلب إنفاق الكثير من الطاقة، والكثير من المال. ولكن ماذا عن هايبرلوب؟ الواقع أنه بعد 3 سنوات من الإعلان عنه، تشير العديد من القرائن إلى أن هذا المشروع لن يأخذ بالضرورة نفس مسار المشاريع السابقة. فبعد أن أطلق إيلون موسك فكرته في العام 2013، تحرك هنا وهناك ودعا الأطراف المعنية إلى اغتنام هذه الفرصة، معلناً بنفسه انشغاله الكبير بمشاريع الفضاء. وفجأة، ظهر 3 منافسين، اثنان من أمريكا هما هايبرلوب-1، وهايبرلوب لتقنيات النقل - HTT والمنافس الكندي TransPod، فضلاً عن عدة مختبرات انبرت لتطوير المشروع. وفي غضون بضعة أشهر، شارك باحثون وشركات وجامعات ومؤسسات رائدة (إيرباص، وناسا، وبوينغ، ودويتشه بان، وMIT) في وضع تصوراتهم. وفي مايو/ أيار الماضي شاركت 9 شركات كبيرة، بما فيها الفرنسية SNCF، في رفع صندوق تمويل مشروع هايبرلوب-1 إلى 80 مليون دولار. ويبدو أن الأمر أخذ أخيراً منحى جدياً، ففي مطلع يونيو/ حزيران الماضي وفي المؤتمر العالمي للأبحاث الخاصة بالسكك الحديدية، ظهر هايبرلوب-1 وTransPod من بين المشارع الرئيسية واستحوذا على ما يبدو على اهتمام الشركات المهتمة بالسكك الحديدية، التي أخذت المشروعين على محمل الجد، على حد وصف جان بيير لوبينو، مدير الاتحاد الدولي للسكك الحديدية، الذي حضر المؤتمر. يشار إلى أن الشركات التي بدأت في المشروع أقنعت أيضاً العديد من الحكومات في العالم (روسيا وسلوفاكيا وكندا في الصدارة) ببدء دراسة ملموسة على أرض الواقع. وكعلامة لأهمية المشروع أجرت هايبرلوب-1 في صحراء نيفادا في مايو/ أيار الماضي أول اختبار ناجح لنظام الدفع، والذي تمكن من التسارع من 0 إلى 187 كم/ساعة في غضون 1.1 ثانية. ولا شك أن هذا النجاح كان بمثابة العلامة الفارقة لانطلاق المنافسة، فقبل نهاية العام الجاري، ستجري سلسلة كاملة من التجارب حول الأمر. ويعتقد لوبينو أن التفاؤل بالنسبة للشركات المعنية واضح جداً، فنحن اليوم نشهد ولادة فكرة تقنية جديدة وقابلة للتنفيذ من الناحية الفنية، كما يوضح سيباستيان جيندرون، مدير (TransPod). ويعتقد جيندرون أن الأمر لا علاقة له بالاندماج النووي ولا بمفاهيم جديدة من البحوث الأساسية، بل ينبغي علينا فقط مراجعة التكنولوجيات القائمة بالفعل، والتعلم من الإخفاقات السابقة للقطارات التي صممت لتسير في الفراغ، وتبني مشروع يأخذ بالاعتبار الحقائق على الأرض. والحقيقة أن مشروع إيلون موسك لا يتضمن وجود فراغ كامل في الأنبوب لأنه سيتطلب طاقة مكلفة جداً، ولكن يتضمن الأمر مجرد توفر ضغط منخفض جداً مع قيم تبلغ نحو 100 باسكال (أقل 1000 مرة من الضغط الجوي أي ما يعادل الضغط على ارتفاع 40 كيلومتراً فوق سطح الأرض)، وهذا ما يعمل فريق من الباحثين على اختباره حالياً وهو خيار له ميزة بإحداث شيء من الاحتكاك مع الكبسولات، ما يسمح لها بالتحرك بسرعة عالية جداً وبشكل أسهل مما لو حدث في فراغ تام. ومثال آخر على الحركة في الأنبوب اقترحه موسك ويتمثل بتحريك الكبسولات على وسادة تعمل بهواء مضغوط، ولكن بعد إجراء التجارب، تم التخلي عن هذه الفكرة، لأن الوسادة الهوائية لا تحافظ على نفس السماكة في جميع أنحاء الأنبوب، ولذلك، استبدل الهواء المضغوط بالمغناطيسات. من هذا المنطلق تتجه الشركات الثلاث نحو تقنيات الدفع والتسريع المماثلة لتلك المستخدمة في القطارات اليابانية المرتفعة مغناطيسياً وفائقة السرعة، وكانت التجارب الأولى التي أجريت في مايو على هايبرلوب-1 واعدة. والآن، هل نحن حقاً سنسافر يوماً ما في هذه الخطوط الجديدة من السكك الحديدية؟ يرى سيباستيان جيندرون أن هايبرلوب يأتي في وقت وصلت فيه القطارات إلى أقصى حدودها من حيث السرعة ويجب اختراع شيء آخر، يكون أقل تلويثاً من الطائرة، وهي طريقة لإعادة صياغة ما قاله قبل قرن من الزمان أحد رواد القطارات التي تسير في الفراغ وهو روبرت غودارد: كثيراً ما ثبت أن أحلام الأمس هي أمل اليوم وواقع الغد. لا عوائق تقنية الحقيقة أنه لم تزل هناك أسئلة عدة يتعين حلها، وذلك فيما يتعلق بأمن وإدارة الأعطال، لا سيما مخاطر انخفاض الضغط أو توقف الكبسولات، وهي على طول مسارها فضلاً عن فترة حياة المواد في ظروف الضغط المنخفض للغاية. وتجمع الآراء على أنه يوجد شيء لا يمكن التغلب عليه من الناحية الفنية، وإن أكبر عائق لن يكون بطبيعة الحال البراعة التكنولوجية، بل كيفية إقناع المناطق أو الحكومات بالاستثمار في بناء شبكة وبنية تحتية بهذا الحجم. ومن الناحية التقنية فإن الأنابيب يجب أن تنتشر على شبكات مستمرة وطويلة بما فيه الكفاية حتى يمكن تبرير هذه السرعة. ويوضح سيباستيان جيندرون، مدير (TransPod): حتى تكون عجلة التسارع محتملة ومماثلة لتلك التي يشعر بها المرء في مترو الأنفاق، فإنه ينبغي زيادة سرعة الكبسولات تدريجياً، فبعد قطع مسافة 50 كم على الأقل يمكن الانطلاق بسرعة للوصول إلى 1200 كم/س، فمثلاً يمكن ربط مونتريال بتورونتو بما يقل عن ساعة من الزمن بدلاً عن 6 ساعات حالياً. ديناميكية واعدة يبدو أن بعض الصناعيين غير المشاركين في المشروع بشكل أساسي متحمسون جداً. ويقول ماثيو دونان، نائب المدير العام المسؤول عن الابتكار في شركة سيسترا الفرنسية التابعة لـ SNCF RATP، المتخصصة في هندسة السكك الحديدية: عند رؤية هذا الزخم أو الديناميكية في تنفيذ هكذا مشروع، تقاربنا مع فرق العمل لنرى كيف نشارك في عدد من التطورات التقنية، ونحن في شراكة مع الأمريكي (هايبرلوب-1)، والتي لديها نهج عملي جداً. ويضيف دونان: سنعمل بشكل خاص على مسألة الأمان ونحن مقتنعون بأن هذا المشروع سيحقق النجاح، لأن المفهوم الجديد هو نقطة تحول على المستوى التكنولوجي الذي يجب ألا نفوته على الإطلاق. من كان يظن قبل 50 عاماً، أننا سنسيّر قطارات بسرعة تزيد على 500 كم/س؟ لقد نجحنا. وهايبرلوب، هو تحدٍ علمي هائل، وذو مصداقية.

مشاركة :