وسط أسوأ «عاصفة فضائح» في تاريخ البلاد، انطلقت - عصر أمس الثلاثاء- انتخابات الرئاسة الأمريكية الـ «٥٨» لاختيار الرئيس الـ «٤٥» للولايات المتحدة. وقام الناخبون بتحديد المجمع الانتخابى البالغ عدد أصواته ٥٣٨ صوتا لتحديد هوية ساكن البيت الأبيض الجديد ونائبه لمدة ٥ أعوام مقبلة من العام المقبل ٢٠١٧ إلى عام ٢٠٢١، حيث يتطلب الفوز الحصول على ٢٧٠ صوتا. وقد فازت المرشحة هيلاري كلينتون (69 عاما) على منافسها دونالد ترامب (70 عاما) بأربعة أصوات مقابل صوتين في بلدة ديكسفيل نوتش بولاية نيوهامشاير، في أول تصويت بانتخابات الرئاسة الأمريكية. وحصل المرشح المستقل غاري جونسون على صوت واحد، كما حظي ميت رومني المرشح الجمهوري بصوت واحد. يذكر أن 7 أشخاص فقط يحق لهم التصويت في البلدة الصغيرة التي اكتسبت شرف اطلاق كل انتخابات رئاسية بشكل رمزي منذ عام 1960. 4 أحزاب تخوض المنافسة وقد تقرر فتح مراكز الاقتراع فى الولايات الأمريكية الخمسين، فيما بين السادسة والسابعة صباحا، على أن تغلق أبوابها بين السابعة والثامنة مساء، وفقا للتوقيت المحلي الأمريكي، مما يعنى أن نتائج الانتخابات لن تبدأ فى الظهور إلا فى الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء. ويخوض السباق الانتخابي مرشحو ٤ أحزاب أخرى إلى جانب مرشحي الحزبين الكبيرين: هيلارى كلينتون عن الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب عن الحزب الجمهوري، وهم: الجامعية جيل ستاين عن حزب الخضر، جاري جونسون المحافظ الـ «٢٩» لولاية نيو مكسيكو عن الحزب الليبرتاري، رجل الأعمال روكي دي لافوينتي عن حزب الإصلاح، والمحامي داريل كاستيل عن حزب التأسيس. كما يخوض السباق أيضا مرشحان مستقلان هما: إيفان ماكمولين رئيس ما يسمى «المؤتمر الجمهورى لممثلي البيت الأبيض» ولورينس كوتليكوف أستاذ الاقتصاد بجامعة بوسطن. وفى اليوم الأخير، حصلت المرشحة هيلارى كلينتون على دفعة جديدة بعد إعلان مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف.بي.آي» أن التحقيق فى القضية المعروفة إعلاميا باسم «الرسائل الإلكترونية» لن تسفر عن توجيه أى تهم جنائية للمرشحة. وقال جيمس كومي مدير المكتب فى جلسة أمام الكونجرس الأمريكى: إن المحققين عملوا «على مدار الساعة» للانتهاء من مراجعة لرسائل بريد إلكترونى جديدة لم تغير ما توصل إليه المكتب سابقا بعدم وجود ما يبرر توجيه تهم لكلينتون بشأن استخدامها خادما خاصا لبريدها عندما كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية. ولم تعلق كلينتون على ما توصل إليه المكتب، حيث اكتفى بريان فالون المتحدث باسم حملة كلينتون بالقول: «كنا دائما على ثقة في أنه لا شيء سيؤدى إلى إعادة النظر فى قرار يوليو، والآن أكد المدير كومي ذلك» إلا أن ترامب أثار تساؤلات عن دقة التحقيقات الجديدة، قائلا: «هذه القضية لن تنتهي». وأضاف: إن «نظاما فاسدا يحمي المرشحة الديمقراطية. لقد قلت هذا منذ فترة طويلة، مؤكدا أنه «لا يمكن مراجعة ٦٥٠ ألف رسالة إلكترونية خلال ٨ أيام». عمليات الإقتراع على الرئيس الجديد للولايات المتحدة رحلات مكوكية وفي غضون ذلك، قضى كلا المرشحين - أمس الأول- في التجول بين مجموعة من الولايات الرئيسة التى يمكن أن تؤثر على نتائج الانتخابات، التى تشير نتائج استطلاعات الرأى إلى تقارب فى النتائج بينهما، وإن كانت تميل ناحية كلينتون. من جانبه، قام ترامب بزيارة ولايات فلوريدا وكارولاينا الشمالية وبنسلفينيا ونيوهامشر، فيما ختم جولته بتجمع حاشد فى وقت متأخر من الليل بولاية ميشيجن. أما كلينتون فقد زارت ولايتى بنسلفينيا وميشيجن، وحضرت تجمعا حاشدا فى المساء بقاعة الاستقلال فى فيلادلفيا مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما والسيدة الأولى ميشيل أوباما، قبل أن تختتم اليوم بتجمع حاشد فى كارولاينا الشمالية. ووفقا لأحدث استطلاعات الرأي، فإن كلينتون تتقدم على منافسها ترامب بفارق ٥ نقاط، حيث كشف الاستطلاع - الذى أجرته صحيفة «واشنطن بوست» وقناة «إيه.بي.سي» - أن كلينتون حصلت على نسبة ٤٨٪ مقابل ٤٣٪. ##الرقم السحري والناخبون لم يصوتوا أمس في انتخابات رئاسية فقط على كل الأراضي وإنما في 51 عملية اقتراع مصغرة في كل ولاية أمريكية وفي العاصمة الفيدرالية واشنطن، وتم عرضها الواحدة تلو الأخرى على الشاشة، هناك قرابة 12 ولاية رئيسة يمكن أن تغير معسكرها من جهة إلى أخرى، وتظهر تدريجياً على الخارطة الانتخابية التفاعلية للبلاد والملونة بالأحمر للجمهوريين والأزرق للديمقراطيين. وهذه الخارطة التفاعلية تعتمدها بشكل ثابت كل أربع سنوات محطات التلفزة التي تبث الأخبار على مدار الساعة ووسائل الإعلام التقليدية على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، لأنها تعطي صورة واضحة ساعة بعد ساعة طوال هذه الأمسية الانتخابية الطويلة عن ميزان القوى الجمهوري - الديمقراطي. ويجري التصويت بالاقتراع غير المباشر لأن المواطنين يختارون كبار الناخبين الذين سيختارون بدورهم في منتصف ديسمبر هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب، وعددهم 538 ناخباً بالإجمال، ويتفاوت عددهم حسب تعداد سكان الولاية. ويلعب الرقم «270» دوراً سحرياً لأنه يمثل الحد الأدنى من أصوات كبار الناخبين الذي يتعين الحصول عليه للوصول إلى البيت الأبيض، أي الغالبية المطلقة من 538 ناخباً كبيراً، وفي 48 ولاية جرت الانتخابات بالغالبية من دورة واحدة ما يعني أن المرشح الذي يتقدم على منافسه يفوز بكل أصوات كبار ناخبي الولاية. ##كلينتون أم ترامب في نهاية الليلة؟ وبطريقة فكاهية، أعطى نمرة ودب قطبي توقعات متباينة عن نتائج الانتخابات الأمريكية عندما طلب منهما الاختيار بين يقطينتين تمثل إحداهما المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، والأخرى المرشح الجمهوري دونالد ترامب. فاختارت النمرة يونونا ثمرة اليقطين (البطيخ) المحفور عليها صورة كلينتون، في حين اختار الدب القطبي فيليكس - بعد فترة تأمل- الثمرة التي تحمل اسم ترامب. وقالت حديقة حيوان روييف روتشي في كراسنويارسك التي أصدرت تسجيلاً مصوراً للاثنين: إن الحيوانين واجها اختيارا صعبا، إذ إن اليقطينتين كانتا معبَّأتين باللحم والسمك وكلاهما من الأكلات المفضلة لكل من يونونا وفيليكس. وقالت كلينتون: إن «الخيار واضح جدا»، ووصفت خصمها الجمهوري بأنه «خطر عام» وغير قادر على قيادة البلاد. أما ترامب فقد حضر خمسة مهرجانات في خمس ولايات، وبدأ بفلوريدا، ثم توجه إلى كارولاينا الشمالية ومنها إلى بنسلفنيا فنيوهامشير وأخيرا ميتشيجن دون أن يشاركه أي مشاهير. وقال خلال رالي في كارولاينا الشمالية: إن «عقدي مع الناخب الأمريكي يبدأ بخطة لوضع حد لفساد الحكومة واستعادة بلدنا من مجموعات الضغط»، وأضاف قطب العقارات الثري: «لست سياسيا وأقول ذلك بفخر»، وأضاف متوجها إلى مؤيديه: إن «مجموعي الوحيد للضغط هو انتم». وتابع ترامب: «حان الوقت لرفض وسائل الإعلام والنخب السياسية التي استنفدت بلدنا سنوات الخيانة ستنتهي»، متوقعا «يوما تاريخيا» سيكون «أقوى من بريكسيت بثلاث مرات»، في إشارة إلى القرار البريطاني بالخروج من الاتحاد الأوروبي الذي شكل هزة كبيرة. وتملك السيدة الأولى السابقة كلينتون - التي شغلت في الماضي منصب وزير الخارجية ومقعدا في مجلس الشيوخ أيضا - خبرة طويلة وعلاقات متينة وأموال ودعم حزبها. لكن كثيرين من الأميركيين لا يحبونها ويشككون في نزاهتها. وانتقل ترامب - الذي يتمتع بشخصية قوية ولم يؤخذ على محمل الجد في بداية الحملة- من أزمة إلى أخرى، لكنه تمكن من الخروج منها، وخلال الحملة تجاوز كل الأعراف السياسية، فقد كذب وشتم النساء والمكسيكيين والسود وهاجم منافسته بلا حدود. والنبأ السار لهيلاري هو أن مشاركة المتحدرين من أمريكا اللاتينية - الذين لم يغفروا لترامب تصريحات عن المكسيكيين الذين وصفهم باللصوص- تشهد على ما يبدو زيادة كبيرة في كارولاينا الشمالية وفلوريدا، حيث يمكن للناخبين التصويت في اقتراع مبكر، ويمكن أن يعوض ذلك عن بعض التردد لدى السود الذين يبدون اقل حماسا مما كانوا عند انتخاب باراك أوباما في 2012.
مشاركة :