انحاز العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى المؤسسة العسكرية والأمنية، مدرجاً إياها في مرتبة متقدمة على سلم أولويات الحكم في البلاد، دون أن يغفل تشبثه بالنهج الديمقراطي ودولة القانون. وقال الملك عبدالله الثاني، في «خطاب العرش» الذي افتتح به أعمال البرلمان الأردني، أمس الأول: إن «المؤسسة الأمنية والعسكرية تشكل سنداً رئيسيا للدولة»، مبدياً حرصه على دعمهما وتعزيزهما. وأشار عبدالله الثاني إلى دور الجيش الأردني والقوى الأمنية في تجنيب بلاده «قوى الظلام وخوارج العصر»، ومعتبرا أنها «نجحت في حماية الأردن» مما يشهده الإقليم. وحلت القضايا القومية والإسلامية المرتبة الثانية في خطاب العاهل الأردني، واعترف عبدالله الثاني بما يعترض بلاده من تحديات وتداعيات، دون أن يسميها. وفي القضايا المحلية، تجنب عبدالله الثاني -على غير العادة - الخوض في التفاصيل، بيد أنه تمسك بـ «النهج الديمقراطي»، و«عدم السماح بالمساس بحقوق وكرامة الأردنيين»، و«العمل على تعزيز سيادة القانون»، ورفع كفاءة «القضاء الأردني». وشدد على «مواصلة الإصلاح»، وقال: «مستمرون في الإصلاح الشامل، الذي يستجيب للمتغيرات والمستجدات، وضرورة التحديث والتطوير، بما يمكن الشباب من مستقبلهم». «خطاب العرش» جاء مقتضباً، على غير المعتاد في البروتوكول الملكي، في إيحاء بـ «انسحاب ملكي» من تفاصيل عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، لصالح تعظيم دورهما. واعتبر السياسي المخضرم د. ممدوح العبادي، وهو وزير وبرلماني سابق، أن «اختصار الملك خطاب العرش على بعض الخطوط العريضة يعكس توجها جديدا للحكم في تفعيل السلطتين التشريعية والتنفيذية». وقال العبادي، في حديث لـ «اليوم»،:إن العاهل الأردني دشن بخطابه «نهجا جديدا في أداء البرلمان والحكومة الأردنية»، معتبرا أن هذا النهج «يكرس دولة القانون والمؤسسات، ويتيح للسلطات العمل بكفاءة اكبر، خاصة خلال مناقشات بيان الثقة الحكومي». البرلمان الأردني، الذي بدا في الأشهر السابقة خاوياً، ظهر الإثنين، كخلية عمل في أقصى طاقتها الإنتاجية، فيما تنتظره ملفات شائكة، محلية وإقليمية، تشكل المحور الرئيس في النقاشات الشعبية والرسمية على حد سواء. وكان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي جرى له استقبال رسمي في باحة البرلمان، قد افتتح أمس الأول الإثنين، أعمال مجلس الأمة الثامن عشر، بغرفتيه النواب والأعيان، بعد أن أرجئ انعقاده منذ الانتخابات النيابية في سبتمبر الماضي. وفي تعليقه على دور مجلس النواب في السياسة الخارجية، أكد نائب رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، في حديث لـ «اليوم»، أن «استراتيجيات السياسة الخارجية الأردنية ستحافظ على استقرارها حيال أغلب الملفات». وقال الصفدي، وهو برلماني مخضرم،: إن «مجلس النواب يتحرك ضمن الخطوط العريضة للسياسة الخارجية، التي يرسمها القصر الأردني، وهي سياسة ثابتة وتستند إلى معايير المصلحة الوطنية والقومية والإسلامية، وتتخذ منحى معتدلا». وأشار الصفدي إلى ما أسماه «حقائق السياسة الخارجية الأردنية»، وقال:إنها «تتضمن الحفاظ على علاقات متميزة مع منظومة الدول الخليجية، التي تشكل - عملياً - السياق الطبيعي للأردن». واعتبر النائب الصفدي أن «المشهد الإقليمي» يلقي بـ «ظلال قاتمة» على الإقليم برمته، لافتا إلى أن «إيران باتت دولة حدودية للأردن»، قاصدا بذلك اختطافها للعراق وسوريا. ورأى الصفدي أن «توثيق علاقات الأردن بامتداده الخليجي هو الضمانة الرئيسية للنظام الرسمي العربي المعتدل»، مؤكداً «مساندة مجلس النواب لعلاقات متقدمة مع دول مجلس التعاون الخليجي». وأكد الصفدي على «عمق العلاقات الأردنية - السعودية، ومساندتها في المواجهة المفتوحة مع المشروع الفارسي في المنطقة». ودعا النائب الصفدي إلى «توثيق عرى العلاقات بين البرلمانيين الأردنيين والسعوديين»، مشيرا إلى أهمية ذلك في «تعزيز العلاقات الرسمية والشعبية». وترأس النائب فوزي طعيمة أولى جلسات مجلس النواب، بوصفه النائب الأكبر سنا، قبيل إجراء الانتخابات الداخلية لما يعرف بـ «المكتب الدائم»، التي تضمن انتخاب رئيس لمجلس النواب.
مشاركة :