نتانياهو يتعرض لحملة انتقادات واسعة لهجومه العنيف على وسائل الإعلام

  • 11/9/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

«رئيس الحكومة فقد صوابه. ضل الطريق»، «إنه مصاب بهوَس ملاحقة الإعلام له»، «إنه محرِّض يهدر دم كل صحافي يجرؤ على انتقاده»، «إنه يعاني أزمة نفسية»، «ويلٌ لنا من رئيس حكومة يعتبر الدولة رهينة بين يديه» - هذا سيل من فيض ردود الفعل على الرسالة العنيفة التي وجَّهها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو مساء أول من أمس للإعلامية البارزة ايلانه ديان التي تجرأت وبثّت عبر برنامجها الشهير «عوفدا – حقيقة» في القناة الثانية تحقيقاً صحافياً يؤكد أن زوجة رئيس الحكومة، سارة تتدخل في أمور لا تعنيها وفي شؤون الدولة وحتى في التعيينات لأكثر المناصب حساسية. واعتمد التحقيق على إفادات حية من أشخاص عملوا حتى الأمس القريب في مكتب رئيس الحكومة وغادروا مناصبهم إنما بقرار إقالة أو أنهم هربوا بعدما لم يحتملوا «جنونيات» رئيس الحكومة و/ أو زوجته وفق توصيفهم. وبين هؤلاء المستشار السياسي والأمني السابق البروفيسور عوزي أراد ورئيس هيئة الإعلام يوعاز هندل والمستشارة لشؤون مكانة المرأة فيرد سويد التي غصّت بالبكاء وارتجف صوتها وهي تروي المضايقات التي تعرضت لها من «السيدة الأولى». ولم يتردد الثلاثة وغيرهم من شخصيات رفيعة فضل بعضها عدم الظهور أمام الشاشة في التأكيد بأن «ساره أقحمت أنفها في أمور لا تعنيها وشاركت في جلسات مصنفة سرية وتدخلت في تعيينات بالغة الأهمية». وبين الأمثلة الكثيرة على تدخلها، قيامها بإلغاء زيارة لزوجها ووزراء في حكومته لألمانيا عام 2009 بذريعة لا أساس لها أن رئيس الحكومة مريض، «ولا نعرف حتى اليوم دافعها الحقيقي لإلغاء الزيارة» كما جاء في الإفادات. وحرصت معدّة التحقيق، التي تعتبر من أبرز الإعلاميين في إسرائيل مهنيةً وجرأةً وتقوم ببرنامج التحقيقات الذي يحظى بأوسع مشاهدة منذ 21 عاماً، على تضمين التحقيق إفادات أخرى لمستشار آخر للأمن القومي نفى هذه الاتهامات لرئيس الحكومة وزوجته. وتوجهت لمكتب نتانياهو بطلب الرد والتعقيب على 32 سؤالاً وادعاءً وردت في التحقيق، إلا أن المكتب تحدى الصحافية بأن تقرأ الرد كاملاً ففعلت ذلك واستغرقت قراءته (680 كلمة) ست دقائق كاملة لم يرِد فيه أي رد على أي من الأسئلة إنما كان هجوماً منفلتاً على الصحافية اتهمها بأنها «يسارية متطرفة» و «تعادي جنود الجيش وتتهمهم بقتل أطفال فلسطينيين» وتعتبر الاستيطان في الضفة الغربية «سرقة أراضٍ» و «تحابي رئيس السلطة الفلسطينية» و «تسعى لإسقاط اليمين عن الحكم»، و «تفتقر إلى الاستقامة الشخصية»، وأن التحقيق الذي تنشره ليس سوى «تكرار للنميمة الرخيصة». لكن ما لفت انتباه السياسيين والإعلاميين اتهام نتانياهو «وسائل إعلامية مركزية بأنها منفلتة في الدعاية ضد رئيس الحكومة وحكومة اليمين. وما التحقيق الذي تبثه ديان سوى تأكيد وجوب إجراء خطة إصلاح شاملة في سوق الإعلام. ورئيس الحكومة يصر على فتح هذه السوق أمام آراء متنوعة أخرى». وربط مراقبون هذه الكلمات بالحرب التي يخوضها نتانياهو منذ عامين، ومن خلال إمساكه بحقيبة الاتصال، على وسائل إعلام مركزية في مقدمها صحيفة «هآرتس» الليبرالية و «القناة العاشرة» في التلفزيون الإسرائيلي التي كشفت عدداً من القضايا التي يشتبه بها نتانياهو في ارتكاب مخالفات جنائية. كذلك معركته ضد «هيئة البث العام» الجديدة وسعيه لإغلاقها بداعي أن من فاز بمناقصة إدارتها والعمل فيها يساريون. ومع انتهاء بث التحقيق، انشغلت الساحتان الحزبية والإعلامية برد نتانياهو وليس بما ورد في التحقيق الذي لم يضف في واقع الأمر كثيراً، إذ إن الشبهات الواردة باتت معروفة للجميع، لكن الجديد المهم فيه أن الاتهامات جاءت مباشرة بالصوت والصورة على لسان شخصيات رفيعة عملت في مكتب نتانياهو واطلعت على «خفايا» كثيرة. واعتبر سياسيون وإعلاميون رسالة نتانياهو ضد ديان «حملةً للقضاء عليها وعلى كل من يجرؤ على انتقاده أو زوجته. لقد تم وضع اسمها على القائمة السوداء». وراح البعض إلى أبعد من ذلك واعتبر التهجم الشخصي العنيف على الإعلامية المرموقة «هدراً لدمها». واعتبر زعيم المعارضة اسحاق هرتسوغ رد نتانياهو «تحريضاً ما بعده تحريض. إنه التحريض ذاته والكراهية ذاتها والقائد ذاته». وأضافت زميلته من «المعسكر الصهيوني» النائب شيلي يحيموفتش أن ما حصل هو «من أصعب ما تمر به حرية التعبير في تاريخ إسرائيل». ووصف رئيس كتلة «يش عتيد» المعارِض النائب عوفر شيلح رئيس الحكومة بـ «محرض ومهووس. ربما يحتاج إلى مصح نفسي». ولم يتردد رئيس الحكومة السابق ايهود باراك في القول: «نتانياهو فقد صوابه واختلط عليه عقله. أخصائيو علم النفس سيقولون إنه مريض نفسي». وكتب أحد المعلقين البارزين أن التحقيق لن يمس بشعبية نتانياهو في أوساط اليمين «الذي يتلذذ في كل مرة يشن نتانياهو أو أي قطب يميني آخر هجوماً على الإعلام، أو الجهاز القضائي»، لافتاً إلى أن وزراء ونواب وزراء قلائل «سارعوا للدفاع عن نتانياهو تملقاً وخوفاً» فيما اتخذ آخرون موقف المتفرج. واعتبر يوسي فرطر (هآرتس) أن نتانياهو «يفقد صوابه ويكاد يبدو كمن مسّه الجنون. إنه يشعر بانفصام في الشخصية، بمزاج متقلب. اعتقدنا مرة أنها مشكلة زوجة رئيس الحكومة لكن يبدو أن الوباء انتشر في مقر رئاسة الحكومة».

مشاركة :