محمد إقبال: الشاعر الذي دعا إلى تجديد الإسلام

  • 11/10/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

رفض محمد إقبال، الشاعر والمفكّر الهندي، فكرة مفادها أن الزمن تجاوز الدين وأنه لم يعد للدين مكان في عصر العقل. لكنّه طرح مفاهيم تخرج الإسلام والمسلمين من التحجّر، ودعا إلى التعامل مع العلوم الحديثة باحترام، لكن انطلاقاً من موقف مستقل. من هو محمد إقبال؟ ولد محمد إقبال في 9 نوفمبر عام 1877 لعائلة من صغار التجار في سيالكوت بالبنجاب في الهند البريطانية، وتوفي في 21 إبريل 1938 في لاهور ( اكستان الحالية)، وهو شاعر وفيلسوف وسياسي عرف بدوره في الدعوة لقيام دولة منفصلة لمسلمي الهند، وحصل على لقب سير عام 1922. تلقى إقبال دراسته في لاهور وواصلها في أوروبا بين عامي 1905 و1908 حتى حصل على شهادة في الفلسفة من جامعة كامبريدج، وتأهل كمحامٍ في لندن، ثم حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ميونيخ عن أطروحته "تطور ما وراء الطبيعة في بلاد فارس". وبعد عودته من أوروبا عمل بالقانون واكتسب شهرته من أشعاره باللغتين الأردية والفارسية، وكان قبل سفره لأوروبا يؤكد في شعره على القومية الهندية، لكنه غيّر موقفه خلال وجوده في أوروبا، إذ وجد أن القومية السياسية تؤدي إلى الفاشية المدمرة والإمبريالية. دوره السياسي وفي عام 1910 ألقى إقبال خطاباً في أليغار تحت عنوان "الإسلام كنموذج اجتماعي سياسي" كشف فيه عن توجهه الجديد صوب القومية الثقافية، والذي عبر عنه في أشعار تشيد بأمجاد الإسلام الغابرة. وبين عامي 1928 و1929 ألقى سلسلة محاضرات عن تجديد التفكير الديني في الإسلام بجامعات مادرس وحيدراباد جمعها في كتاب استهدف إعادة النظر في المشاكل الإسلامية الأساسـية في ضـوء مستجدات العصر، وقد مثلت جهوده في هذا المجال إحياء للفلسفة الإسلامية. وخلال الفترة التي كان يلقي بها محاضراته، بدأ في العمل مع العصبة الإسلامية، وهي حركة سياسية تأسست للدفاع عن مسلمي الهند. وفي الاجتماع السنوي للعصبة بمدينة الله آباد عام 1930 والذي كان تحت رئاسته، ألقى خطابه الشهير الذي دعا فيه لإقامة دولة منفصلة للمسلمين في شمال غرب الهند. وقال في خطابه: "أطالب بتشكيل دولة للمسلمين في الهند، لمصلحة كل من الهند والإسلام. فبالنسبة للهند سيتحقق لها السلام والأمن نتيجة توازن السلطة الداخلي، وبالنسبة للإسلام فإن هذه الدولة فرصة للخلاص من بصمة الإمبريالية العربية التي فرضت عليه، فرصة للإسلام كي يحرك شريعته وتعاليمه وثقافته لتكون أقرب لجذوره الروحية ولروح الزمن المعاصر". أقوال جاهزة شارك غردمحمد إقبال، الشاعر الذي طرح مفاهيم تخرج الإسلام والمسلمين من التحجّر، وغنت أم كلثوم إحدى قصائده شارك غردرفض محمد إقبال فكرة أن الزمن تجاوز الدين، واعتبره ضرورة، ولكين ليس كما يقدمه لنا رجال الدين، أو تجّاره وبعد فترة طويلة من المرض توفي إقبال في إبريل عام 1938 ودفن في لاهور، وعقب ذلك بعامين صوتت العصبة الإسلامية لفكرة تأسيس باكستان التي تحولت إلى واقع عام 1947، وتم اعتبار إقبال أبا باكستان ويحتفل الباكستانيون سنوياً بيوم إقبال في ذكرى ميلاده. وذكر موقع مؤسسة البحوث الإسلامية أن إقبال لعب دورا كبيراً في إحياء الإسلام ثقافياً وسياسياً بعد انهيار الخلافة العثمانية وخضوع العديد من الأقطار الإسلامية للاستعمار الغربي عقب الحرب العالمية الأولى. فما هي المحاور التي تناولتها دعوة إقبال في تجديد التفكير الديني في الإسلام؟ الدين ضرورة رفض محمد إقبال فكرة أن الزمن تجاوز الدين الذي لا مكان له في عصر الفلسفة التي هي مرحلة العقل. وفي هذا الإطار طرح في مقدمة كتابه "تجديد التفكير الديني في الإسلام" أسئلة عديدة من قبيل "ما هي طبيعة الكون الذي نعيش فيه؟ وكيف نكون بالنسبة إليه؟ وأي مكان نشغل فيه؟ وما نوع السلوك الذي يتفق وهذا المكان الذي نشغله، هذه مسائل مشتركة بين الدين والفلسفة والشعر العالي الرفيع. فهل يمكن أن نستخدم في مباحث الدين المنهج العقلي البحت للفلسفة؟". وقال إقبال: "إن روح الفلسفة هي روح البحث الحر تضع كل سند موضع الشك وقد ينتهي بحثها إلى الإنكار اما جوهر الدين فهو الايمان والإيمان كالطائر يعرف طريقه الخالي من المعالم غير مسترشد بالعقل. وفي هذا يقول شاعر الاسلام الصوفي العظيم (لم يصرح باسمه ويعتقد أنه يقصد جلال الدين الرومي) إن العقل يترصد قلب الإنسان النابض ويحرمه من الحياة الكامنة فيه". وأوضح: "الإيمان في حقيقته يشبه رضا النفس عن علم ومعرفة، والدين من حيث أنه عقيدة، فهو نظام أو مجموعة من الحقائق العامة ذات تأثير في تكييف الخلق، إذا صدق الاعتقاد بها، وفهمت فهماً واضحاً قوياً". الأصالة والمعاصرة دعا محمد إقبال إلى تجديد التفكير الديني الذي عانى من قرون من التحجر، ولكنه في الوقت نفسه أكد على ضرورة احترام الماضي. قال إقبال: "المهمة المطروحة على المسلم المعاصر ذات حجم لا متناهٍ. عليه أن يعيد التفكير في مجمل النظام الإسلامي دون أن يقطع كلياً مع الماضي". وتابع: "إن الطريق الوحيدة أمامنا تتمثل في التعامل مع العلوم الحديثة باحترام لكن بموقف مستقل مع ذلك، وتقدير التعاليم الإسلامية على ضوء ما تمنحه هذه العلوم من إنارات". كما قال:" ليس هناك من شعب يستطيع أن يسمح لنفسه بالتنكر كلياً إلى ماضيه، ذلك أن ماضيه هو الذي شكل معالم شخصيته. وفي مجتمع كالمجتمع الإسلامي تغدو مراجعة المؤسسات القديمة أمراً أكثر دقة وتعقيداً، ويكتسي الوعي بالمسؤولية لدى المصلح هنا أهمية قصوى". وأضاف :"أبرز ظاهرة في التاريخ الحديث هي السرعة الكبيرة التي ينزح بها المسلمون في حياتهم الروحية نحو الغرب. ولا غبار على هذا المنزع، فإن الثقافة الأوروبية في جانبها العقلي ليست إلا ازدهاراً لبعض الجوانب الهامة في ثقافة الإسلام. وكل ما نخشاه هو أن المظهر الخارجي البراق للثقافة الأوروبية قد يشل تقدمنا، فنعجز عن بلوغ كنهها وحقيقتها". وأكد إقبال:" لا بد أن يصاحب يقظة الإسلام تمحيص بروح مستقلة لنتائج الفكر الأوروبي، وكشف عن المدى الذي تستطيع به النتائج التي وصلت إليها أوروبا أن تعيننا في إعادة بناء التفكير الديني في الإسلام". أكمل القراءة الإسلام دين عمل ولفت محمد إقبال إلى أن الإسلام دين عمل وحياة، لذلك وجه انتقادات للصوفية التي تتجاهل ذلك، وفي كتاب "محمد إقبال سيرته وفلسفته وشعره"، لعبد الوهاب عزام، وردت رسائل لإقبال قال فيها: "بفطرتي وتربيتي أنزع إلى التصوف وقد زادتني فلسفة أوروبا نزوعاً إليه، فهي تتجه في جملتها إلى وحدة الوجود، ولكن تدبر القرآن المجيد ومطالعة تاريخ الإسلام بإمعان أشعراني بغلطي ومن أجل القرآن عدلت عن أفكاري الأولى وجاهدت ميلي الفطري". وكتب :"الرهبانية ظهرت في كل أمة وعملت على إبطال الشريعة والقانون، والإسلام في حقيقته هو دعوة لاستنكار الرهبانية والتصوف الذي ظهر بين المسلمين وأعني التصوف الإيراني الذي أخذ من رهبانية كل أمة، وحالة السكر - في اصطلاح الصوفية - تنافر الاسلام وقوانين الحياة، والرسول صلى الله عليه سلم كان يسعى لإنشاء أمة صاحية". القدر هو الزمن رفض إقبال الفكر الاتكالي في مسألة القضاء والقدر مؤكداً أن القدر هو الزمن، وقال في هذا الصدد:" "إن الزمن ككلية عضوية هو ما يعنيه القرآن بعبارة القدر، عبارة غالباً ما تم تأويلها على وجه الخطأ سواء داخل العالم الإسلامي أو خارجه. والقدر ليس شيئاً آخر غير الزمن منظوراً إليه في ما قبل انكشاف إمكانياته المتعددة، وإن قدر شيء ما ليس قضاء ثابتاً متحجراً يفعل فعله من الخارج مثل مُربٍّ صارم متعال، بل هو المدى الداخلي لشيء ما ومجمل إمكانياته القابلة للتحقق، وإذا ما كان الزمن شيئاً واقعياً، فإن كل لحظة من لحظات الحياة الواقعية ستكون أصيلة إذن وتتمخض عما هو جديد حقاً وغير متوقع سلفاً". وأضاف:" وفي القرآن يرد ما معناه أن الله له في خلقه في كل يوم شأن جديد. فالوجود داخل الزمن الواقعي يعني إعادة خلق الزمن في كل لحظة، وأن يكون المبدع حراً حرية مطلقة وأصيلاً في خلقه. والكون في مجمله عبارة عن حركة إبداع متحررة من كل القيود". مع أم كلثوم في كتابه "محمد إقبال سيرته وفلسفته وشعره" تحدث عبد الوهاب عزام عن إقبال الشاعر، فقال إنه نظم 9 دواوين، صدرت منها ثمانية في حياته والأخير صدر بعد وفاته. وكان ينظم الشعر باللغتين الأردية والفارسية. ومن دواوينه "بانك در" باللغة الأردية ويعني "صلصلة الجرس"، و"أسرار خودي ورموز بي خودي" بالفارسية ويعني "أسرار الذاتية ورموز نفي الذاتية"، و"بيام مشرق" بالفارسية أي "بيان المشرق". تقول صحيفة الحياة في عددها الصادر بتاريخ اول مايو 2015 إنه أتيح ذات مرة لكوكب الشرق أم كلثوم الاطلاع على ترجمة الشيخ الصاوي شعلان لقصيدة حديث الروح من ديوان "صلصلة جرس" فتعجبت من قدرة شعلان على جعل شعر مترجم وكأنه من بنات أفكاره. من القصيدة: حديث الروح للأرواح يسري وتدركه القلوب بلا عناد هتفت به فطار بلا جناح وشق أنينه صدر الفضاء ومعدنه ترابي ولكن جرت في لفظه لغة السماء لقد فاضت دموع العشق مني حديثاً كان علوي النداء فحلق في ربا الأفلاك حتى أهاج العالم الأعلى بكائي اقرأ أيضاً "أنصاف أنبياء" سبقوا نبي الإسلام في الجزيرة العربية تراثنا الإسلامي بين القمع والتسامح تمجيد الحروب في تاريخنا الإسلامي، كيف نقرؤه اليوم؟ كلمات مفتاحية العالم العربي ثقافة التعليقات

مشاركة :