خلايا جذعية تعيد بناء أنسجة الدماغ

  • 11/10/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يكشف التصوير في البيئة الحيوية كيفية نمو خلايا دماغ جنينية مزروعة، واتصالها، ونضوجها لتتحول إلى عناصر نشطة في مسارات بصرية متضررة في حالة فئران بالغة. تستطيع الخلايا العصبية الجنينية المزروعة الاتصال معاً لتتحول إلى قشرة بصرية متطورة في حالة فئران بالغة، فضلاً عن أنها تحسّن حساسية هذه الحيوانات تجاه الإشارات البصرية بمرور الوقت، حسبما أفادت مجموعة من العلماء في مجلة Nature. بعدما برهن فريق العلماء هذا أن الخلايا العصبية المضافة قد تصبح ناشطة بالكامل في دارات لا يمكن إعادة وصلها في سن البلوغ، تشير النتائج التي توصل إليها إلى أن الدماغ أكثر مرونة مما اعتقدنا سابقاً. يذكر أفسانه غايار، عالم أعصاب من المعهد الوطني الفرنسي للصحة والأبحاث الطبية في جامعة بواتييه بفرنسا لم يشارك في الدراسة: «هذه أول مرة يُظهر فيها باحثون أننا نستطيع رؤية عملية نضوج خلايا عصبية مزروعة واندماجها في بيئة حيوية وتحليلها على مستوى خلايا فردية». في البداية، أرادت ماغدالينا غوتز، عالِمة من جامعة لودفيغ-ماكسيميليانز ومعهد أبحاث الخلايا الجذعية في مركز هيلمهولتز بميونخ، أن تدرس قدرة خلايا الفأرة العصبية الجديدة (المبتكرة بواسطة عملية إعادة البرمجة العصبية المباشرة، وهي تقنية طورها فريقها بغية تحويل الخلايا الدبقية إلى خلايا عصبية) على الاندماج في دارات الدماغ البالغ. وبما أن لا أحد راقب من قبل وظائف خلايا عصبية مزروعة في الدماغ وقدرتها على التواصل على مستوى واسع، عملت هذه الباحثة وفريقها على تحديد المستوى الأساسي الذي يحتاجون إليه لتقييم عملية زراعة خلاياهم العصبية المعادة برمجتها بغية دراسة عمليات الزراعة الجنينية. اقتطع الباحثون خلايا عصبية من الجزء العلوي من القشرة البصرية (منطقة من الدماغ يعرف العلماء جيداً وظائفها وطريقة تواصلها) في دماغ فئران بالغة، وزرعوا فيها خلايا عصبية من قشرة جنينية. استخدم الباحثون بعد ذلك مجهراً ثنائي الفوتونات لتتبع تطور الخلايا العصبية المزروعة بمرور الوقت. فراقبوها وهي تتحوّل إلى خلايا عصبية هرمية بالغة خلال فترة شهر، متبعةً نمط النضوج عينه الذي لاحظوه مسبقاً أثناء نمو الدماغ الطبيعي. خريطة الوصلات تحقق الفريق أيضاً من خريطة الوصلات الشاملة للخلايا المضافة. فحدد مناطق الدماغ التي مدت خلايا عصبية لتتصل بالخلايا المزروعة، وقاس مقدار قوة الوصلات (معدل الخلايا العصبية الجديدة إلى الخلايا العصبية التي اتصلت بالخلايا المزروعة من منطقة محددة من الدماغ). وعندما قارن الباحثون قوة وصلات عدد مماثل من الخلايا العصبية غير المزروعة في التجارب المضبوطة بقوتها في الخلايا العصبية المزروعة، اكتشفوا أنها متشابهة، ما يشير إلى أن الخلايا المزروعة لم تتخذ الشكل الصحيح فحسب، بل اكتسبت أيضاً الروابط الوظيفية الصحيحة التي تجمعها بأجزاء أخرى من الدماغ، متفاديةً في الوقت عينه الاتصال بمجموعة خاطئة من الخلايا العصبية. وكان من الممكن تجنّب عدد أكبر من الحالات التي بنت خلالها الخلايا العصبية وصلات خاطئة باستخدام مجموعة أكثر تخصصاً من الخلايا البصرية في عملية الزرع، وفق غايار. حوافز بصرية يؤكد أندريس بيوركلوند، خبير متخصص في علم الأعصاب الحيوية في جامعة لوند في السويد لم يشارك في الدراسة، أن «هذا التحليل المفصّل لوصلات الخلايا المزروعة يشكّل عموماً خطوة نحو الأمام» في سلسلة طويلة من الدراسات التي تتناول عمليات الزراعة العصبية بعد التعرض لإصابة في الدماغ. بعد الاكتشافات المذهلة التي توصل إليها هذا الفريق بشأن الوصلات العصبية، درست غوتز وزميلها مارك هوبينر من معهد ماكس بلانك لعلم الأعصاب الحيوية وظائف الخلايا العصبية التي اندمجت أخيراً بالدماغ. فاكتشفا أن الخلايا العصبية المزروعة تتفاعل مع الحوافز البصرية التي تتعرض لها الحيوانات، مثل الأنماط المخططة. وبحلول الأسبوع التاسع بعد عملية الزرع، لاحظ هذان الباحثان أن الخلايا تتفاعل بثبات وبقوة أكبر مع الخطوط التي تسلك اتجاهات معينة، مقارنة بغيرها من الاتجاهات، تماماً على غرار الخلايا العصبية النامية. نتيجة لذلك، استخلصا أن وظائف هذه الخلايا العصبية «ضُبطت بدقة أكبر» بمرور الوقت. بعدما برهن العلماء اليوم على أن الخلايا العصبية الجنينية المزروعة تندمج في دارات دماغ بالغ، يخططون للعودة إلى السؤال: هل تستطيع أنواع أخرى من خلايا الدماغ، مثل خلاياهم العصبية المباشرة المعادة برمجتها، تحقيق الإنجاز عينه؟ يأمل غايار أن تُثبت اكتشافاتهم هذه باستخدام خلايا عصبية مستمدة من خلايا جذعية بصرية أو حيوانات تملك دماغاً أكبر حيث تُضطر الخلايا العصبية إلى اجتياز مسافة أكبر لإقامة الروابط. يشير بيوركلوند أيضاً إلى أنهم لم يتوصلوا بعد إلى فهم كيفية اندماج هذه الخلايا العصبية المزروعة في الدارات البالغة. زراعة الخلايا يبقى الهدف الأهم التوصل إلى زراعة الخلايا العصبية في البشر. ولتحقيق هذه الغاية، يدرس فريق غوتز راهناً ما إذا كانت الخلايا العصبية المزروعة تستطيع إصلاح إصابات أكثر خطورة، مثل السكتة الدماغية أو إصابة الدماغ الرضية. أخبرت غوتز مجلة The Scientist: «عندما تموت الخلايا، لا يتوافر راهناً أي علاج لاستعادتها. ولكن مما لا شك فيه أن هذه المقاربات ستُستخدم سريرياً في المستقبل».

مشاركة :