يرجع تاريخ الاحتياطيات الأجنبية إلى تاريخ نشأة التجارة الدولية. فعمل الاحتياطيات الأجنبية هو توفير القوة الشرائية الدولية. فيقودنا هذا إلى ارتباط الاحتياطيات الأجنبية بالتبادلات التجارية بين الدول. والتغير في هذه الاحتياطيات هو الفائض أو العجز من هذه التبادلات الدولية التي يمثلها ميزان المدفوعات. مع انهيار نظام الربط بالدولار، زال دور الاحتياطيات الأجنبية، وأصبحت السوق المحلية أو السوق الدولية هي من يحدد قوة العملات الشرائية. والسوق بائع وشارٍ وسلعة وثمن. فالبائع سواء أكان محليا او دوليا هو صاحب سلعة يريد استبدالها بثمن له قوة شرائية ثابتة نسبياً. إذا فندرة العملة أو كثرتها هو من يحدد قيمتها الشرائية بالنسبة للسلع الأخرى وبالنسبة للعملات الدولية الأخرى. ونخلص هنا أن الدولة التي لا تنتج سلعا تصدرها للدول الأخرى، ليس لعملتها قيمة في السوق الدولية. والسلع المتجانسة والمتوافرة في عدة دول -كالنفط والأرز والذهب- تتبع قانون الاحتكار الطبيعي في تبني عملة دولية كثمن لها من أجل تقليل الكلفة التبادلية. ونظام الربط بعملة دولية هو أمر إجباري لا اختياري للدولة التي لا تصدر سلعاً غير متجانسة. كدول النفط ، التي ليس لعملاتها قيمة في السوق الدولية لانعدام الطلب عليها، لعدم وجود سلع محلية غير متجانسة. ومادام هناك ربط جبري للعملة المحلية بغيرها، فإن هذا يتبعه جبر حتمي للاحتياطيات الأجنبية لحاجة هذه الدول لشراء السلع العالمية. والبنك المركزي هو بنك الحكومة والبنوك، وله دوران أساسيان: الأول دور تنظيم السوق النقدية المحلية، وهذا دور لا علاقة له مباشرة بالاحتياطيات الأجنبية. والدور الثاني هو تمثيل دور صراف العملات، وخزينته هي الاحتياطيات الأجنبية. أما زبائنه فهم الدولة والبنوك، وبعض الاستثمارات الضخمة. فالدولة والبنوك أو عملاؤها يأتون بالنقد الأجنبي لاستخدام قيمته في السوق المحلية فهم يحتاجون لصرفه بالعملة المحلية. فهنا يقوم البنك المركزي بأخذ النقد الأجنبي ووضعه في الاحتياطيات الاجنبية ويفتح حساباً بما يقابلها بالعملة المحلية. فمثلاً وزارة المالية السعودية تحتاج لريالات لتنفقها محلياً، فتأتي بما يقابلها بدولارات من عوائد النفط فتودعها عند مؤسسة النقد مقابل فتح حساب لها بالريال. فما تأخذه مؤسسة النقد من المالية يصبح في مركزها المالي موجودات أجنبية، بينما يصبح حساب وزارة المالية مطلوبات عليها بالريال في مركزها المالي. مثل ما يودع أحدنا نقوداً في البنك، فيفتح البنك حساباً له ويصبح المبلغ المودع من مطلوبات البنك، ويصبح الكاش من موجوداتها. ولكن هناك فارقان كبيران: الأول أن الموجودات في مركز المؤسسة المالي بعملة أجنبية بينما مطلوباتها بالريال، ولا فرق في البنوك فكلاهما بالريال. والفرق الثاني، هو أنك عندما تسحب إيداعك من البنك، فإن البنك يعطيك من موجوداته، بينما عندما تسحب الدولة مبلغاً من حسابها المودع عند المؤسسة، فإن المؤسسة تصدر لها ريالات من «لا شيء»، وليس كالبنوك التي تعطيك من موجوداتها. فعندما تنفق الدولة الريالات على الرواتب والمشاريع ونحوها، تتسرب هذه الريالات للخارج عن طريق الحوالات والاستيراد وغيرها، فهنا تستبدلها المؤسسة من موجوداتها الأجنبية التي جاءتها من فتح حساب الدولة. وكذلك هو الحال في البنوك و»أخرى» وهي لا تزيد عن 30% من حجم المركز المالي للمؤسسة، وقليلة التذبذب في السنوات الاعتيادية. إذاً فغالب التحويلات العمالية والشخصية وغيرها، هي ريالات الدولة التي أنفقتها محلياً مقابل دولاراتها التي صارت في موجودات المؤسسة، أي احتياطياتها. فالدولة لا تُخرج الريال التي أودعت دولارات مقابله في احتياطيات المؤسسة، بل من اكتسب الريال من مقاول وموظف هو من يخرج الريال للخارج. وخروج الريال يكون عبر البنوك غالباً. وإصدار الريال الجديد ليدخل السوق السعودية، يكون عبر المركز المالي لمؤسسة النقد. فموجودات مركز ساما المالي هي تقريباً أصول ساما الاحتياطية الأجنبية.
مشاركة :