مع اقتراب فصل الشتاء، استعدت إدارات «الدفاع المدني» في مناطق ومحافظات المملكة لمواجهة السيول والأمطار المحتملة، بتنفيذ تدريبات على عمليات الإنقاذ في محافظات سعودية عدة، وعلى الجانب الآخر يترقب بعض الشبان «المتهورين» بداية الموسم ليقدم على مغامرات «طائشة» في مجاري السيول، يدفع بعضهم حياته ثمناً لها. ولم تجد تحذيرات «الدفاع المدني» من هذا «التهور الطائش»، في منع عدد من الشبان من الدخول في مجاري السيول والأودية بسياراتهم، لإثبات شجاعتهم في تحدي المياه الجارفة، وتصوير الموقف وتداول التسجيل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى حالات فقد ووفاة كثير منهم. ويعج موقع «يوتيوب» بعشرات المقاطع المصورة لشبان يتسابقون بسياراتهم داخل مجاري السيول، خصوصاً عندما تشتد حدتها، متجاهلين تحذيرات «الدفاع المدني» المتكررة. وفي أحد هذه المقاطع يقتحم شاب سيل جارف بسيارته، وبمجرد دخولها مجرى السيل تنقلب فيه بعد ثوان قليلة، إضافة إلى فيديو آخر يظهر أطفالاً صغاراً يسبحون في مجاري سيول في غفلة من ذويهم. وعزا متخصصون في الطب النفسي وعلم الاجتماع إقدام بعض الأفراد على عبور الأودية والسيول وتعريض أنفسهم إلى الأذى، إلى «نقص الإحساس في المسؤولية وحب المغامرة والظهور». وكشف مسؤولون في «الدفاع المدني» أن معظم الوفيات في مواسم السيول لم تكن نتيجة دهم المياه المنازل أو الغرق فيها، وإنما بسبب محاولات عبور الأودية والسيول بالسيارات أو السقوط في الأودية. ويبدأ موسم الأمطار في السعودية من 16 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، ويستمر لمدة 52 يوماً حتى السابع من كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بحسب توقعات مختصين في أحوال الطقس، وعلى رغم ضآلة معدلات الأمطار التي تهطل على البلاد سنوياً، إلا أن طبوغرافية بعض المناطق السعودية تجعلها مهيئة لحدوث سيول جارفة. وترسل المديرية العامة للدفاع المدني رسائل تحذيرية متكررة إلى المواطنين والمقيمين، ناصحة بعدم الاقتراب من مجاري السيول والأودية ومواقع تجمع المياه التي تخلّفها الأمطار، حفاظاً على سلامتهم. وكان من ضمن التدريبات التي نفذتها فرق «المدني» في المحافظات، قيام «مدني الخبر» بالتعاون مع بلدية المحافظة بتنفيذ فرضية لمواجهة السيول والأمطار مع عدد من الجهات ذات العلاقة. فيما نفذ «مدني تنومة» برنامج تدريبي لانتشال جثة غريق في مياه السدود لرفع مستوى مهارة المنقذين والتعامل مع هذه الحوادث. بينما واصل «مدني الوجه» تدريباته على معدات الغوص وقوارب النجاة، إضافة إلى تدريبات مشابهة نفذتها فرق مدينتي جبة وبقعاء في منطقة حائل، وحفر الباطن وغيرها. وتسببت السيول التي تعرضت لها منطقة جازان في نيسان (أبريل) الماضي، في وفاة خمسة أشخاص وفقدان إثنين آخرين، بينما احتجز 43 شخصاً، وأجليت 50 أسرة، بحسب ما أعلنه «مدني جازان»، فضلاً عن سيول شهدتها مدينة جدة ومناطق ومحافظات الرياض، والقصيم، وحائل، والطائف، وسكاكا، وتبوك، وعرعر، والباحة، والقويعية، والخرج، والأفلاج، والمدينة المنورة، خلال الأعوام الماضية نتيجة الأمطار والسيول أوقعت عشرات الضحايا.
مشاركة :