5 دروع طبيعية تحمي كوكب الأرض

  • 11/11/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: محمد هاني عطوي خلق الله تعالى الأرض وجعل لها سقفاً يحفظها من كل ما يهدد الحياة عليها ، ولم يقتصر الأمر عند هذا السقف فحسب بل امتدت يد العناية الإلهية إلى دروع أخرى لتكون بمثابة العضد الذي يقوي هذا السقف. هذه الدروع تعمل من خلال مجالات قوة ، لتوقيف قصف النيازك، وتتحكم بالمواسم وبدرجات الحرارة. وتشمل تلك الدروع الغلاف الجوي والمجال المغناطيسي والقمر والمحيطات فضلاً عن التنوع الطبيعي للكائنات الحية ، نستعرضها تفصيلاً خلال السطور المقبلة.. الغلاف الجوي.. حارق النيازك يبلغ سُمك الغلاف الغازي نحو 100 كم، وهو يغطي الأرض برمتها، وبدونه لن يكون هناك أكسجين كي نتنفسه، ولكن ليست هذه هي الخدمة الوحيدة التي يوفرها لنا هذا الغلاف بل ثمة خدمات أخرى، منها أنه يمنعنا من الارتعاش، فالفضاء بارد حيث تبلغ الحرارة حول الأرض نحو (-270) درجة مئوية، التي لا تسمح لأي شيء بالولادة. ولحسن الحظ، أننا في النظام الشمسي، نستطيع أن نعول على نجمنا الذي يوفر لنا بعض الحرارة. ولو لم يكن في الفضاء سوى الشمس فقط، لكان متوسط درجة الحرارة على الأرض (- 18) درجة مئوية لكنها تبلغ في المتوسط نحو 15 درجة مئوية. فما يحمينا من البرد؟ لا شك أنه الغلاف الجوي، الذي يتيح لأشعة الشمس أن تعبره لتدفئة سطح الأرض، ولكنها تحاول التخلص من بعض طاقة الشمس على شكل حرارة (الأشعة تحت الحمراء)، التي يتحرر جزء منها في الفضاء، ولكن جزءاً آخر يعود إلى الأرض. هذه الحرارة العائدة تقينا في الواقع من رعشة البرد، ولذلك يجب أن نحمي هذه الدرع، فهي التي تبعد عنا النيازك التي لا تفتأ تقصف كوكبنا. وللغلاف الجوي أيضاً أهمية كبيرة في حمايتنا من ضربات الشمس، فعلى علو مرتفع (بين 20 و 40 كم)، تعمل طبقة الأوزون بمثابة الواقي الفائق من الشمس الحارقة، حيث يوقف الأشعة فوق البنفسجية من النوع C وهي الأكثر قوة كما يوقف أيضاً الجزء الأعظم من الأشعة فوق البنفسجية من النوع B، وهي أقل قوة ولكنها تسبب حروق الشمس في حين يسمح بمرور كمية أكبر من الأشعة فوق البنفسجية A، وهي الأقل ضرراً، والمسؤولة عن اللون الأسمر للبشرة. القمر.. ضمان دورة المواسم القمر يضيء ليالينا باستمرار وهو الضامن لدورة المواسم ، وهو ما يجنبنا الشتاء الطويل بلا شمس لعدة أشهر، والصيف المتقد الطويل لعدة أشهر أخرى. ولكن كيف يمكن للقمر أن يجنبنا هذه الأمور؟ ببساطة إنه يؤمن للأرض ميلها الآمن (23.45 درجة). ولو كان هذا المحور عمودياً (صفراً) ، فإن الأرض ستتلقى أشعة الشمس بشكل دائم وبنفس الطريقة ، وسيبقى جزءٌ من الأرض في ضوءٍ سرمدي ، وجزءٌ في ليلٍ سرمدي ولن تكون هناك مواسم . الحقيقة أن محور دوران الأرض يولد ببطء حلقة في الفضاء تحتاج إلى 26 ألف سنة تقريباً لتكمل دورة واحدة ، وهذا ما يسمى بمبادرة الاعتدالين . هذه الظاهرة تولد بالتحديد جرّاء تأثير القمر على الأرض وهذا كله يأتي من حقيقة أن كوكبنا ليس كروياً تماماً ، ولكنه مفلطح ويرجع ذلك إلى تأثير الطرد المركزي . فالكوكب يدور بسرعة أكبر عند خط الاستواء ، وبالتالي فإن المواد التي تشكله تسحب بقوة نحو الخارج ونتيجة لذلك ، فإنه يكون أكثر سمكاً عند خط الاستواء مما هو عليه عند القطبين. وبهذه الطريقة وعبر الجاذبية يخلق القمر في نهاية المطاف هذه الحركة البدارية للأرض . وهل هذا أمرٌ مهمٌ وذو قيمة ؟ بالطبع ، لأنه بدون القمر الذي يفرض على الأرض هذا الدوران السريع ، يمكن أن يتعرض المحور إلى تأثير الكواكب الأخرى مثل المريخ والزهرة والمشتري وزحل إلخ ، فكلٌ حسب جاذبيته التثاقلية يمكن أن يغير بشكل عشوائي محور دوران الأرض، ويجعله فوضوياً تماماً ، ما يجعل الحياة على الأرض إن لم تكن مستحيلة ، على الأقل معقدة للغاية. المحيطات.. نظام تدفئة طبيعي تغطي المحيطات ثلثي كوكب الأرض، ولذلك فوائد جمة، فهي توقف بشكل فعال للغاية الأشعة فوق البنفسجية وهي الضامن لوجود درجة حرارة متوافقة مع الحياة . وكما الغلاف الجوي ومن خلال طبقة الأوزون يصفي الأشعة فوق البنفسجية الأكثر ضرراً والمنبعثة من الشمس (UVC ذات الطاقة العالية جداً) ويمنعها من الوصول إلى المحيطات، وهذا أمر جيد لأنها تدمر الحمض النووي (برنامج التشغيل لأي خلية حية) . ولكن سطح الأرض يتلقى بعض الأشعة فوق البنفسجية (B) و(A) الأقل طاقة. وهنا ينبغي الحذر فهذه الأنواع تتلف الحمض النووي أيضاً ، ويمكنها إحداث طفرات (تحولات) والتسبب في السرطان. وهنا يأتي دور المحيطات التي تعمل كواجهة ثانية واقية من أشعة الشمس لحماية كل عالمها الصغير. ومن الأمور التي توفرها لنا المحيطات عدم التجمد من البرد ، فبدون حماية الغلاف الجوي ، كان يمكن للأرض أن تتجمّد، ولا يمكن لهذه الدرع أن تعمل دون المحيطات ، كما أن الحرارة التي يحبسها الغلاف الجوي على غرار البيوت الدفيئة هي في الواقع الآتية من الشمس ولكنها أيضاً وبشكل خاص تلك التي تنعكس من المحيطات . وتعمل المحيطات بمثابة الغطاء الداكن الضخم الذي يغطي 7/10 من سطح الأرض، وهو فعال جداً لامتصاص الحرارة ويبقيها أفضل 1000 مرة من الغلاف الجوي. ولكن ومع كل ليلة باردة تطلق المحيطات قليلاً من الطاقة الممتصة خلال النهار، ما يرفع درجة الحرارة على الأرض. وبعبارة أخرى ، تعتبر المحيطات بمثابة نظام التدفئة للأرض مع وظيفة ميزان الحرارة الذي يقلل الفارق في درجات الحرارة بين المناطق الاستوائية والقطبين . وتميل مياه المحيطات الأكثر حرارة إلى اتخاذ الطريق المؤدية إلى القطبين الشمالي والجنوبي. وعلى طول هذه الطريق، تدفأ الكتل الهوائية الباردة التي تمر فوقها. كما تحرر المحيطات الحرارة في الغلاف الجوي على شكل بخار، وتعمل القطرات المائية الصغيرة جداً من المياه على تدفئة الهواء وصعوده إلى الأعلى ليبرد قليلاً ويعود جالباً الأمطار وقليلاً من الدفء معه. المجال المغناطيسي.. الدرع الواقية المجال المغناطيسي للأرض أكثر من مجرد درع، فمن خلال تشتيته للدفقات الرهيبة من الجسيمات المقبلة من الشمس، فإنه يجنب الأرض مصير جارها المقفر المريخ. والمعروف أن الشمس هي مصدر الحرارة والضوء والحياة. ولا يمكن الاستغناء عنها ولكن ريحها قاتلة لأنها تتألف من جسيمات مشحونة كهربائياً، وفي كل ثانية، ينبعث من الشمس وفي كل الاتجاهات مليون طن من هذه المواد الضارة. ويصل إلينا جزء من هذه الجسيمات بسرعة تزيد على مليون كيلومتر/ ساعة بشكل يمكنه أن يتلف خلايانا، ويمكنه أن يتسبب بالكثير من أنواع السرطان. ولحسن الحظ، نحن محميون بواسطة المجال المغناطيسي القوي المحيط بالأرض. وحين تصل جسيمات الرياح الشمسية، إلى مسافة تبعد عن الأرض نحو 60 ألف كم، تتحول فجأة نحو مسار يحيط بكوكبنا. وبما أن الجسيمات عالية الحساسية للحقل مغناطيسي بسبب شحنتها الكهربائية، فإنها تبدأ في تتبع مسارات غير مرئية هي خطوط المجال المغناطيسي التي تنتظم في خطوط منحنية حول الأرض، إلا أن الجسيمات المشحونة لا تبقى ملتصقة في خطوط المجال وتصل بسرعة تزيد على مليون كيلومتر/ساعة، حتى إنها تتبع هذه المسارات بأقصى سرعة، والتي تحولها وتبعدها نحو الفضاء ولا يعبر سوى جزء صغير الدرع المغناطيسية المحيطة بالأرض وينجح في الوصول إلى الغلاف الجوي. التنوع الطبيعي.. استمرار الحياة بعد الكارثة أصيبت الأرض على مر الزمن بخمس نوازل عظيمة، أزالت عدداً كبيراً من النباتات والحيوانات. وفي كل مرة كانت الحياة تعود من جديد لأن بعض الكائنات الحية لديها فن العثور على طرق ومخابئ جيدة كي تحمي نفسها في حين أن البعض الآخر من الصعب عليه حماية نفسه فكان مصيره الزوال. والحقيقة أن الشروط التي تتطلبها الكائنات الحية اليوم لتنمو وتتكاثر هي الضوء والأكسجين ودرجة حرارة مناسبة، ولكن بعض الكائنات لا يهمها هذا الجو المريح لأنها اختارت لها مأوى في أعماق المحيطات أو في كهوف ذات هواء سام. وفي هذه المخابئ، تشعر هذه الكائنات أنها آمنة من الكوارث . والغريب أنه على عمق يبلغ نحو 2000 متر، وفي مكان لا يوجد فيه ضوء تقذف البراكين المغمورة باستمرار حمضاً حارقاً وساخناً تزيد درجة حرارته عن 300 درجة مئوية. ومع ذلك، نجد في هذا الجو الكثير من الحيوانات كالديدان العملاقة، وسرطان البحر والسمك وبلح البحر وشقائق البحر، فكيف تمكنت من البقاء على قيد الحياة؟ تعتمد هذه الكائنات على بكتيريا خاصة جداً تتحمل درجات حرارة أكثر من أي كائن حي وتظل قابعة على جدران المداخن المبطنة، التي تصل فيها الحرارة إلى 100 درجة مئوية. هذه البكتيريا تعرف تصنع السكريات من خلال التموّن بالطاقة وليس من الضوء مثل النباتات. وعندما تقدم الديدان والرخويات العملاقة لهذه البكتيريا الطعام والسكن، فإنها تحصل بالمقابل على السكريات كطعام لها. كائنات غير قابلة للتدمير ثمة نوع من الحيوانات غير قابل للتدمير ، تسمى ببطيئات المشية . هذه المخلوقات الغريبة ذات 8 أرجل وطولها لا يتجاوز الملليمتر الواحد وهي موجودة في كل مكان : من القطبين إلى خط الاستواء، وفي أعلى القمم وحتى الأعماق السحيقة . وهي تقاوم كل شيء : البرد (-272 درجة مئوية) ، والحرارة الشديدة (150 درجة مئوية) والضغط ( أكثر مما نتحمله ب 6 آلاف مرة)، فضلاً عن تحملها للأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية ، بل يمكنها أن تعيش حتى في الفضاء . ولكن ما سرها ؟ بطيئات المشية قادرة على تفريغ نفسها عملياً من كل الماء ، والتحول إلى نوع من الكرة الجافة ، وهذا ما يمنعها من التجمد ، أو الغليان جراء الحرارة العالية، إلخ .. وبطبيعة الحال فهي تبدو ميتة أكثر منها حية. ولكن بمجرد أن تتحسن الظروف، فإنها تتمكن من الخروج من سباتها. ويكفي القول إنه في حالة وقوع كارثة ، فستكون بطيئات المشية من بين الكائنات الناجية لا محالة .

مشاركة :