خيانة صديق العمر

  • 11/11/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

نشأت بين إبراهيم ووسام قصة حب استمرت حوالي عامين، وجمعت بينهما الأحلام ورفضت عدداً من الذين تقدموا يطلبون يدها لأجله كما أخبرته، وعرض عليها الزواج فكادت تطير من شدة الفرحة، وخلال أيام قليلة كان قد تقدم لخطبتها وتمت مراسم الخطوبة وسط فرحة الأهل والأقارب، وخلال عام من العمل الشاق تمكن من تدبير قيمة الشبكة التي طالبه بها والدها فتمت الخطبة، وبعد عامين كان قد تمكن من استئجار شقة صغيرة وتم الزواج وكانت سعادته ليس لها حدود عندما تحقق الحلم وجلس إلى جوارها في الكوشة. انتقل العروسان ليقيما في عشهما الصغير وعاشا في سعادة غامرة، ولم يحدث بينهما إلا بعض المشاكل البسيطة التي يحدث مثلها في كل المنازل، والتي كانا يتخطيانها بحبهما، وكان إبراهيم كريماً مع زوجته ولم يبخل أو يتقاعس عن أي طلب تطلبه وكان يبذل كل ما في وسعه لإسعادها. بدأت وسام في الإنجاب بمعدل طفل كل عام أخذاً بنصيحة والدتها لدرجة أنها لم تكن تترك لنفسها وقتاً للراحة بعد كل ولادة من أجل إنجاب الولد، وبعد إنجاب ابنتين أنجبت الولد المنشود، لكن وصول الأطفال زاد من ثقل المسؤولية على إبراهيم فبدأ في ترشيد استهلاكه إلى أقصى درجة، فدخله من العمل لا يكفي متطلبات أسرته التي لا تنتهي، كما أن الأسعار ارتفعت بلا كابح، لكنه في النهاية لم يجد سوى السفر للعمل في إحدى الدول العربية باعتبار أنه طوق النجاة الوحيد الذي سينقذه من براثن الديون وأنيابها التي لا ترحم، وساعده أحد أقاربه في العثور على فرصة العمل المنشودة وبراتب كبير فقرر السفر رغم رفض زوجته فكرة غيابه عن المنزل، وأكدت له أنها تحتاج لوجوده بجوارها، وتوسلت إليه كثيراً ألا يتركها ويرحل، لكنه كان مصراً على الرحيل وأقنعها بأنه يتغرب ويتعذب لصالحها هي والأطفال. ودّع زوجته وأطفاله من دون أن يستطيع إخفاء الدموع التي أغرقت وجهه، فهي أول مرة في حياته يبتعد فيها عنهم. تحمل أيام الغربة ولياليها المرة وكرّس كل حياته لعمله، فمنّ الله عليه برزق وفير وواصل العمل ليلاً ونهاراً على مدى عامين كاملين حتى تقصر فترة غربته وبعدها قرر العودة بصفة نهائية، معتقداً أن وقت الراحة والسعادة قد حان. كان إبراهيم قبل سفره قد أوصى صديقه حازم بأسرته، فقد كان ابن خاله وفي الوقت نفسه زوج شقيقة زوجته، كما كانت العلاقة بينهما علاقة صداقة منذ الطفولة أكثر منها علاقة قرابة ومصاهرة، فقد جمعت بينهما أشياء كثيرة.. الجيرة في المسكن وألعاب الطفولة، وازدادت الروابط لتجمع بينهما أكثر كلما أوغلا في سنوات العمر حتى إن صداقتهما كانت مضرب الأمثال، ومرت السنوات وسارت بهما الحياة بحلوها ومرها، واستمرت الصداقة بينهما خاصة وأنهما كانا متقاربين في الطباع والتفكير، حتى تزوج حازم شقيقة وسام فزادت العلاقة توطداً، وبالطبع وعده حازم بأنه سيرعى زوجته وأبناءه وسيكون في خدمتهم أثناء غيابه،فسافر إبراهيم وهو مطمئن القلب. بعد سفر إبراهيم بدأ حازم يتردد على منزله يومياً تقريباً سواء بمفرده أم بصحبة زوجته شقيقة وسام ليقضيا يوماً كاملاً معها ومع أبنائها. شعرت وسام بأن حازم يوجه إليها نظرات غريبة وعينيه تنطق بالرغبة، لكنها كانت تقنع نفسها بأن كل ذلك هواجس من الشيطان حتى أمسك بيدها في إحدى المرات وضغط عليها بطريقة غير طبيعية فنهرته بشدة واعتذر لها عن فعلته، ومع ذلك استمر في تصويب نظراته الجريئة إليها بطريقة وقحة، وكلما حانت له الفرصة يلقي على مسامعها كلمات الغزل والمداعبة مؤكداً أنه معجب بها ويشفق عليها مما تعانيه، وأخذ يحدثها عن إهمال زوجها لها في حين أن من يتزوج امرأة مثلها لا بد أن يبقى بجوارها طوال الوقت، وسكب في أذنيها كلمات المديح من دون حساب، ومع شدة حرمانها وجدت نفسها مع الوقت لا تستنكر هذه النظرات أوالمداعبات، بل وجدت نفسها تنجذب إليها وسرعان ما تجاوبت معه، ونشأت بينهما علاقة غير شرعية، وحلّ حازم محل صديقه في كل شيء، وأعطته وسام كل ما تملك من مشاعر، وهي تلتمس لنفسها الحجج والمعاذير بأنها مظلومة، وتعددت اللقاءات المحرمة بينهما، ونسيت وسام زوجها المسافر وأطفالها الثلاثة ونسي حازم أنها شقيقة زوجته التي كان يجب أن يصونها، واستمرت العلاقة من دون أن يشك أحد فيهما فهو يدخل إلى المنزل بصورة طبيعية وبلا أدنى شبهة أو حرج. عقب عودة إبراهيم بأيام قليلة، وعلى الرغم من أنه لم يسمع ولم ير شيئاً محدداً يجعله يشك في وجود علاقة بين زوجته وصديقه حازم أوحت له بذلك أجهزة الرصد والاستشعار، خاصة وأن زوجته بدأت تتعمد استفزازه وتتفنن في اختلاق المشاكل بسبب وبلا سبب أحياناً لتتظاهر بالغضب وتترك له حجرة النوم لينام بمفرده، حتى أصبحت العلاقة الزوجية بينهما شبه منعدمة على العكس مما كان يحدث من قبل، كما أصبحت لا تطيقه مهما فعل، ورغم هذه الهواجس التي بدأت تطوف بعقله كان يكذب أحاسيسه ولا يريد أن يصدق هواجسه وتمنى لو أن ظنونه خدعته وألا يفقد الثقة في صديق العمر وكذلك في زوجته، لكن الاهتمام المبالغ فيه من حازم بزوجته والاحترام المبالغ فيه الذي يغلف حديث زوجته لصديقه ونظراتها إليه- حتى في وجوده- كل ذلك جعل ظنونه تكاد تصبح يقيناً. قرر إبراهيم أن يقطع الشك باليقين وشحذ كل أجهزة الرصد لديه حتى لا تفوته شاردة أوواردة بينهما، وبالطبع لم يشعر العاشقان بأنهما تحت مراقبة دقيقة من الزوج المخدوع، وتبادلا الضحكات والنظرات والإشارات التي أقنعت إبراهيم بصحة ظنونه وأيقن بوجود علاقة آثمة بينهما، فقرر قتلهما انتقاماً لشرفه وكرامته لكنه خاف من الفضيحة، فمعنى أن زوجته تخونه أنه لم يعجبها، وبالتأكيد أنه كان مقصراً معها، علاوة على تلويث سمعة أطفاله الصغار، وبعد تفكير كان الشيطان فيه قرينه توصل إلى ضرورة قتل كل منهما بمفرده بعيداً عنه حتى لا توجه إليه أصابع الاتهام، قرر أن يبدأ بالعشيق فجرمه من وجهة نظره أكبر، فلا بد أنه هو الذي غرر بزوجته. تلقت الشرطة بلاغاً من مزارع بعثوره على جثة شخص مجهول مقتولاً بالرصاص في أرضه الزراعية. انتقل رجال المباحث على الفور وتبين أن المجني عليه مصاب برصاصة في الوجه وأخرى في الصدر، ولم يوجد معه أي إثبات شخصية. تم تشكيل فريق بحث لكشف غموض الجريمة وتوصلت التحريات إلى تحديد شخصية المجني عليه، وأنه كان على علاقة آثمة بشقيقة زوجته، حيث كان يتردد عليها في منزلها أثناء سفر زوجها للخارج، وأن الزوجة انقادت إليه وأغواها الشيطان فنسيت زوجها وتخلت عن أمومتها في سبيل أهوائها، وأن الزوج المخدوع بعد عودته علم بالعلاقة الآثمة. تم القبض على إبراهيم وبمحاصرته بالتحريات إنهار معترفاً بالجريمة، وقال إنه تربص بالمجني عليه في طريقه إلى مزرعة الدواجن التي يمتلكها وقام بقتله، وأكد أنه غير نادم على شيء سوى عدم إكمال انتقامه، وأن حازم خان العشرة ولم يصن حرمة البيت. أحيل المتهم إلى النيابة وقررت حبسه على ذمة التحقيق وإحالته إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار. بعد حصول إبراهيم على الشهادة الإعدادية بمجموع ضعيف ووفاة والده في العام نفسه قرر التفرغ للعمل في ورشة للميكانيكا وعرف طريق الكسب مبكراً وأصبح يحقق دخلاً شهرياً كبيراً. تعرف إلى وسام التي عملت في مصنع للملابس فترة من الوقت بعد حصولها على الدبلوم الفني الصناعي، لكنها اصطدمت بواقع الحياة وبتحرشات العاملين في المصنع فلم تستمر في العمل سوى شهور قليلة وجلست في البيت تنتظر ابن الحلال.

مشاركة :