أجمع محللون سياسيون على أن انسحاب وحدات من القوات الإثيوبية من مناطق استراتيجية بجنوب ووسط الصومال، يمنح مقاتلي «حركة الشباب» المتمردة الضوء الأخضر لملء فراغ هذا الانسحاب، مما يثقل كاهل قوات الحكومة الصومالية وحفظ السلام الإفريقية، بتحديات أمنية جديدة في وقت يتأهب فيه هذا البلد العربي المضطرب لانتخاب رئيس جديد. ومن أصل 22.126 جنديا في بعثة حفظ السلام الإفريقية (أميصوم)، تشارك إثيوبيا، منذ يناير 2014، بنحو 4 آلاف جندي منتشرين في أقاليم هيران وجلجدود (وسط) وبكول (جنوب غرب). لكن خارج بعثة «أميصوم»، تنشط قوات إثيوبية أخرى في الأقاليم الـ3 نفسها، حيث تساعد القوات الإفريقية في حربها ضد «حركة الشباب»، المرتبطة بتنظيم القاعدة، التي تسعى إلى إقامة دولة تطبق تفسيرا متشددا للشرعية. وفي 23 من أكتوبر الماضي، بدأت أديس أبابا سحب هذه القوات الأخيرة، التي تتألف من عشرات الآلاف من العسكريين، بحسب تقديرات محلية. ومستغلة هذا الانسحاب، سيطرت الحركة على 5 مناطق ذات أهمية استراتيجية، وبعد 3 أيام من سيطرتها على مدينة هلجن بإقليم هيران (وسط)، شنت الحركة، يوم 25 من أكتوبر الماضي، هجوما على قاعدة للقوات الجيبوتية، العاملة ضمن «أميصوم»، مما أسقط 5 قتلى وعددا من الجرحى، بينهم جنود جيبوتيون. معلقا على تداعيات الانسحاب الإثيوبي، يقول محمد مصطفى، وهو محلل سياسي بـ»مركز سهن للدراسات والأبحاث»، إن «إحكام حركة الشباب سيطرتها على مدن وقرى استراتيجية وسط وجنوب البلاد، عقب انسحاب القوات الإثيوبية منها، يفاقم التحدي الأمني في وقت تُقبِل فيه البلاد على انتخاب رئيس جديد (ينتخبه البرلمان يوم 30 من الشهر الجاري)». ويضيف مصطفى، في حديث مع وكالة الأناضول، أن «استيلاء الحركة حاليا على مناطق استراتيجية يرفع معنويات مقاتليها، بعد أن تكبدوا خسائر متلاحقة أمام القوات المشتركة (الحكومية والإفريقية)، مما يمكنهم من إعادة تنظيم صفوفهم، وتكثيف هجماتهم على مراكز عسكرية ومنشآت حكومية». ويحذر الخبير الصومالي من أن «حركة الشباب تنفذ خارج القانون إعدامات بحق مدنيين؛ بذريعة تخابرهم مع القوات المشتركة، مما قد يُفقد المدنيين الثقة في هذه القوات، ويحرمها من مصدر معلوماتي مهم كانت تعتمد عليه في قتال الحركة في الأقاليم». وسط تساؤلات بشأن أسباب هذه الخطوة الإثيوبية، يرى محمد سعيد، وهو محلل سياسي في «مركز مقديشو للبحوث والدراسات» (غير حكومي)، أن هذا الانسحاب «ما هو إلا ورقة ضغط إثيوبية على المجتمع الدولي، بسبب تراجع الدعم المالي للقوات الإفريقية العاملة تحت مظلة أميصوم. إن أديس أبابا تحاول إثبات أهمية القوات الإفريقية عامة، والإثيوبية خاصة، في الصومال». ويتوقع سعيد أن «تفرض الحركة على المدنيين في المناطق التي تحتلها مجددا دفع مبالغ مالية، مما يساعدها على تكثيف هجماتها على المدن والمناطق الاستراتيجية القريبة والبعيدة منها، بينما كانت تشن هجمات محدودة على مناطق حساسة، بسبب ما تعانيه من أزمة مالية، فضلا عن معنويات مقاتليها المنخفضة».;
مشاركة :