مصر: إقبال على الادخار مع ارتفاع أسعار السلع

  • 11/11/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سجّلت أسعار السلع والخدمات في الأسواق المصرية قفزة كبيرة نتيجة قرارات الحكومة الأخيرة، وسط حال من الإرباك، ما دفع المواطنين إلى زيادة دخلهم من خلال إقبالهم الشديد على شراء الشهادات الادخارية ذات الفوائد المرتفعة مع بدء طرح المصارف مادتي ادخار جديدتين، إحداهما بفائدة 16 في المئة لأجل 3 سنوات، وأخرى بفائدة 20 في المئة لأجل 18 شهراً. وارتفعت الفائدة على شهادات قناة السويس التي طرحتها الدولة قبل 15 شهراً من 12.5 إلى 15.5 في المئة، تخوفاً من سحبها من جانب الزبائن. وتهدف هذه الخطوة إلى امتصاص السيولة من السوق، لاسيما بين الطبقة المتوسطة بكل فئاتها، منعاً لشراء الدولار. وقال نائب شركة «ديلويت» للمحاسبين أسامة عزت في تصريح إلى «الحياة» إن «الأزمة الحقيقية ليست في الدولار وسعر الصرف، بل في جسد الاقتصاد المصري، متمثلاً في نقص الاستثمارات وانخفاض معدلات النمو وتراجع التحويلات والسياحة وعائدات قناة السويس»، لافتاً إلى أن «الحل يكمن في الدفع بالاستثمار». وأضاف أن «القضية الأساس تتمثل في وجود طبقة متوسطة تكاد تتآكل، وهي الفئة التي تدفع ثمن العلاج والتعليم والدروس الخصوصية، وهي تحتاج خدمات ترفع بعض العبء عن كاهلها. ولكن من دون ضخ استثمارات، سنكون دفعنا ثمن تحرير العملة من دون أن نجني الثمن». وكان لزيادة أسعار المواد البترولية بين 7.1 و87.5 في المئة، تأثير واضح في أسعار سيارات الأجرة والنقل الجماعي والشركات التي تقدم خدمات بديلة لـ «التاكسي الأبيض». وتطالب رابطة «التاكسي الأبيض» بزيادة التعرفة من 3 إلى 6 جنيهات (من 0.15 إلى 0.3 دولار) كبداية لفتح العدادات. وقال رئيس «جمعية مالكي التاكسي الأبيض» محمود عبدالمجيد، إن «السائقين تقدموا بمذكرة إلى رئيس الحكومة تتضمن مطالبهم، في انتظار الرد خلال اليومين المقبلين»، موضحاً أن زيادة قيمة تعرفة العداد تأتي على رأس مطالبهم. وأضاف أن «تعرفة العداد لم تُرفع طيلة السنوات السبع الماضية سوى مرة واحدة بقيمة نصف جنيه، بينما ارتفعت أسعار قطع الغيار والزيوت والإطارات بنسب تجاوزت 300 في المئة». وأضاف: «نحن مع الدولة قلباً وقالباً، ولكن يجب أن تنظر إلينا الحكومة، خصوصاً أن أزمتنا مستمرة قبل ارتفاع أسعار المحروقات، ولكن الخطوة الأخيرة عمّقتها إلى حد كبير لم يعد يحتمله سائقو التاكسي الأبيض». وامتدت تبعات تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار إلى صناعة الدواء، إذ أكدت الطبيبة إيمان أبوالخير أن «شركات الدواء كانت تعتمد على تدبير الدولار من السوق الرسمية، وزيادته إلى مستويات 17 جنيهاً بعد تعويمه يكبد الشركات خسائر كبيرة، ويصعّب مهمتها لتوفير الأدوية الناقصة». وأضافت: «تستطيع الشركات أن تتحمل الوضع الحالي لمدة قصيرة على أقصى تقدير، في ظل توافر كميات من المواد الخام المستوردة قبل قرار التعويم، ولكن بعد انتهاء تلك المدة سيعاني القطاع بشدة من ارتفاع التكاليف لتواجه السوق نقصاً أكبر، خصوصاً في الأدوية المستوردة». وقال وزير الصحة أحمد عماد في تصريحات صحافية إن «الحكومة لن تعدّل أسعار الأدوية مجدداً، ورفعت الأسعار في أيار (مايو) الماضي لتوفير الأدوية الناقصة». وقال إن «الشركات لن تعاني من تعويم الجنيه، خصوصاً أنها كانت تدبر حاجاتها الدولارية من السوق الموازية بـ 18 جنيهاً، وتحرير سعر الصرف ساهم في خفض السعر». وطالبت أبوالخير الحكومة بالتدخل الفوري لحل أزمة شركات الدواء، فيما اقترحت غرفة الدواء توفير الحكومة الدولار للشركات بسعر خاص ومدعوم، وتثبيته عند القيمة التي كان عليها قبل التعويم والبالغ 8.88 جنيه للدولار، أو زيادة أسعار بعض الأدوية غير الأساس، مثل المستحضرات التي تصرف من دون وصفة طبية. وأوضح نائب رئيس «غرفة صناعة الأدوية» في «اتحاد الصناعات» أسامة رستم أن «سعر الأدوية المستوردة ارتفع وفق فرق العملة بين الدولار والجنيه»، مشيراً إلى أن «كلفة الدواء المحلي ستتأثر بنسبة 50 في المئة، ورجال الصناعة يتابعون مسألة تأثير تعويم الجنيه في السوق الدوائية التي تصل قيمتها إلى 45 بليون جنيه». وسيطر الارتباك على سوق مواد البناء، خصوصاً حديد التسليح والإسمنت، مع إعلان عدد من الشركات زيادة أسعار بيع الطن لتتجاوز ٩٢٥٠ جنيهاً. وتوقع المهندس وائل جورج ارتفاع أسعار العقارات خلال الفترة المقبلة بين 20 و30 في المئة. وقال الناطق باسم رئاسة الجمهورية علاء يوسف إن وزير الكهرباء محمد شاكر اجتمع مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وقدم تقريراً حول تداعيات قرارات تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود الأخيرة على قطاع الكهرباء. وأشار إلى ارتفاع قيمة الدعم الذي تُقدمه الدولة لقطاع الكهرباء سنوياً نتيجة هذه القرارات. ووجه السيسي بتحمّل الدولة الأعباء المالية على قطاع الكهرباء نتيجة تحرير سعر الصرف، وعدم تحميل المواطنين هذه الزيادة والإبقاء على أسعار شرائح استهلاك الكهرباء المعمول بها حالياً، «في إطار التخفيف عن المواطنين من الآثار الناتجة من القرارات الاقتصادية الأخيرة، ولاسيما محدودي الدخل والفئات الأكثر احتياجاً»، وفق بيان لرئاسة الجمهورية. وأوضح شاكر أن إنشاء محطات توليد الكهرباء الثلاث، بالتعاون مع شركة «سيمنز» وشركتي «أوراسكوم» و«السويدي إلكتريك»، يسير وفقاً للجدول الزمني المُحدد، وسيبدأ التشغيل الجزئي لمحطتي العاصمة الإدارية الجديدة وبني سويف الجديدة قبل نهاية السنة.

مشاركة :