البكتيريا آكلة اللحوم والحياة... في ساعات

  • 11/11/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نسمع أحياناً أن شخصاً أو أشخاصاً أصيبوا بالبكتيريا آكلة اللحوم، وأن بعضهم دخل في صراع مرير معها معرّضاً حياته للخطر أو لفقدان جزء من جسمه وربما مفارقة الحياة. أجل هناك جراثيم كثيرة تنتمي إلى عصابة البكتيريا آكلة اللحوم، مثل البكتيريا العنقودية الذهبية، والعصيات القولونية، والكلوستريديوم، والكليبسيلا، والأيروموناس هيدروفيلا، والمكورات العقدية المقيحة، والمكورات العقدية من الفئة أ. وتعتبر المكورات العقدية من الفئة أ من أشهر هذه الجراثيم، فهي تعيش في شكل طبيعي في دهاليز الأنف والحلق وعلى سطح الجلد، وهي نفسها التي تثير التهاب الحلق، لكنها بكل بساطة بكتيريا انتهازية تستغل أي ضعف في أنسجة الحلق والجلد لتجد طريقها الى داخل الجسم. لكن من حسن الحظ ان الإصابة تكون، في معظم الحالات، على صورة وعكة بسيطة، مثل المعاناة من آلام في الحلق أو التهاب في الجلد، أو ألم واحمرار في مكان الجرح المفتوح، سرعان ما تزول بالمعالجة وأحياناً من دون معالجة. غير ان هناك سلالة شديدة السمية من هذه الجراثيم يمكنها أن تتحول بكتيريا متوحشة تتسبب في مرض حاد وخطير يعرف بالتهاب اللفافة العضلية الناخر، الذي غالباً ما يكون مميتاً، لأن الجرثومة المتوحشة تأكل اللحم وتزرع الخراب في الأنسجة الليفية المحيطة بالعضلات وفي العضلات والأعصاب والأوعية الدموية مؤدية الى تحطمها في غضون ساعات. وتستطيع البكتيريا المسببة لهذا لمرض أن تتغلغل من فتحة في الجلد إلى النسيج الرخو الموجود تحته وبين الألياف العضلية، وكذلك إلى النسيج المغلف للمجموعات العضلية. وقد تتسارع الأحداث في شكل دراماتيكي إذ تتحرك الجرثومة تحت الجلد في شكل سريع ومفاجئ وغير ملحوظ فتصبح الأنسجة متآكلة لا بد من إزالتها، وبالتالي استخدام المضادات الحيوية على وجه السرعة، لأن أي تأخير على هذا الصعيد قد يترتب عنه تحلل في الأنسجة المصابة فتنطلق منها مواد بروتينية تؤثر سلباً في الأجهزة الحيوية في الجسم ما قد يؤدي إلى الفشل التنفسي، والقصور الكلوي، والفشل الكبدي، وانخفاض شديد في ضغط الدم، وربما فشل الجسم في أداء وظائفه المختلفة، من هنا أهمية السرعة في التشخيص والعلاج لإنقاذ حياة المريض. ولسوء الحظ يمكن البكتيريا المتوحشة المسببة لمرض التهاب اللفافة العضلية الناخر، أن تتظاهر تحت غطاء عوارض تشبه الى حد كبير عوارض داء الأنفلونزا أو مرض الزكام، لذا يتقاعس معظم المصابين في طلب المشورة والتماس العلاج ظناً منهم أنها عوارض برد شتوية سرعان ما تزول. ويعتبر الأشخاص الذين يملكون مناعة ضعيفة، لأي سبب من الأسباب، من أكثر الفئات تعرضاً للمرض، مثل مرضى السكري ومرضى السرطان ومرضى الآيدز وغيرهم. وعلى كل شخص يسجل علامة أو أكثر من العلامات الآتية أن يأخذ رأي الطبيب فوراً: - الإصابة بأي نوع من الجروح أو الخدوش في الجلد - الشعور بعدم الراحة في مكان الإصابة - الألم المضطرد الذي لا يتناسب مع الإصابة - وجود عوارض تشبه الزكام أو البرد أو التسمم الغذائي - ظهور انتفاخ أو احمرار في المنطقة المصابة مع آلام شديدة عند اللمس - تفاقم العوارض السابقة -شح في البول -إصابات جلدية تشبه حروق الشمس -انتفاخات جلدية مائية سوداء تشبه الحروق -الشعور بالإرهاق والتعب ولا بد من الإشارة هنا الى امكان تفشي البكتيريا المتوحشة مباشرة من الأشخاص الحاملين لها في أنوفهم أو على جلودهم الى الأغشية المخاطية والأماكن المجروحة من الجلد بواسطة العطاس والسعال والتماس المباشر. ويعتبر الأشخاص المصابون بالتهاب في الحلق أو المصابون بجروح تترعرع فيها الميكروبة المذكورة من أكبر المصادر لنشرها الى الأشخاص المستعدين لذلك. أما الأشخاص حاملو الجرثومة اللاعرضيون فهم أقل نقلاً للعدوى. إن البكتيريا آكلة اللحم خطيرة للغاية إذا نجحت في تحقيق مرادها، لكن يمكن قطع الطريق عليها من خلال التمتع بجهاز مناعة قوي، والعلاج الصارم لكل التهاب طارئ في الحلق وعلى سطح الجلد، وكذلك العناية بالجروح في شكل صحيح كي لا تتحول ممرات عبور سهلة لهذه البكتيريا الخطيرة. وبالطبع لا يجب إهمال النظافة لأنها العدو الأول للجراثيم... كل الجراثيم.

مشاركة :