قليل من الأهالي يدركون وجود استراتيجية عن التربية الصحيحة للأبناء

  • 11/12/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

العديد من الآباء لا يعرفون الكثير عن المهارات التربوية، فإذا طرحت سؤالاً على الأب أو الأم حول كيف تربي ابنك؟ فسنجد في الغالب حالة من التعجب من هذا السؤال لأن قليلاً من الأهالي الذين يدركون أن هناك استراتيجية ودراسات وأبحاثا حول التربية الصحيحة للأبناء وأن هناك المزيد من المهارات التي يجب أيضاً أن يتدربوا عليها عند استقبال مواليدهم ومعرفتهم بتلك المهارات في المراحل العمرية المختلفة لأبنائهم. إدراكاً منا لأهمية هذا الجانب أجرينا هذا الحوار مع د.ميرفت سعيد الاستشاري النفسى بمركز الاستشارات العائلية. هل هناك مهارات تربوية يجب أن يتدرب عليها الآباء؟ - أكيد... فنحن نقوم في مركز الاستشارات الأسرية بعمل دورات تدريبية للآباء لتثقيفهم تربوياً والسماع لمشكلاتهم مع أبنائهم ونحاول سوياً وضع الخطط التربوية في جلسات إرشادية نظراً لعظم دورهم في العملية التربوية لأبنائهم وإعداد البرامج الخاصة بهذا الشأن لتعميق الثقافة الوالدية المسؤولة. فما المهارات التربوية التي يتدرب عليها الآباء؟ - إدارة الغضب. وفيم تتلخص تلك المهارة؟ - تتلخص هذه المهارة في تدريب الآباء على التخفيف من حدة غضبهم مع الأبناء، فهناك العديد من التدريبات التي ندرب عليها الآباء الذين يترددون على المركز ليكونوا قادرين على إدارة غضبهم، فإذا لم يتمالك الوالدان غضبهما سينتج عن ذلك مشكلات أكبر من تلك التي سعيا لحلها من خلال غضبهما، لأن الغضب هو حل مؤقت للمشكلة وعقبها تتكرر ويتحول سلوك الطفل من عفوى إلى صور شاذة، ومنها العناد والانتقام أو الانسحاب. كذلك ندرب الأبوين على ضرورة زرع الثقة بالنفس لدى أبنائهما فمن خلال عملي أستطيع أن أجزم أن أغلب مشكلات الأطفال نابعة من عدم الثقة بالنفس ويترتب على عدم الثقة بالنفس مشكلات أخرى كالانطوائية وعدم القدرة على الدفاع عن النفس، فتكون شخصية الطفل ضعيفة وهشة وغير قادر على التعامل مع مَن حوله بشكل صحيح، ففقدان الثقة بالنفس بوابة للكثير من المشكلات كالخوف والقلق والاكتئاب. فعندما يخطئ الطفل ويتعامل معه الأبوان بقدر من التفاهم والود، فهذا يعزز تقديره لذاته وثقته بنفسه، أما إذا تعاملوا معه بقسوة وعصبية وعنف، فالطفل سيرد على ذلك بسلوك غير مقبول فسيكون رد فعله إما العناد الذى قد يؤدى إلى العنف والانتقام إذا لم يتعلم الوالدان الطريقة الصحيحة للتعامل مع الطفل، أو أن ينسحب من الموقف دون أن يتعلم شيئاً، فهنا نستطيع القول: إنه حسب ردود أفعال الآباء يتشكل سلوك الطفل. هل توجد مهارات لإلقاء الأوامر؟ - بالتأكيد توجد مهارة لإلقاء الأوامر، وهنا يظهر الكثير من الأخطاء التربوية، فعلى سبيل المثال أن يقوم أحد الأبوين بإصدار الأمر بالمذاكرة مثلا، فنجد الطفل يتعامل مع الأمر على أساس منطق يتبناه يدخل في جدال مع والديه (لسه بدرى -بعد البرنامج التلفزيونى،......) وكذلك من الحجج والمبررات المنطقية من وجهة نظره، لذا فطريقة إلقاء الأمر خاطئة من ناحية أنها تتيح له أن يقوم بالجدال والمناقشة وهنا على الأبوين أن يدركا أن الطفل يريد التملص من هذا الأمر ولا يرغب في تنفيذه أيضا تكرار الأمر اكثر من عدة مرات بشكل يتبرمج الطفل عليه هو أن التكرار سيتبعه ملل من الأبوين ثم يتوقفا عن إصدار ذلك الأمر أو يثوران بالغضب فينفذ تنفيذاً مؤقتا، مما يصيب الأبوين بالإنهاك ويكثران الشكوى من الطفل ومن الدراسة ويحدث ارتباطات شرطية سلبية لسياق الموقف الدراسى كامل بشكل سلبى فتصبح الدراسة همّاً كبيراً عند الأبناء والوالدين يصحبه مشاعر سلبية وسلسلة من السلوكيات غير المرغوبة. كيف يمكن تعزيز السلوكيات الإيجابية؟ - من الأخطاء التربوية في هذا الإطار عدم التركيز على إيجابيات الطفل، كذلك عدم تغافل الآباء عن بعض أخطاء الأبناء في مراحل عمرية معينة وهذا يولد نفوراً من الطفل ويصبح لديه معتقدات سلبية عن شخصيته أنه منبوذ أو غير مرغوب أو منتقَد ممن حوله، وهذا يُضعف شخصيته وثقته في نفسه، بينما إذا ركزوا على إيجابياته في حوارهم معه ستتولد حالة من الاحتواء والتفاهم بينهم ويرغب في نيل استحسان وحب والديه، وهي بعض السلوكيات الخاطئة التي تصدر من الطفل نتيجة انتقاله من مرحلة عمرية لأخرى، فعلى الآباء إدراك تلك السلوكيات والقدرة على التعامل معها. أتذكر أن أماً أتت إلى المركز تشكو من سلوك السرقة لطفلتها التي كانت على أعتاب مرحلة المراهقة وكانت الأم في حالة غضب ولم تستطع أن تغفر لابنتها هذا السلوك وشعرت أن هذا الأمر سيستمر معها مدى الحياة، من الجيد أن يراقب الأهل سلوكيات أبنائهم ولكن من الخطأ عدم الغفران وعدم إدراك التحولات لدى الأبناء، فلابد من النظر لمشكلات الأبناء وسلوكياتهم أنها دائماً قابلة للتهذيب والقدرة على عودتهم للمسار السليم مرة أخرى، بمعنى أصح تصحيح الحديث مع الذات، خاصة بالنسبة لأخطاء الأبناء بدلا من قول: (هذا ما منه خير إلى فيه الخير بيرد لفطرته السليمة، مشكلة وبتعادى، إن شاء الله بنجد حل سويا بالحوار والتفاهم) يشعر بعض الآباء أن التربية واجب يجب تأديته على الوجه الأمثل فهل هذا مطلوب؟ - من الأخطاء التربوية، نظرة الآباء لمنظور التربية على أنه واجب ولا يرى أي متعة في هذا الدور التربوي، مما يجعل الآباء مستاءين طول الوقت ويشعرون بثقل المسئولية في حين إذا نظر الأهل للتربية أن بها جوانب متعة، على الرغم من المجهود الذي يُبذل فيها سيختلف الأمر برمته إلى الأفضل. ما هي مهارة تنظيم الدراسة الأكاديمية؟ - مهارة «تنظيم الدراسة الأكاديمية»، هي مهارة إذا توافرت لدى الآباء ستوفر عليهم الكثير من المجهود المبذول أثناء تدريس الأبناء في المنزل وتعلم هذه المهارة أيضاً يتم من خلالها وضع جدول منظم للأبناء، تنظيم الاستراحات، التغذية المناسبة، الأنشطة الترفيهية، أنشطة لتنمية الانتباه، والذاكرة في شكل العاب تربوية. هل تختلف المهارات التربوية حسب المرحلة العمرية للطفل؟ - نعم، تختلف فعلى سبيل المثال التدريب على مهارة زرع الثقة بالنفس تختلف للطفل عمر 7 سنوات عن عمر الطفل 12 سنة وهكذا فتختلف طريقة إيصال المهارة للطفل حسب عمره ففي عمر 4 سنوات أستطيع إيصال هذه المهارة من خلال الرسوم المتحركة، أما في عمر 7 عن طريق حوار وقصة. هل اشتكى بعض الأهالي من أن الاستراتيجيات التربوية تؤتي ثمارها مع بعض الأطفال ولا تأتي بنتيجة مع آخرين؟ - نعم والسبب في ذلك ليس قصورا في الاستراتيجية، ولكن شخصية الأطفال مختلفة وطرق استجابتهم مختلفة فبعض الأطفال يتطلب الأمر معه مزيد من الوقت والصبر والنقاش وهذا يتطلب من الأهالي الفهم الجيد لشخصية كل طفل من أبنائهم وأن لكل طفل مفتاحا لشخصيته لن يصل الوالدان إليه إلا بالحوار والتفاهم لاحتياجات الطفل النفسية والاجتماعية والمادية، وذلك يتطلب الصبر والجهد لفترة حتى يرتاح الوالدان لباقى العمر، مثال على ذلك: هل جميع أنواع الشجر تنمو بنفس الوقت أم هناك أنواع تؤتى ثمارها بعد سنوات وأخرى بعد شهور؟، كذلك الطفل، لذلك لا نتعجل النتائج ولكن علينا أن نثق أننا نتبع الطرق والمهارات التربوية الصحيحة ونصبر على الثمار، ولكن نتأكد أنها ستُخرِج ثمارا شهية إن شاء الله. ولكن في المجمل الخطط التي نضعها للأهالي لحل مشاكل أطفالهم هي ناجحة بنسبة كبيرة جداً لأنها نتاج أبحاث ودراسات وتجارب وخبرات عملية، ولكن لكي تنجح لابد من تنفيذها مع الالتزام بها وجدولها الزمني كي تحقق النتيجة المرجوة منها. ما هي المؤشرات التي يمكن من خلالها اكتشاف نجاح الأسلوب التربوي للأبناء؟ - الصحة النفسية للطفل هي أقوى المؤشرات التي يمكن من خلالها الحكم على نجاح الآباء في تربية أبنائهم فكلما كان الطفل حيويا ونشيطا ولديه طلاقة في حديثه ولا يهاب الأشخاص ولا يخاف كثيراً ولا يخجل من المواقف التي يقابلها ومنطلق ومناقش ولديه استبصار بالواقع وتظهر لديه مواهب تعنى أنه يعيش في بيئة آمنة تتوفر فيها أساليب ومهارات تربوية ويمكن اكتشاف ذلك من خلال اختبارات نقوم بها في المركز مع ورود الحالات لدينا وعمل القياس العلمى قبل العلاج والبعدي بعد العلاج لاكتشاف مدى الصحة النفسية للطفل.;

مشاركة :