الحماد والمجيرمة أشهر منازل الحرار النادرة بالمملكة.صيد الصقور هواية ممتعة وتجارة مربحة..

  • 11/12/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

2016/11/10 في هذه الأيام، تشهد صحارى الحدود الشمالية ومناطق من الساحل الشرقي للبحر الأحمر، حشداً كبيراً لهواة صيد الصقور من أنحاء المملكة ودول مجلس التعاون؛ حيث ينتشر الباحثون عن الصيد المرهِق - ولكنه ثمين - من شمال شرق محافظة حفر الباطن (الدبدبه والمسناه) حتى أقصى الشمال الغربي مروراً برفحاء وعرعر وحزم الجلاميد وطريف والقريات؛ وكذلك على امتداد الشريط الساحلي شرق البحر الأحمر في محافظة الليث والقنفذة، ومحافظة حقل بمنطقة تبوك. موروث تاريخي يجوب عشاق هذه الهواية أرجاء الصحراء بحثاً عن ضالتهم المهاجرة «الصقور المتوحشة»، وهي من أعرق وأقدم الهوايات الأصيلة الضاربة في عمق التاريخ تتوارثها الأجيال عن الآباء والأجداد منذ آلاف السنين، وهي ذات أثر عميق في حياتهم ومعيشتهم لا يقل عن مكانة الإبل والخيل قديماً وحديثاً. وبحسب المدوّن في التاريخ العربي القديم أن أبا العرب إسماعيل عليه السلام كان صياداً؛ وهذا يعني أن العرب كانوا يمارسون رياضة القنص والصيد في القرن الثامن عشر قبل الميلاد. وألفوا في ذلك مؤلفات عديدة ولا يمكن اعتبار الصيد البري حرفة كالحِرَف الأخرى، بل هو من الهوايات الأثيرة لدى محبي الفروسية والرحلات البرية.. برع العرب في تأديب وتدريب الصقر ومعاملته بشكل حسن، وأصبح اقتناء الصقر يعد رمزاً وطنياً في كثير من البلدان. ولم يعد اقتناء الصقر هواية فقط في المنطقة العربية، بل أصبح استثماراً مربحاً، حيث تقام مزادات كثيراً ما تشهد إقبال المواطنين الخليجيين على وجه الخصوص مع بدء موسم الصيد في الشتاء، للبحث عن أفضل السلالات من حيث القوة والمهارة، وتمتاز صقور أبناء الخليج على نظرائهم في هذه الرياضة على مستوى العالم. كان الصيد بالصقور في الأزمنة الغابرة وسيلةً لتوفير لحم الطيور والحيوانات البرية من الحبارى والأرانب، أما اليوم فقد أصبحت «الصقارة» رياضةً فيها الكثير من المتعة والمغامرة، وتشير إحصاءات غير رسمية إلى أن 50% من عشاق هواية صيد وشبك الصقور النادرة هدفهم الاستفادة المادية والنصف الآخر ينشد التسلية ويعتبرها رحلة في حد ذاتها، فقد يعود الصياد من رحلته الشاقة مثلما ذهب إليها، وإذا حالفه الحظ فربما لا يتعدى صيده صقراً واحداً قد يكون من صنف ضئيل الثمن في السوق، إلا أن العملية متعة في ذاتها وجديرة بمعايشتها وباعتبارها أعرق رياضة تشعر ممارسيها وعشاقها بقمة السعادة وراحة عميقة بعد إعادة الحياة لغريزة متأصلة في نفوسهم تجمدها الحياة المدنية وتحيي غرائز رجولية متأصلة داخل النفس البشرية كما يقول معظم «الصقارين المحترفين» المنخرطين في مناخ جماعي يتزايد لممارسة هذه الهواية. وقد شجعها بشكل مباشر تخصص عديد من الشركات والمؤسسات في تنظيم رحلات الصيد على الرغم من أن المحترفين يفضلون الصيد منفردين ضمن طقسهم البدائي. بيئات الصيد تعتبر منطقة «الحمّاد» التي تبعد 60 كيلومتراً عن غرب محافظة طريف في منطقة الحدود الشمالية، وكذلك قرية المجيرمة (شمال غربي مدينة الليث بمسافة نحو 30 كيلومتراً) أشهر وأبرز مواقع صيد الصقور الثمينة ليس على مستوى مناطق المملكة، بل على مستوى دول الخليج ككل، ولذلك تكتظ هاتان المنطقتان بأفواج الصقارين الذين يفدون إليها من داخل المملكة ومن دول الخليج العربية مع مطلع شهر سبتمبر من كل سنة، وهذا التاريخ يعرف ببداية موسم صيد الصقور النادرة، إذ تشتهر بجذبها لأغلى أنواع الصقور في العالم التي تعبرها في هجرتها السنوية. وقبل انطلاق الباحثين عن الصقور، يتم تجهيز أدواتهم وأهمها (المقراب = الدربيل، وجهاز الكنود). والجدير ذكره أن عشق صيد الصقور جعل المولعين به من دول الخليج يألفون ارتياد هذه المناطق منذ أكثر من 30 عاماً.. يقول محمد المنصوري من دولة الإمارات الشقيقة: نعيش نحن ورفقاؤنا من إماراتيين وكويتيين وقطريين مع أشقائنا السعوديين في محافظة طريف ومنطقة الحماد طوال أيام الموسم، مشيراً إلى أن الغالبية منهم يضطرون إلى تأجيل إجازاتهم السنوية إلى هذا الموسم للبحث عن الصقور في صحراء الحماد، كما تحدث المواطن القطري سعيد المري الذي اعتاد منذ 30 عاماً على قضاء أسبوعين على الأقل في صحراء الحماد وطريف وحزم الجلاميد، وأشاد في حديثه ل «اليمامة» بعمق العلاقة التي تربطهم بالسكان المحليين «منذ سنوات طويلة، ووجدناهم إخواناً لنا وأصحاباً وخير من يرحب بالضيف»، مشيراً إلى أن بعض زملائه يقضون شهراً كاملاً في المنطقة للحصول على صقر مناسب لبيعه أو المشاركة به في مسابقات تنظم في دول الخليج، مؤكداً في الوقت نفسه أنه سبق أن حقق نتائج جيدة بالصقور التي جلبها من الحماد. طرق الصيد تتنوع وسائل صيد الصقر فمنها طريقة «المخدجة»، حيث يتم صيد الطير في دجى الليل، باستخدام حديدة طولها 4 أمتار في مقدمتها دائرة حديدية بداخلها شبكة تشبه الشبكة المستخدمة في كرة السلة، ويتم الصيد بتسليط ضوء مركز وقوي ودقيق غير منتشر على عيون الصقر ووضع المخدجة عليه. أما طريقة «النقل» فتتم باصطياد طير الباشك أو العقاب، ووضع ريشه في قدمه أو قطعة لحم، مع وضع شبكة في أقدامه وتطييره في أوقات محددة بعد العاشرة صباحاً، على أمل أن يهاجم صقراً في الأجواء النقل. وبحسب قول كثير من الصقارين، فإن الصقر فور اصطياده يتعرض لإغماء بسيط يستغرق عدة دقائق، ويتم إيقاظه برش قليل من الماء على رأسه. وبعد اصطياده - يقول الصقار صالح الغيثي-: يجب تدريبه بشكل مستمر ليتعود على الصقار، فهو يحتاج إلى فترة أسبوعين كاملين حتى يعتاد على صقاره، الذي يستخدم في البداية خيطاً لترويضه، وأجهزة تعقب إلكترونية تحدّد مكانه بدقة في حال اختفائه، ويستمر هكذا حتى يعتاد الصقر على الصقار، وتنشأ بينهما بعد ذلك حالة من الانسجام والألفة. أصناف وأسعار يصنف هواة صيد الصقور والمتخصصون فيها، الصقور إلى أربعة أصناف: يضم الأول منها الصقر الكامل بأنواعه الثلاثة (الفارسي الأبيض والروسي والباكستاني) ويعد الفارسي الأبيض أفضل أنواع الصقور على الإطلاق لتميزه على سائر أنواع الصقور الأخرى، ويراوح سعره بين 100 و300 ألف ريال، ويأتي بعده الروسي الذي يراوح سعره ما بين 20 و100 ألف ريال ثم الباكستاني المعروف باسم «الوحش» أي الذي لم يقع في يد أحد القناصة ولم يتم اصطياده من قبل أو لم يتم تدريبه على الصيد ويراوح سعره ما بين 20 و 60 ألف ريال. ويعرف الصنف الثاني من الصقور باسم المثلوث ويضم أيضاً ثلاثة أنواع هي الفارسي والروسي والمثلوث الباكستاني وتراوح أسعارها ما بين 3 و8 آلاف ريال، والصنف الثالث من الصقور يعرف بالوكري ويندرج تحته ثلاثة أنواع هي: «النادر» ويتميز بكبر حجمه و«لزيز» و«التبع» ويراوح سعرها ما بين ألفين وأربعة آلاف ريال. أما الصنف الرابع من الصقور فيعرف باسم « الشياهين» وهي إناث الصقور ويضم ثلاثة أنواع هي: الشيهانة الفرخ «وفرخ بحرية ذات رأس أسود»، والمثاليث من الشياهين والشيهانة الكاملة «قرناس»، ويعد النوع الأول من أفضل أنواع الشياهين ويراوح سعرها ما بين 25 و50 ألف ريال، ويراوح سعر النوع الثاني ما بين عشرة آلاف و20 ألف ريال، مقابل سبعة إلى تسعة آلاف ريال للشيهانة الكاملة وهي النوع الثالث من صنف صقور الشياهين. ويتم تحديد ثمن الصقر الأغلى سعراً من خلال مواصفات عدة، ذكر الصقارون منها: القدرة على صيد طائر الحبارى، والسرعة، والساق القصيرة والمنقار المتناسق، ولفحة الجناح السريعة.. وإذ يؤكد الصقارون أن عمر الصقر يصل إلى 20 عاماً، فإنه بعد أن يبلغ عمره 12 عاماً يفقد كل مميزاته، حيث يضعف بصره، وتقل سرعته، ولا يستطيع تأمين طعامه إلا بمساعدة الصقّار. سر الإبصار القوي تستخدم الصقور حاسة البصر القوية، التي تمكّنها من رؤية فريستها من ارتفاعات شاهقة، وتُعزى قوة إبصار الصقور، إلى احتواء شبكية عينيها على أعداد من الخلايا العصبية الضوئية، أكبر بكثير، من مثيلاتها في الإنسان والحيوانات الأخرى، وتتجمع الخلايا الضوئية، في مكان يُطلق عليه «البقعة الصفراء» تكون شدة الإبصار فيه أقوى ما يمكن، وفي عين الإنسان يوجد مكان تجمع واحد من الخلايا الضوئية، أما في حالة الصقر، فيوجد تجمعان، وشكل مقلة الصقر، يختلف، إلى حد ما، عن مقلة الإنسان، والحيوانات الثديية الأخرى، وهو ما يسمح بوصول الأشعة الضوئية إلى هذين التجمعين.

مشاركة :