القيادة الاستثنائية تأتي دائما بشيء جديد لم يسبقه إليها أحد، وهكذا هي قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة التي ما إن وضعت في سياساتها أهمية الاستثمار في الإنسان حتى وضعت خططاً وأهدافاً، فسنت قوانين وتشريعات لتعليمٍ راقٍ وثقافة عالية مع وإتقان عمل في مشاريع النمو والتنمية والبناء، تنافس دوماً وتسابق وتكسب الرهان لتفاجئ العالم بتبني الأفكار ودعم الإبداع والابتكار منذ سنوات طويلة في تاريخها، ولأن الإمارات لا تأبه أو تلتفت للخلف، ففي كل مرة تقدم فيها مبادرة وتتخذ قراراً تجد «المنهجية» الدقيقة في التنفيذ والمتابعة هو ديدنها، وما قانون ترسيخ «القراءة» ببعيد، فعندما أصدر «قانون القراءة» انطلاقاً من التوجيهات الحكيمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله) ليكون هذا القانون الأول في العالم، فقد تجسد معنى القيادة الرشيدة ودورها العظيم في المشاريع الاستثمارية في العقل البشري، وحرصها الدائم أن تكون الرقم واحد نحو التطور والنهضة الفكرية. جاء قانون القراءة في أكمل وأتم صورة، فلم يكن حبرا على ورق بل جاء بقالب تشريعي وبرامج تنفيذية اختيرت بعناية فائقة، حدد معه مسؤوليات حكومية مدعمة بخطة وطنية وتشكيل لجان إشرافية على تنفيذ أحكام هذا المرسوم حتى تصهر القراءة في بوتقة واحدة. ومما يلفت النظر في هذا القانون حثه على القراءة بشكل كبير ليس في وقت الفراغ فحسب بل حتى أثناء العمل، ليجد الموظف أن من حقوقه الحصول على ساعات للقراءة أثناء الدوام الرسمي إلى تخصيص شهر وطني للقراء ويقطف الثمرة بجوائز تكريمية سنوية للمتميزين في ذلك. وما يميز القانون تطبيقياً أن تشجيعه للقراءة يفوق التصور ويضمن نجاحه هو النسج المتين والتكاملية من جميع الوزارات لتنفيذه، فتجد المجلس الوطني للإعلام ووزارتي الثقافة وتنمية المعرفة والاقتصاد تثري المحتوى القرائي وتصديره ببرامج تطويرية، والمجلس الوطني للإعلام وضع سياسة إعلامية متكاملة تقدم رسالتها بمهنية عالية، وتجد كذلك أن وزارة التربية والتعليم الحجر الأساس في التطبيق، فاستطاعت أن تكون رائدة في ترجمة توجهات القيادة بتشجيع القراءة فاستثمرت أوقات فراغ الطلاب ونشرت الثقافة بينهم من خلال تنمية مهاراتهم في القراءة من جهة ومن جهة أخرى بتطوير عملية التواصل التقني مع المكتبة الإلكترونية وتبنت مبادرات مفيدة وممتعة وأقامت مسابقات ك«مسابقة القراءة الأسبوعية» لرفع الوعي وتنويع المعرفة بين الطلاب. وفي نفس المنعطف يؤكد التربويون أن هذا القانون الفكري سيجعل الآباء والأمهات يقرؤون ويصنع لديهم عادة القراءة اليومية مما سينعكس تأثيراً مباشراً على اتجاهات الأبناء نحو القراءة وغرسها فيهم بشكل أكبر، ليؤكد ذلك وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بأن قانون القراءة «هو بداية لتغيير ثقافي وحضاري مستدام بين أجيالنا.. تغيير يرسخ قيمة الكتاب، ويمجد العلم والمعرفة ويُعلي شأن القراءة». د. محمد المسعودي باحث ومستشار تربوي
مشاركة :