أعلم أن ما سأذكره قد لا يروق البعض؛ لكن ما العمل حينما يخلط البعض عمدًا - أو عن غير قصد - بين القطاعات الثلاثة.. الحكومي والخاص والخيري! القطاع الحكومي يفترض أن تكون لديه أنظمة وقوانين وتقاليد عريقة لا تقبل التجاوز، أو المساس بها، مهما كانت النوايا سليمة.. الحفاظ على شخصية المؤسسة الحكومية وحمايتها من الاجتهادات هو حفاظ على كيان وهوية الدولة، وهيبتها. حينما تتقمص المؤسسة الحكومية - ورأسها ورئيسها - حالة المؤسسات الخيرية وتفتح ذراعيها للتبرعات من المحسنين، وتقبل الصدقات وما في حكمها من كفارات يمين، وزكوات فطر، وأرز وتمر، وملابس قديمة، ودفايات ومكيفات مستعملة، فهذا يعني أن هناك خللًا لا يقبل السكوت. الأمثلة كثيرة، والمحيّر أن الإعلام يتداولها أحيانًا من باب الثناء والتبجيل دون البحث عن الحالة التي أوصلت مؤسسات عريقة تحظى بموازنات كبيرة أن تمد يدها إلى المحسنين! أمرٌ غير مفهوم أن تفتح التبرعات في مؤسسات الحكومة، فيصبح من حق الموظف الغني أن يبني ويؤثث ويجهز ما يشاء في المؤسسة.. فتضيع البوصلة؛ هل هو يرمم بيته الخاص، أم مؤسسة حكومية لها موازنة معتمدة من الدولة.. وما هو أثر عمله هذا في نوعية وطبيعة علاقته بالمؤسسة بعد ذلك! يقول الخبر المنشور خلال هذا الأسبوع، إن معلمة فاضلة في إحدى المدارس أنفقت مبلغًا يفوق أربعين ألف ريال من حسابها الشخصي؛ لإنشاء صالة متكاملة بجهودها الذاتية؛ لغرض الترفيه عن طالبات المدرسة التي تعمل فيها! ليس هذا فحسب؛ بل قامت بعمل جدول خاص لتقييم النشاط داخل هذه الصالة، وأدخلتها ضمن النشاط المدرسي! مثل هذه الأعمال وإن كانت مبادرات خلّاقة وحسنة، ودوافعها بيضاء نقيّة؛ إلا أن مكانها الصحيح من وجهة نظري ليس مؤسسات الحكومة، بل القطاع الخاص أو الخيري.. الدولة مسؤولة عن مؤسساتها.. المطلوب من الموظف أن يعمل العمل الموكل إليه فقط.. الاجتهادات لها مكان آخر. الخلاصة: حينما تقبل المؤسسة الحكومية الدعم والهبات من أحد موظفيها، هل تستطيع أن تضعه تحت مسطرة واحدة مع بقية الموظفين؟!
مشاركة :