حوار: عبير أبو شمالة كشف ميروسلاف دوشيك رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنتدى الاقتصادي العالمي أن الإمارات أبدت استعداداً لتبني وتطبيق الفرضيات الجديدة المتوقع أن تخرج بها اجتماعات مجالس المستقبل التي تبدأ اجتماعاتها اليوم في دبي لتصبح الدولة بذلك مركزاً تنطلق منه أهم المبادرات العالمية والتطبيقات القائمة على التقنيات الأحدث والأكثر ابتكاراً. وأكد في حوار مع الخليج أهمية الثورة الصناعية الرابعة التي تنتظر العالم في المرحلة المقبلة. وقال إن مجالس المستقبل العالمية هي مبادرة جديدة كلياً تختلف عن مجالس الأجندة العالمية التي كانت تعقد في الإمارات على مدى السنوات الثماني الماضية، وقال إنها تمثل التطور الطبيعي في علاقة المنتدى الاقتصادي العالمي وشراكته مع الإمارات. وأكد تفاؤل المنتدى الاقتصادي العالمي حيال الأداء الاقتصادي للإمارات مرجحاً أن يتجاوز النمو الاقتصادي للدولة في العام الجاري 3%، وهو معدل إيجابي للغاية في ظل المعطيات العالمية. وقال إن الإمارات تعد الاقتصاد الأكثر تنوعاً وتنافسية على مستوى اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وهي في المرتبة 16 عالمياً بين أكثر الاقتصادات تنافسية. وفيما يلي نص الحوار: هل يمكن أن تحدثونا عن اجتماع مجالس المستقبل بصورة أكبر؟ وهل يمكن اعتبارها المرحلة الثانية من مجالس الأجندة العالمية؟ إننا نعيش المستقبل اليوم! أو على الأقل كل من يشارك في الاجتماع السنوي الأول لمجالس المستقبل العالمية 2016 في دولة الإمارات في اليومين القادمين، حيث تستقبل دبي هذا الأسبوع كبار الخبراء من مختلف أنحاء العالم للنظر في التحديات الأكثر إلحاحاً التي تواجه المنطقة، وللنظر ودراسة عالم تتشابك فيه الإنسانية بعلم الأحياء وبالآلات أكثر فأكثر كل يوم. وينظم الاجتماع السنوي لعام 2016 لمجالس المستقبل العالمية، بالتعاون ما بين المنتدى الاقتصادي العالمي ودولة الإمارات، ويضم 35 مجلساً مستقبلياً تضم مستقبل البلوك تشين، ومستقبل حقوق الإنسان، ومستقبل المواد المتقدمة، وتعتبر هذه المجالس نقطة انطلاق لإيجاد الإجابات عن الأسئلة الأكثر تحدياً. وتعتبر هذه الخطوة هي التطور الطبيعي في شراكتنا مع الإمارات، وهي تعد مبادرة وجهوداً جديدة كلياً على اجتماعات مجالس الأجندة العالمية التي كانت تعقد في الإمارات على مدى السنوات الثماني الماضية، وهي انعكاس للتطورات على الساحة الاقتصادية العالمية. إنها مجالس برؤية مكرسة كلياً لصياغة مستقبل أفضل للعالم. خطوات جريئة وفي الواقع، فإن هذه ليست المرة الأولى التي تخطو فيها دولة الإمارات بخطوات جريئة كهذه في سعيها للتحضير للمستقبل. فقد حلّت الإمارات في المرتبة ال 25 للدول لأكثر ابتكاراً في العالم في تقرير التنافسية العالمية 2015-2016 الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي. حيث إنها تسعى لأن تكون نسبة 25 % من أبنيتها مطبوعة بطريقة ثلاثية الأبعاد 3D بحلول عام 2030. كما وستكون تقنية البلوك تشين أساساً لخدمات الدولة الحكومية آنذاك، هذا وتسعى الإمارات لأن تكون نسبة25 % من توليد الطاقة فيها من الطاقة النظيفة بحلول العام ذاته. ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الاتجاهات واضحة في دول أخرى في المنطقة أيضاً، ففي الأردن مثلاً نجد مؤسسة إدراك وهي منصة تعليم إلكترونية موجهة للناطقين باللغة العربية قارب عدد مستخدميها المليون مستخدم. بينما نجد أن مخيمات اللاجئين في وادي البقاع في لبنان بدأت بتطبيق مبدأ إنترنت الأشياء، (تطورٌ مقترح لتمكين أدوات الحياة اليومية من الاتصال بالإنترنت وإرسال واستقبال البيانات) من خلال أجهزة استشعار ترصد درجات الحرارة. أما في المملكة العربية السعودية، فقد بدأ العلماء بدراسة إمكانية إيجاد ألواح شمسية ذاتية التنظيف، الأمر الذي قد يكون نقطة تحول للطاقة الشمسية. كذلك نجد أن مخيمات اللاجئين في الأردن بدأت بتطبيق الجيل المقبل من نظام إدارة الهوية البيومترية من خلال ربط قزحيات أعين وبصمات 300000 لاجئ في عملية التوثيق والتأريخ والحسابات المصرفية. أما مصر فقد بدأت مؤخراً ببناء أول قرية تعمل بالطاقة الشمسية، من خلال دمج الألواح الشمسية في تصميم المنازل. رؤية مشتركة لا شك في أن هذه التغييرات تحدث بسرعة، وتماماً كما كتب البروفيسور كلاوس شواب في مقالته: قيادة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو المستقبل، ينبغي أن تكون القيم السائدة في المنطقة سمة أساسية في كافة التكنولوجيات الجديدة. وإن المؤتمرات العالمية كالاجتماع السنوي لمجالس المستقبل العالمية 2016 تساعد على خلق رؤية مشتركة لكافة دول المنطقة تتضمن القيم الثقافية الفريدة للعالم العربي. لطالما كانت دولة الإمارات شريكاً حقيقياً للمنتدى الاقتصادي العالمي، وإننا نتطلع إلى الأيام المقبلة بأمل كبير. معاً يمكننا أن نتساعد على بناء عالم عربي أكثر استدامةً، أكثر شمولاً، وأكثر نجاحاً. الصحيح أن أحداً لا يمكنه التكهن بالمستقبل، لكن مما لا شك فيه أننا نستطيع أن نشارك في تشكيل المستقبل وصياغته. وهل سيتم عرض نتائج اجتماعات مجالس المستقبل وتوصياتها على قمة دافوس السنوية؟ وما هي آلية التعاطي مع هذه التوصيات؟ أبدت حكومة الإمارات استعدادها لبحث الفرضيات التي يتوقع أن تنتج عن اجتماعات مجالس المستقبل التي يشارك فيها النخبة من الخبراء العالميين، لتنتخب أفضلها وتبادر إلى تطبيقها لتكون بذلك المركز الذي يبدأ فيه اختبار نجاح وفعالية هذه الفرضيات لتنطلق بعدها أفضل هذه المبادرات إلى العالم.وستعقد اجتماعات مجالس المستقبل في دبي بصورة سنوية لمتابعة التطورات ومواصلة الجهود الرامية لصياغة مستقبل أفضل. ما هو مستقبل العالم العربي في ظلّ الثورة الصناعية الرابعة؟ لم يحدث من قبل أن تساءلنا عن هذا الموضوع، لأنه ببساطة كان بعيداً جداً عنا. إلا أن العالم العربي لا ينفكّ يتغيّر بسبب الاتجاهات الجغرافية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تبعدنا أكثر فأكثر عن الوضع الراهن كما نعرفه. وبالنظر إلى هذه الاتجاهات في ظل الثورة الصناعية الرابعة، فإن الأسئلة التي تفرض نفسها علينا بقوة هي: أين نحن؟ وأين نريد أن نكون؟ فعلى سبيل المثال لا الحصر: كيف سيكون شكل الإنتاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الوقت الذي تتغير فيه نظم التصنيع والإنتاج بين عشية وضحاها؟ أو هل يمكن للمدن الذكية أن تساعد على معالجة فجوة البنى التحتية الكبيرة في المنطقة؟ أو كيف يمكن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أن تتحول من الاعتماد على النفط إلى الاعتماد على نظام طاقة أكثر استدامةً وأماناً وذي سعر معقول؟ فوز ترامب كيف ترون الوضع الاقتصادي العالمي في المرحلة الراهنة؟ وما هي برأيكم تأثيرات انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي؟ القضية الأبرز على ساحة الاقتصاد العالمي هي محدودية النمو، نعم هناك نمو لكنه ليس كافياً لكفالة الاستدامة، كما أن العالم يواجه اليوم أزمة في التوظيف مع ارتفاع مستويات البطالة، فهناك نمو لكن بدون وظائف جديدة، هناك نمو لا يكفي لتلبية متطلبات أسواق العمل. كما أن هناك دولاً ما زالت تعاني تبعات الأزمة المالية العالمية، ولم تتمكن من تجاوزها، والسؤال الأكثر إلحاحاً هو إن كانت هذه الدول ستنجح في العودة للنمو والتعافي أم لا؟ أما بالنسبة لانتخاب ترامب فما زال الوقت مبكراً للحكم على تبعات فوزه على الاقتصاد العالمي، فنحن لا نزال بحاجة للاطلاع على سياسة الإدارة الأمريكية الاقتصادية الجديدة. كيف ترون مستويات النمو الاقتصادي في الإمارات وما هي توقعاتكم للمرحلة المقبلة؟ نحن جد متفائلين حيال النمو الاقتصادي للإمارات، ومن المتوقع أن تسجل الدولة مستوى نمو اقتصادي لا يقل عن 3% هذا العام على الرغم من تأثيرات التراجع الحاد في أسعار النفط العالمية منذ عام 2014. ويرجع السر وراء تفاؤلنا إلى إرادة التطور والنمو المستمرة للإمارات والسرعة الفائقة في تبني وتطبيق المبادرات المكرسة للنمو والقائمة على أحدث التطبيقات والتقنيات، وليس فقط على مستوى الاقتصاد والتكنولوجيا لكن الحوكمة والابتكار. وبحسب تصنيفاتنا تعد الإمارات الدولة الأكثر تنافسية على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وهي في المركز 16 عالمياً بين أكثر اقتصادات العالم تنافسية. وتعد الإمارات الاقتصاد الأكثر تنوعاً على مستوى المنطقة.
مشاركة :