لندن (أ ف ب) - منذ اكثر من 30 عاما ومحاكم الشريعة التي تطبق الاحكام الاسلامية تعمل بهدوء في جميع انحاء بريطانيا. الا ان تحقيقين رسميين يسلطان الاضواء على هذه المحاكم التي تواجه اتهامات بالتمييز ضد النساء. ولا يعرف الكثير عن هذه المحاكم ولا تعرف حتى اعدادها اذ تقدر دراسة اجرتها جامعة ريدنغ بان عددها 30، في حين تقول مؤسسة "سيفيتاس" الفكرية البريطانية ان عددها 85 محكمة. وتبت المحاكم الشرعية او المجالس كما تفضل ان يطلق عليها، في قضايا الطلاق بين المسلمين. وتمثل هذه الامور 90% من مجمل القضايا التي تنظرها هذه المحاكم. ويمكن ان تكون هذه المجالس مجموعة من علماء الدين المسلمين الملحقين بمسجد ما، او منظمات غير رسمية او حتى امام احد المساجد. لكن ورغم ان هدف هذه المحاكم هو المساعدة على حل النزاعات العائلية واحيانا التجارية بين المسلمين، الا انها تتهم بتقويض حقوق المرأة. ويتحدث منتقدو هذه المحاكم عن حالات رفضت فيها منح الطلاق لنساء من ضحايا التعنيف، واتهموها بتشريع العنف بما في ذلك اغتصاب الزوج لزوجته. وفتحت الحكومة ونواب اعضاء في لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان تحقيقات هذا العام للتاكد مما اذا كانت هذه المحاكم تتوافق مع القانون البريطاني. وتدرس هذه المحاكم وظيفة هذه المجالس واذا كانت ممارساتها تمييزية ضد النساء. - "صعود الحركة الاسلامية" - ظهرت اول محكمة شريعة اسلامية في لندن العام 1982 في ظل حكومة مارغريت تاتشر التي قللت من تدخل الدولة في العديد من المجالات وبينها التدخل في النزاعات العائلية واوكلت هذه المهمة الى المجموعات الدينية. الا ان المحاكم الدينية وجدت منذ مئات السنين في بريطانيا سواء في الكنيسة الكاثوليكية او في الطائفة اليهودية، وفقا لامين الستواني المحاضر في القانون في جامعة لانكستر. وكما هو الحال في محاكم الشريعة فان قرارات هذه الجهات ليست ملزمة قانونيا، الا انها تمثل قيدا اخلاقيا واجتماعيا قويا لمن يلجأون الى هذه الهئيات، بحسب ما كتب الستواني في تقرير قدمه الى لجنة التحقيق البرلمانية. وقالت شايستا جوهر رئيسة "شبكة النساء المسلمات في بريطانيا" في افادتها في التحقيق البرلماني ان "محاكم الشريعة" مفيدة للمسلمين لكن يجب ان توضع في اطار "قانون قوي". كما دعت الحكومة الى جعل الزواج المدني اجباريا لمن يتزوجون طبقا للشريعة الاسلامية، وذلك لضمان حصول النساء على الحماية القانونية. وقالت ان 40% من النساء اللواتي يتصلن بالمنظمة متزوجات وفقا للشريعة الاسلامية فقط وليس امام النظام المدني البريطاني. الا ان مناصرات حقوق المرأة المسلمات يعتبرون ان المحاكم تمثل "نظاما قانونيا موازيا" ويجب حظرها بشكل تام. ووقعت اكثر من 200 منظمة نسائية محلية ودولية رسالة تؤيد هذا الراي، فيما طرح عضو في مجلس اللوردات البريطاني قانونا يقيد مجال عمل "محاكم الشريعة". وقالت مريم نامازي المتحدثة باسم حملة "قانون واحد للجميع" لوكالة فرانس برس ان هذه المحاكم "تمييزية واحيانا مسيئة، وهي تؤيد وتشرع العنف". واضافت "هذه المحاكم مرتبطة بصعود الحركة الاسلامية. وتقول الان انه اذا اردت ان تكون مسلما صالحا عليك ان تتوجه الى هذه المحاكم لتحصل على الطلاق. هذا ليس صحيحا". وذكرت المعلقة السياسية السويسرية الهام المانع مؤلفة كتاب "النساء والشريعة الاسلامية" والتي درست هذه الظاهرة على مدى اربع سنوات، أن جماعات اسلامية كانت اول من أسس هذه المجالس. وقالت ان هذه المجالس "تعمل بموافقة ضمنية" من المؤسسة السياسية البريطانية. واضافت ان "هناك نوع من التردد من قبل المؤسسات البريطانية للتدخل فيما تعتبره شؤون داخلية للمسلمين". ويبقى ان نرى ما اذا كانت التحقيقات ستغير الوضع. لكن مجرد بدا هذه التحقيقات بدأ يترك اثرا. فمسجد لندن المركزي يحاول الان تنظيم هذه المجالس من خلال وضعها تحت مظلة واحدة وهي "المجلس البريطاني لمحاكم الشريعة" الذي يضم حاليا 15 عضوا.
مشاركة :