«المركزي» يصدر مسكوكة تذكارية عن أول عملة وطنية في تاريخ الكويت - اقتصاد

  • 11/14/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

في إطار جهوده الرامية إلى توثيق التاريخ الاقتصادي للكويت، أعلن بنك الكويت المركزي عن إصدار نسخة تذكارية عن أول عملة وطنية في الكويت، وذلك بمناسبة مرور 130 عاماً على إصدارها، وبدء التداول بها في الكويت والمنطقة. ففي العام 1886، وفي عهد المغفور له الشيخ عبد الله الصباح الثاني، الحاكم الخامس لدولة الكويت، جاءت المبادرة الفعلية لإصدار العملة الوطنية الأولى في الكويت، كأول محاولة جادة لبناء نظام نقد مستقل. وجاء إصدار هذه العملة انعكاساً للوضع الاقتصادي المتنامي الذي تمتعت به الكويت منذ بداية حكم آل الصباح لها وعملهم الدؤوب على تعزيز مكانتها وترسيخ استقلاليتها السياسية والاقتصادية عما جاورها من بلدان، كما جاءت هذه المبادرة لحرص الكويتيين أنفسهم على أن تكون لهم عملتهم الوطنية الخاصة. نبذة تاريخية قلة عدد السكان وبساطة الحياة كانت هي السمات السائدة في الكويت حتى بدايات القرن الثامن عشر، حيث الاعتماد الأساسي على الموارد الطبيعة البحرية منها والبرية، وما توفر فيهما من خيرات تبادلها أهل الكويت فيما بينهم مُقايضةً، فلم يكن هناك دوافع قوية تستوجب التداول المنتظم بالعملات. ومع مرور الزمن وتزايد عدد السكان وتزايد حاجتهم للسلع والخدمات ولتداخل المصالح بين الأفراد، بَرزت الحاجة إلى عُملة يتم من خلالها تنظيم تبادل السلع والخدمات في ما بين السكان من جهة، وما بين السكان والتجار من جهة أخرى، فظهرت في الأسواق العديد من العملات المتداولة في البلدان المجاورة في تلك الحقب الزمنية بأشكالها وأنواعها وقيمها المختلفة، وعُرفت آنذاك عملات منها طويلة الحسا، والليرة العثمانية، والغران الإيراني، والريال النمساوي أو الريال الفرنسي، والبرقشي الزنجباري، والبيزة العُمانية والجنيهات الانجليزية الذهبية، وقد تداول الكويتيون هذه العملات دون تمييز أو تفضيل لعملة على أخرى، بالرغم من التباين الواضح في هذه العملات من حيث القيمة والشكل والمصدر. العملة والاستقرار السياسي ارتبط انتظام تداول العملات في الكويت بالاستقرار السياسي بها، حيث يُؤرخ ارتباط العملة في الكويت باستقرار آل الصباح واختيارهم من قِبل أهل الكويت حكاماً لها، فمع بدايات القرن الثامن عشر وبانتخاب المغفور له الشيخ صباح الأول عام 1718 كأول حاكم للكويت، وبالرغم من تيارات التغيير والنزاع بين القوى الاستعمارية المختلفة والسائدة في تلك الأزمنة، إلاّ أن الكويت شهدت استقراراً سياسياً ملحوظاً منذ استتاب الحكم لآل الصباح، حتى تسلّم الحاكم الخامس للكويت المغفور له الشيخ عبد الله بن صباح الثاني مقاليد الحكم (1866-1892)، الذي شهد عهده مزيداً من الاستقرار والقوة، فقد أظهرت السجلات البريطانية أن الكويت كانت تحتفظ آنذاك بأسطول تجاري وحربي في تلك الحقبة من الزمن. الأمر الذي يدل على ازدهار التجارة الكويتية في تلك الحقبة من الزمن، مما حدا بالشيخ عبدالله صباح الثاني بأن يأمر بسَك عملة نحاسية خاصة، نُقش على أحد وجهيها كلمة (الكويت) وتاريخ الإصدار (1304هـ) بينما حمل الوجه الآخر إمضاء الشيخ عبدالله الصباح. مواصفات «البيزة» الكويتية بعد أن أصدر الشيخ عبدالله الصباح الثاني قراره التاريخي بسَك عملة وطنية تعبيراً عن الوطنية والسيادة، أُنتجت هذه العملة من النحاس الأحمر الخالص وقيمتها (بيزة)، إذ أمر كبير الحدادين بسَك هذه العملة، وبالفعل تم سك بضع مئات منها وكانت طريقة السك يدوية أي عن طريق المطارق وقد انهمك الحدادون في سك هذه البيزة، لذا نجد أن وزنها وحجمها وسُمكها يختلف بين الواحدة والأخرى. فترة تداول محدودة وكانت محاولة الشيخ عبدالله الصباح الثاني في ذلك الوقت تعكس إلى أي مدى كانت الكويت تتمتع بالقوة على الصعيد السياسي والاقتصادي، مما شَجعه على اتخاذ هذا القرار، وبالفعل تم طرح (البيزة) وتم التعامل بها أشهر عدة، إلا أنها سرعان ما تلاشت من الأسواق بسبب الأوضاع السياسية السائدة بالمنطقة في ذلك الوقت وبالأخص سياسات الدولة العثمانية التي لم يَروق لها انفراد الكويت بسَك عملة لها خوفاً من التأثير الذي قد يحدث جراء سك مثل هذه العملة في المنطقة، كما كانت هناك أسباب أخرى لعدم استمرار التداول بهذه البيزة منها عدم قبول هذه البيزة لدى التجار بسبب اختلاف الأوزان. قرار حكيم بإيقاف التداول بالعُملة إلاّ أن أهم أسباب توقف التداول بهذه العملة يرجع إلى قرار سياسي حكيم من حاكم الكويت، الذي ارتأى أن الأجواء السياسية في المنطقة لا تسمح بإظهار هذا القدر من الاستقلالية الاقتصادية والانفراد بتداول عملة خاصة، وبناء على حساباته السياسية المتأنية لأحوال المنطقة جاء قرار الشيخ عبدالله الصباح الثاني، بسحب البيزة وإيقاف التداول بها تجنباً لمشكلات قد تنجم كانت الكويت في غنى عنها آنذاك، ولم يتبق من هذه العملة سوى أربع قطع فقط معروضة حالياً في متحف الكويت الوطني. وبالرغم من ذلك فلم يتوقف تفكير حُكام الكويت في التداول بعُملة خاصة بهم، إلى أن نجحت مساعيهم وتم إصدار الدينار الكويتي كأول عُملة وطنية بناء على قانون النقد الكويتي الصادر بموجب المرسوم الأميري رقم 41 لسنة 1960م واعتماد الدينار عُملة دولة الكويت الرسمية، ثم بدئ التداول به اعتباراً من أبريل 1961.

مشاركة :