دعا الخبير الاقتصادي العراقي عصام المحاويلي، الحكومة إلى التوقف عن الاقتراض الخارجي مهما كانت مصادره، لأنه سيشكل عبئاً على مستقبل الأجيال المقبلة، والنظر بجدية إلى تخفيف الأعباء المالية التي ترهق الدولة وتكلف الموازنة بلايين الدولارات، والتي هي أصلاً موارد الشعب. وقال في تصريح إلى «الحياة»، إن «للتنمية الشاملة شروطها ومتطلباتها، وتعني أن تتوجه كل موارد الدولة إلى البناء الاقتصادي، وتوظف كل الطاقات البشرية لتحقيق هدف كبير بأوجه عدة، هو الاستقرار الذي يحقق التنمية والتقدم». وأشار إلى أن «العراق يواجه عقبات كثيرة في طريقه إلى التنمية المنشودة ، وتجاوزها سريعاً أمر صعب في ظل الظروف الحالية في حال عدم إرساء الأسس الاقتصادية الصحيحة المتمثلة بتفعيل القطاعات الإنتاجية وإصلاح النظام المصرفي». ولفت إلى أن «المرحلة الحالية تتطلب خطوات لتحقيق التنمية الاقتصادية ومعالجة الاختلالات في الميزان التجاري، ومنها كثرة الواردات في مقابل ضعف الإنتاج. اقتصاد ريعي وأوضح المحاويلي أن «الاقتصاد العراقي ما زال ريعياً ويعتمد على مبيعات النفط، ما يجعله خاضعاً لتقلبات الأسعار العالمية»، موضحاً أن «الحكومات السابقة لم تنجح في إيجاد منافذ للواردات غير النفطية في شكل مستدام وثابت»، خصوصاً بعد القضاء «على القاعدة الصناعية التي كانت موجودة قبل عام 2003، ما ساهم في استنزاف موارد النفط عبر جعل السوق العراقية تلبي حاجاتها من الدول الأخرى». وشدد على أهمية استغلال الموارد الطبيعية المتاحة والحد من الاقتراض الخارجي لأنه يرتب أعباءً اقتصادية كبيرة في حال عدم تفعيل القطاعات الإنتاجية. ولفت عضو اللجنة الاقتصادية النائب برهان المعموري، إلى «أهمية تقليص الاعتماد الكلي على الإيرادات النفطية لتمويل الموازنات»، محذراً من أن ذلك «قد يؤثر سلباً في الكثير من المرافق الإنتاجية الأخرى، فضلاً عن أخطار إحداث تقلبات اقتصادية خطيرة». وأوضح أن «العام الحالي شهد توجهاً كبيراً من الحكومة واللجنة الاقتصادية واللجان الأخرى البرلمانية المعنية، نحو البحث عن منافذ وإيرادات أخرى لدعم الموازنة، بعدما أصبح النفط يغطي الرواتب فقط، والتي تحتاج إلى 50 تريليون دينار (40 بليون دولار)». وأسف المعموري «لكثرة الإيرادات التي لا تستفيد منها الحكومة والتي لا يتم التعامل معها بجدية، ومنها التعرفة الجمركية، إذ إن قانون التعرفة مهم وشُرّع في البرلمان وطبق في بعض المنافذ الحدودية، لكنه لا يستغل كما يجب». وأضاف: «نحو 25 في المئة من إيرادات المنافذ الحدودية تذهب إلى الموازنة، والنسبة المتبقية تضيع بسبب الفساد»، داعياً الحكومة إلى «زيادة الإيرادات غير النفطية في الموازنة، والتعامل معها بجدية». وأكد المعموري أن «رواتب الموظفين ثابتة ولن تُمسّ في موازنة عام 2017، التي سيكون ضمن أولوياتها دعم المحافظات المحررة من الإرهاب». ولم يستبعد أن تلجأ الحكومة إلى الاقتراض العام المقبل، لا سيما أن هناك رغبات دولية أخرى لدعم الحكومة ومساعدة العراق. وكانت أوساط اقتصادية أشادت بالإجراءات المالية للحكومة والتقديرات التي وضعتها في مشروع الموازنة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلق بتقنين العجز المالي وتقليص الاعتماد على النفط، إذ ستكون موازنة العام المقبل للمرة الأولى معتمدة على النفط بنسبة أقل من 90 في المئة. ودعت هذه الأوساط الحكومة إلى توسيع دائرة الإيرادات غير النفطية وتقليص أبواب الإنفاق في موازنة العام المقبل، مطالبة في الوقت ذاته الجهات المعنية بتفعيل دور القطاعات المدرة للدخل، مثل الصناعة والزراعة والسياحة، مع خفض الإنفاق على المشاريع غير الضرورية وخفض النفقات الحكومية، واتخاذ إجراءات جدية وحازمة في مكافحة الفساد وسرقة المال العام. ايرادات الموازنة وحضّ مراقبون على تفعيل القطاعات الإنتاجية، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة المدرة للدخل لدعم إيرادات الموازنة، وتقليص الاعتماد على النفط كمصدر لدخل الدولة. ولفتوا إلى أهمية أن يشهد العام المقبل تفعيلاً للجانب السياحي الذي يعد مورداً دائماً، مشددين على أهمية الشروع بالسياحة الدينية. وأشاروا إلى أن العراق يحتاج توجهات حقيقية تنهض بالجوانب الإنتاجية والخدمية التي تتصف بقدرتها على تحصيل إيرادات سريعة لخزينة الدولة، وتحريك عجلة الاقتصاد، عبر تعزيز القدرات الإنتاجية للقطاعين الخاص والعام. وشددوا على ضرورة تعزيز كفاءة الكوادر البشرية العاملة في كل القطاعات الإنتاجية والخدمية، بما يُغني عن استقدام اليد العاملة الأجنبية الماهرة التي تتطلب تكاليف إضافية، إلى جانب تقديم الدولة الدعم الميسر للقطاع الخاص وإشراكه في مشاريعها.
مشاركة :