لم تتيقن أسرة الطفل محمد سعد الذي يعاني من فشل كلوي، من جدية متبرع تواصل معها ليتبرع بكليته لطفلها المريض، حتى قابلته، ورافقته إلى المستشفى. وعرف المتبرع جابر العلي عن معاناة الطفل من طريق أحد مواقع التواصل الاجتماعي الذي استخدمته العائلة لنشر معاناة ابنها، والبحث عن متبرع له. ووظف السعوديون مواقع التواصل الاجتماعي في نشر قصص مرضى في حاجة إلى التبرع بأعضاء لزرعها في أجسادهم التي أنهكها المرض، وتجاوب رواد لهذه المواقع مع هذه الدعوات، مبدين رغبتهم في التبرع للمرضى ومساعدتهم من دون مقابل. وتمنع السعودية بيع الأعضاء وشراءها، وتفرض قيوداً «صارمة» لمنع المتاجرة فيها. فيما يقبل آخرون على التبرع بأعضائهم لأفراد من أسرهم. إذ تبرع شاب لوالدته بكليته أملاً بإنهاء معاناتها مع المرض. وخضع الشاب إبراهيم علي عطيف للفحوصات اللازمة قبل إجراء جراحة زرع كلى في المستشفى التخصصي في جدة نهاية الأسبوع الماضي، والتي تكللت بالنجاح. وأثار اسم المتبرع بداية شكوكاً حول ما إذا كان هو نفسه لاعب نادي الشباب أحمد عطيف، إذ قام مغردون بتدشين وسم عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بعنوان «عطيف يتبرع بكليته لوالدته»، معتقدين أنه لاعب الشباب الذي قام بذلك قبل أن يُقدم على الاعتزال. فيما المتبرع يدعى إبراهيم علي عطيف. ولم يكن تبرع عطيف الأول من نوعه، إذ تبرع سعوديون بأعضائهم لأشخاص لا يمتون إليهم بصلة، ومنهم جابر العلي الذي تبرع أخيراً بإحدى كليتيه لطفل تعرّف إلى معاناته في «إنستغرام»، ما دفعه إلى التواصل مع عائلة الطفل وإخبارهم برغبته في التبرع بكليته، لتخليص ابنهم من المعاناة. وقدم العلي صورة للإيثار وحب مساعدة الآخرين، من خلال هذا العمل الإنساني النبيل الذي قام به للطفل محمد سعد (14 عاماً). ونقلت «الحياة» في وقت سابق، عن أسرة الطفل المريض قولها أنها لم تصدق مدى جدية جابر في التبرع بكليته لابنهم، خصوصاً أنه سيتبرع من دون مقابل، «إلا أن جابر كان عند حسن ظن الجميع به، وتبرع لمحمد بكليته» وفق أحد أفراد أسرة الأخير. وأضافت الأسرة: «نرى في جابر بطلاً، ومخلّصاً لابننا محمد من معاناته، فلولا التعرف إلى رجل نبيل مثل جابر لم تكن لنا أية حيلة، إلا أن فضل الله أولاً، ثم جابر، كان في مثابة الخلاص لنا». وأكد جابر لـ«الحياة»، في تصريحه الأول بعد ثلاثة أيام من إجراء الجراحة، أنه رفض التصريح إلى عدد من الصحف، كي لا يؤخذ عليه أن ما قام به «رياء أو لكسب الشهرة، وحرصاً على مشاعر الطفل» وفق قوله. لكنه قرر الحديث إلى «الحياة» من أجل «تشجيع الناس على العمل الخيري، خصوصاً أن هناك قوائم كثيرة في انتظار زراعة الكلى». وقال: «بعد التواصل مع الأسرة، استغرقت الفحوص عاماً كاملاً لأسباب عدة، منها زواجي الثاني، إضافة إلى تدهور حال محمد وإصابته بفيروس في تلك الفترة. إلى جانب مراجعات دورية للمستشفى، للتأكد من جاهزيتي للجراحة وعرضي على فريق طبي للتعرف إلى نتائج التبرع وتبعاته كافة». وتشهد حالات الفشل الكلوي تزايداً مستمراً في المملكة، إذ يبلغ معدل الإصابات نحو 700 حالة سنوياً، فيما تمتلئ قوائم المستشفيات بالمتقدمين للحصول على كلى. ودشّن مغردون عبر «تويتر» وسماً بعنوان «تبرع بالكلى»، والذي يُمكن من خلاله معرفة الحالات التي تحتاج إلى التبرعات، سواء من الدم أو كلى أو كبد أو مساعدات مادية. وفي العام الماضي (2015)، تبرع شاب بإحدى كليتيه لمريضة من سكان رفحاء، بعدما قرأ عن حالها عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». وكانت المريضة تعاني من فشل كلوي وطلبت المساعدة بالتبرع، بسبب عدم قدرتها على تحمل كلفة زرع كلى. وقال الشاب المتبرع نايف المعيلي: «لم أتردد أبداً في رفع معاناة هذه المريضة»، وفقاً لما نشرته قناة «الإخبارية» عبر قناتها على «يوتيوب». ولم تقتصر حالات التبرع على الكلى فقط، إذ شملت أجزاء من الكبد، كان آخرها قيام مواطن في أيلول (سبتمبر) الماضي، بالتبرع بجزء من كبده إلى ابنة أحد أفراد القوات المسلحة المرابطين في «الحد الجنوبي»، والتي كانت تعاني من تليف في الكبد، وذلك في مستشفى جامعة الملك سعود بمدينة الرياض. وقرر أحمد الوزيه (18 عاماً)، أن ينهي معاناة الطفلة إيمان الحويطي البالغة من العمر عامين بهذه المبادرة الخيرية، سائراً على خطى شقيقه الأكبر مشاري الوزيه الذي سبق له أن تبرع بجزء من كبده هو الآخر لابنة أحد المرابطين العام الماضي. فيما تداول مغردون عبر «تويتر»، مقطعاً مصوراً يظهر فيه أفراد من عائلة الطفلة وهم يحتفون بالوزيه بعد خروجه من غرفة الجراحات، وهو في تمام الصحة والعافية.
مشاركة :