ما زلنا بعيدين عن الحياد عند التعامل مع جنسيات المجرمين في وسائل الإعلام، المجاملة والعاطفة تتسيد الموقف، فنحن نكتفي بذكر جنسية المعني بالخبر على النحو التالي: (خليجي، وافد عربي، آسيوي، مقيم أوروبي.. إلخ) عند صياغة أو نشر أي خبر حول جريمة أو خطأ أو مخالفة وقعت داخل المملكة، بينما وسائل الإعلام سواء العربية أو العالمية وللأسف حتى بعض الخليجية لا تتردد في ذكر جنسية كل (سعودي) يرتكب مخالفة أو خطأ في تلك البلدان، باعتبار ذلك حقاً طبيعياً لها..! في اليومين الماضيين نشرت وسائل الإعلام السعودية الأخبار التالية: (محكمة تبوك تمنح وافداً مُحتالاً فرصة ثالثة لإعادة مليون ريال إلى مواطن)! ما هي جنسية هذا المحتال؟ لا أحد يدري، رغم أن الخبر يقول إنه مستثمر وعليه اتهامات عدة بالتحايل على مواطنين وما زال طليقاً، ومع ذلك لم يتم ذكر جنسيته. خبر آخر يقول: (ضبط وافد متهم بتكسير صراف آلي برابغ) اكتفينا هنا بمنحه لقب (وافد آسيوي). خبر آخر يقول: (ضبط شاب عربي يقيم سهرة ماجنة بين شباب وفتيات من الوافدين، فيها مشروبات كحولية ومخدرات باستراحة جنوب المدنية المنورة)، لاحظ جميع الأطراف في الخبر هم مقيمون ووافدون من جنسيات متعددة ومع ذلك تمت الإشارة إلى أن أحدهم عربي فقط.. صحيح أن فعل هذا الشخص أو غيره يخصه هو وحده، ولا يجب أن ينسحب على كل من يحمل جنسيته، ولكن ماذا عن ذكر جنسية كل سعودي يصدر منه أقل خطأ في أي دولة؟! كتبت سابقاً أن ذكر الجنسية أو الأسماء في وسائل الإعلام (منطقة ضبابية) غير واضحة، ولا تخضع لقانون مُحدد مُتعارف عليه، بل هي أخلاقيات مهنية، هناك من يرى أن ذكر الجنسية جزء من الخبر، وهناك من يرى عكس ذلك، ويبدو لي أننا وحدنا في الإعلام السعودي من يتقيد بمثل هذه المعايير والأخلاقيات، وأرجو أن لا يستمر هذا الأمر طويلاً، فنحن ندفع الثمن على الجانب الآخر عندما لا تتقيد بقية وسائل الإعلام بمثل هذه الأعراف، بل تشك أحياناً بأن بعض المحررين أو المذيعين (يتلذذ) بذكر مواطن أو سائح (سعودي)؟! المحزن أن وسائل الإعلام المحلية تقع في ذات الخطأ بفضح (السعودي) والتستر على جنسية شركائه في أي خبر؟! وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :