قال الامين العام السابق لجمعية المنبر التقدمي حسن مدن: إن «المعارضة المغربية قدمت نموذجا يجب على المعارضات الاخرى ان تستفيد منه، في استخدام الواقعية السياسية في مرحلة من المراحل، دون النظر لها على أنها خيانة وتراجعا عن المبادئ، ولكنها ضرورات؛ لحفظ المجتمعات من التمزق والذهاب الى الفوضى». وأشار مدن في ندوة عقدت بمقر جمعية المنبر التقدمي مساء الاحد (13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، في مدينة عيسى تحت عنوان «قراءة في تجربة الإصلاح السياسي في المغرب»، الى أن «حزب العدالة والتنمية المغربي، رغم انه محسوب على تيار «الاخوان المسلمون»، الا انه لم يمارس ذات التوجه برفض التعددية والصدام مع بقية الجهات، وهذا الأمر يحسب له، على الرغم من أن التجربة الديمقراطية المغربية ليست مثالية، ولكن عندما تعمل وفق ميزان القوى وما يتاح لك من أدوات فهذا هو الاهم، وهذا ما نجحت فيه المعارضة المغربية، ولولا ذلك لما وصل الحال بالتجربة المغربية الى ما وصلت اليه من استقرار». وأضاف «هناك الكثير من التشابه في التاريخ النضالي بين المغرب والبحرين، وخاصة مع كون البلدين يحكمان وفق النظام الملكي، ونحن قرأنا كثيرا عن الاستثناء التونسي الذي استطاع ان يحتوي تداعيات ما حدث فيما يعرف بالربيع العربي، مقارنة بما حدث في مصر وليبيا، ولكن يجدر بنا ألا نفوت الاستثناء لمغربي في الحركة الديمقراطية في تلك المرحلة في المطالبة بالديمقراطية، ومرد الاستثناء المغربي هو حدوث التطور التدريجي الذي شهده المغرب، بدلا من خيار تفكك الدولة وغياب الامن، وهذا الامر يفرضه حراك الشعوب وخياراتها في كل مرحلة تاريخية نضالية». وأردف «لم تلجأ الدولة هناك الى القمع، رغم التحركات التي جرت في فبراير/ شباط 2011، رغم انه كان من ضمن الخيارات ان تقوم الدولة بذلك، ولكن تم تفضيل أن يتم احتواء المطالبات عبر توسيع الديمقراطية البرلمانية التي اهلت الحزب الفائز في الانتخابات بتشكيل الحكومة، ما فتح مجالا الى مرحلة جديدة من العلقة بين الدولة والمعارضة». وتابع «الملك المغربي اسقط المسببات المباشرة للازمة ما شكل حماية للنظام من الفوضى والاحتراب والتدابير القمعية، ونحن عندما نتحدث عن تونس والمغرب نلاحظ التجانس الطائفي؛ ما يفوت اللعب بالورقة الطائفية، ولا توجد اديان او مذاهب اخرى ذات تواجد كبير، لذلك فإن هذا التجانس المذهبي الذي لم يلغ التناقضات السياسية وان كانت عميقة، لم يجر البلاد الى اللعب بالورقة الطائفية كما جرى في بلدان اخرى مثل سورية وغيرها». وشدد على أن «المعارضة المغربية قدمت نموذجا يجب على المعارضات الاخرى ان تستفيد منه، استخدام الواقعية السياسية في مرحلة من المراحل ليس خيانة وليس تراجعا عن المبادئ، ولكنها ضرورات لحفظ المجتمعات من التمزق والذهاب الى الفوضى، حزب العدالة والتنمية رغم انه محسوب على تيار «الاخوان المسلمون»، الا انه لم يمارس ذات التوجه برفض التعددية والصدام مع بقية الجهات، وهذا الامر يحسب له، على الرغم من ان التجربة الديمقراطية المغربية ليست مثالية، ولكن عندما تعمل وفق ميزان القوى وما يتاح لك من ادوات فهذا هو الاهم، وهذا ما نجحت فيه المعارضة المغربية، ولولا ذلك لما وصل الحال بالتجربة المغربية الى ما وصلت اليه من استقرار». وتابع مدن «من اوجه التشابه ايضا ان التيار الاسلامي هو المهيمن على الحياة السياسية مع تراجع التيارات اليسارية والاشتراكية، على الرغم من انه في فترة من الفترات رأس الحكومة رئيس الحزب الاشتراكي، وهذا لا يعني ان المؤسسة الملكية في المغرب راضية عن حزب العدالة والتنمية، ولكن رغم ذلك رأينا كيف نجح هذا الحزب في الفوز بالانتخابات للمرة الثانية». وواصل «عادة الاحزاب الاسلامية تفوز في المناطق البعيدة والمهمشة، بينما يقل نفوذهم في المدن، لانهم اقدر على مخاطبتها وفقا للموروث الديني، وخبرتهم في العمل الخيري، وقد تحدثت سابقا بان الاذرع الخيرية قادرة على ان تصل الى فئات كثيرة محتاجة عبر اكياس الدقيق، في الوقت الذي قد لا تصل يد التيارات الاخرى لهذه الفئات في كثير من الاحيان، وقد شاهدنا في تونس كيف تم الاعلان عن الفصل بين العمل الدعوي والعمل السياسي لدى اكبر الاحزاب الاسلامية هناك». وذكر أن «المؤسسة الملكية المغربية اعتقد انها كانت تفضل لو اعتلى حزب العدالة والمعاصرة الحكومة، ولكنها لم يكن لديها مانع من ان يصل حزب يحمل فكر الليبرالية السياسية الجديدة، وقد شاهدنا كيف نفذ حزب العدالة والتنمية برنامجا للتقشف، بينما كانت الحكومات السابقة لا تستطيع تنفيذ مثل هذه المشاريع؛ بسبب الخوف من ردات الفعل، ولكنه اعتمد على نفوذه بين الناس وقاعدته الجماهيرية الواسعة في تمرير هذه السياسات الاقتصادية». وختم مدن «إذاً، فالخلاصة تقول ان ما جرى في المغرب منذ العام 2011 يشكل خطوة للأمام، وإن كانت غير كاملة، لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو الملكية الدستورية، وهذا الخيار افضل من ان تدفع البلد نحو الفوضى، على الا تكون خطوة متوقفة عند هذا الحد، هذا الدرس لا يخص المغرب لوحدها، بل يخص كل البلدان العربية، ويخصنا ايضا في البحرين».
مشاركة :