«تنكشف شخصيَّة الرجل من أظافره، من كم معطفه، من حذائه، من منطقة الركبة في بنطاله، من تعبيراته، من حركاته، كل تلك الأشياء متحدة يمكن أن تكشف عن شخصه بوضوح». من منَّا لم يسمع من قبل باسم صاحب هذه المقولة؟ ذلك المحقق البريطاني الأسطـوري الشهير «شيرلوك هولمز»، الذي ابتكره السير آثر كونان دويل عام 1887، مستوحيًا شخصيّته من أحد أساتذته في الجامعة، والذي فاقت شهرته الآفاق وتجاوزت المكان والزمان. ومع ذلك، هو ليس مجرد أسطورة، إذ تم تدريس طرقه في حلِّ الجرائم في أرجاء العالم. فهل يُعقل أن يدخل أحدهم إلى غرفة ويحلّل الأشخاص فيها من دون أن ينطق بكلمة؟ يا ترى لو كان ذلك أمرًا حقيقيًّا كم من المشاكل كنَّا سنتجنّب بفهمنا لطبيعة من يقف أمامنا؟ وما حجم التفاعل الناجح بيننا وبينهم بعد استنتاجنا لطبيعتهم؟ بحسب أبرز التحليلات العالميَّة، هذه الأمور ستجعلك تمتلك فراسة هولمز: 1- اعمل على تقوية قدرتك على الملاحظة يقول هولمز: العقل الكبير المُبدع.. لا يتجاهل أبدًا الأمور الصغيرة. أسوأ عاداتنا هو عدم إعطاء اهتمام للتفاصيل الصغيرة، لذلك نفقد تدريجيًا قدرتنا على الملاحظة. فمعظمنا لا يمتلك تلك القدرة على ملاحظة أصغر التفاصيل وأدقها لانصباب تركيزنا على إنجاز الأعمال في أسرع وقت ممكن والانتهاء منها. قوة الملاحظة هي ليست قدرة خارقة، لكنَّها عادة، فنحن نختار ما نلاحظه وما لا نلاحظه. وأول خطوة في الطريق الصحيح هي التوقف وملاحظة ما حولنا جيدًا من فترة إلى أخرى؛ لكي تصبح عادة. ويمكنك أن تتمرَّن على ذلك بشكل يومي، كملاحظة صور قديمة أو جديدة، والتوقف أمام لوحة والاهتمام بتفاصيلها، وملاحظة ألوان ملابس الآخرين، والفكرة تكمن في تعويد النفس تدريجيًّا وتدريبها على الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة. 2- كن مستمعًا جيدًا عندما يستمع هولمز إلى أحدهم فهو يعطيه كل اهتمامه. والاستماع الذي يقوم به هولمز ليس استماعًا جيدًا فحسب، بل هو مراقبة دقيقة لتعابير وجوه الآخرين لقراءة التعابير غير اللفظية. تقول الكاتبة ماريا كينيكوفا: هولمز يركز على الموضوع الذي يلاحظه. يستمع بعينين مغلقتين، وأصابع متقابلة. ولن ينشغل بأي مهمَّة أخرى وهو في تلك الحال. 3- حلل ما تراه، اسأل واقرأ يقول شيرلوك: أنا لا أخمِّن أبدًا.. خطأ كبير أن نضع نظرية (فرضيَّة) قبل أن نجمع المعلومات. حتمًا سينتهي بك المطاف إلى تطويع الحقائق جبرًا لتناسب الفرضيات بدلا من أن تجعل الفرضيات تناسب الحقائق. كما يقول: معلومات.. معلومات، أريد المزيد من المعلومات. لا يمكنني أن أصنع قوالب من الطوب من دون طين! بعد تمرُّنك على الملاحظة الجيِّدة، يمكنك تحويل تلك الملاحظات إلى نظريات وأفكار. 4- طوِّر مهارات التفكير النقديَّة أول خطوة لتطوير مهارات التفكير النقدي هو أن تسأل نفسك الأسئلة البسيطة غير المعقدة كالأطفال، فعند تعلمك لأمر جديد عليك ألا تتقبله تمامًا قبل أن تسأل نفسك مثلا: لماذا يُعد هذا الأمر مهمًّا؟ كيف يمكنني أن أربط هذه المعرفة الجديدة بشيءٍ أعرفه مسبقًا؟ لماذا أريد أن أتذكّره؟ 5- كوِّن علاقة بين ما تراه وما تعرفه مسبقاً لن تفيدك الملاحظة والتحليل إلا إذا ربطت ما تراه بالمعرفة التي لديك مسبقًا، وتصف «كينيكوفا» ذلك: 6- اعرف شيئًا عن كل شيء! طوِّر من قاعدتك المعرفيَّة. فمن أهم ما يميِّز هولمز علمه، حيث إنَّه كان موسوعة تمشي. فهو قارئ في الفنِّ، في الموسيقى وفي أمور لن تخمن أبدًا أن محققًا ما سيكون مهتمًّا بالقراءة عنها.
مشاركة :