بين جدوى المقاطعة وجدوى المشاركة! - مقالات

  • 11/16/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كثر في الفترة الأخير، السؤال حول المشاركة والمقاطعة في انتخابات مجلس الأمة، خصوصاً مع مشاركة بعض رموز ما سمي في حينه «كتلة الاغلبية» في الانتخابات البرلمانية الحالية. باعتقادي، أنّ السؤال الأهم، هو هل هناك جدوى من المشاركة؟ وهل للمقاطعة الآن هدف أو تأثير؟ ومن هذا المنطلق، وكوني قاطعت الانتخابات البرلمانية منذ إبطال مجلس فبراير 2012 وتطبيق نظام الصوت الواحد وما زلت مستمراً بعدم المشاركة حتى يومنا هذا، فمن واجبي أن اشرح وأوضح أسباب الاستمرار بعدم المشاركة في انتخابات مجلس الامة التي تقام بعد عشرة أيام تقريباً، خصوصاً بعد اعلان العديد من المقاطعين عودتهم للانتخابات وعدم جدوى المقاطعة بل ان احدهم أخذه الحماس ليصف المشاركة في الانتخابات بأنها اكثر «أجراً» عند الله وأكثر وطنيةً. ومن المهم أن نعود إلى بداية طرح خيار المقاطعة، التي لوح بها بعض اعضاء مجلس فبراير 2012 المبطل تعبيراً عن رفضهم لتدخل الحكومة بقانون الانتخاب حين أحالت الحكومة قانون الدوائر الانتخابية للمحكمة الدستورية تحت ذريعة عدم عدالة توزيع الدوائر الانتخابية، وما أن رفضت المحكمة الدستورية طعن الحكومة حتى جاء مرسوم الضرورة بتغيير النظام الانتخابي السابق إلى نظام الصوت الواحد، حينها بدأت حملة المقاطعة متزامنةً مع حراك شعبي حاشد متمثلاً في مسيرات كرامة وطن، التي قمعت حينها بالقنابل الدخانية والغاز المسيل للدموع والهراوات. لقد جاءت المقاطعة أولا كموقف رافض لتغيير قوانين الانتخاب عبر مراسيم ضرورة، كما كانت وسيلة احصائية توضح مدى رفض الشارع لقانون الصوت الواحد، حيث جاءت البيانات الرسمية بأن نسبة المقاطعين في انتخابات ديسمبر 2012 فاقت الـ 60 في المئة، اما اليوم فلا يوجد «حملة» جدية لمقاطعة الانتخابات البرلمانية، بل أن المقاطعة خفّ نجمها منذ رفض المحكمة الدستورية للطعن على المرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012 أو ما يسمى مرسوم الصوت الواحد. ولكن تبقى بعض الحقائق التي لا يمكن لأي شخص مهتم بالشأن السياسي إنكارها أو تجاوزها، فرغم عدم قبول المحكمة الدستورية للطعن على قانون الصوت الواحد، إلا انه يبقى نظاماً انتخابياً سيئاً لا يمت للديموقراطية بصلة، فالديموقراطية بمعناها الابسط هي الأخذ برأي الاغلبية مع احترام حقوق الاقلية، ونظام الصوت الواحد هو النقيض لهذه الفكرة، فبعملية حسابية بسيطة لو فرضنا في احدى الدوائر الانتخابية نسبة 40 في المئة من الناخبين انصار للمرشح الرقم (1) و30 في المئة انصار للمرشح الرقم (2)، بذلك يكون 70 في المئة من الناخبين في الدائرة يمثلهم نائبان فقط بينما الـ 30 في المئة المتبقية يمثلها 8 نواب، فهل هذه ديموقراطية؟ كما أن الجو العام الذي تأتي به هذه الانتخابات، في ظل استمرار التضييق على الحريات وسحب للجناسي والملاحقات السياسية ووجود سجناء رأي لا يشجع أبداً على المشاركة، كذلك القناعة التامة بأن العمل البرلماني في الوضع الراهن ليس إلا وسيلة لفضح ممارسات السلطة تحت غطاء الحصانة البرلمانية. من هنا، فإنني أرى عدم جدوى المشاركة في هذه الانتخابات، مع إمكانية إعادة النظر في حال وجود قدر نسبي من الانفراج السياسي يتمثل بوقف الملاحقات السياسية والتضييق على الحريات. وفي النهاية لا يمكنني أن أطعن أو أشكك بوطنية مَن قرر المشاركة، بل لعلي أتمنى أن أكون مخطئاً في تحليلي وموقفي الحالي، فالوضع الحالي لا يسر إلا من كان مستفيداً من الفساد، لذلك أتمنى أن يثبت المجلس القادم بأنني كنت مخطئاً فيحقق بدوره الانفراج السياسي المطلوب ويشرع القوانين التي من شأنها أن تصحح الوضع الحالي وأولها تغيير النظام الانتخابي.

مشاركة :