1. هل التاريخ حقيقة واحدة أم حقائق متعددة ومتشعبة؟.. سؤال مطروح دعونا نسبر غوره. 2. أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أن الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين شعبة.. ألا يعني هذا أن تاريخ الإسلام والمسلمين تشعّب حتى أصبح ثلاثاً وسبعين تاريخاً وليس تاريخاً واحداً؟.. فكل شعبة لها تاريخها ورجالاتها الذين صنعوا ذلك التاريخ.. وإذا أضفنا التشعّب الذي أصاب كل شعبة من شعب الإسلام إضافة إلى تطورات الحياة السياسية والاقتصادية التي أثرت في التاريخ ألا يعني هذا أننا أمام كم هائل من التواريخ لا تاريخ واحد؟ 3. تتشابه بعض التواريخ في الأحداث وتتقارب في الوصف لكنها تختلف في التأويل لأنها اختلفت في زاوية الرؤية.. حيث تم تأطير القضية وفق إطار لا يحق لك فيها سوى قراءة واحدة.. وإذا قرأتها بقراءة مختلفة فأنت مُرْجِف خائن لدينك أو قبيلتك أو للسلطة. 4. المشكلة أن التاريخ نسيج خاص.. ليس كمثل كل شيء في الحياة قابل للتعايش مع منافسه أو المختلف عنه.. التاريخ لا يُصالِح ولا يُهادِن ويرى كل تاريخ مختلف عنه تاريخاً محرفاً مجرماً ملعوناً كتبه المفسدون. 5. يتَغَيَّر التاريخ حسب كل شعبة بتصوراته ومصنفاته وأطره والمثبت فيه والمحذوف منه.. مما يعني أن التاريخ يتم وضعه حسب حامله.. وهذا لا يعني أن اختلاف التأويل وتعدد التأريخ يدفعنا إلى نسف التاريخ كله وذلك بسبب الشك الهادم له.. بل يعني أن نقبل بتعدد القراءات وأن نتعامل معه كعلم لا كعقيدة. 6. المؤرّخ هو شاهد.. يمكن أن يكون شاهد حق أو أن يكون شاهد زور.. والشاهد في الأصل إنسان.. ينطلق في شهادته من مكونات نفسه ومميزاتها وطبائعها والبيئة التي تربى فيها والعصر الذي يعيش فيه والمعطيات التي تحيط به.. وإذا كان التاريخ وقائع وأحداثاً فإن المؤرّخ هو جامع تلك الوقائع والأحداث ومحلّلها ودارسها ومفسرها.. وهنا يقع التاريخ تحت رحمة مبضع المؤرّخ وقدراته وكفاءاته ورغباته وأهوائه.. والهموم التي يكتب تحت وطأتها.. والضغوط التي تمارس عليه.. والفكر والثقافة التي ينطلق منها.. والأهداف المنشودة من كتابة ذلك التاريخ.. لذلك يقول بعض الدارسين إن المؤرِّخ (دائماً) ليس محايداً. 7. التاريخ إذا كُتب بروح انتقائية بهدف التشويه فهي كتابة غير أخلاقية.. المشكلة فيها أنها تمتد عبر التاريخ.. ويلتقطها المغامرون الأفاقون ويؤطّرونها حتى تصبح قضية ثأر يؤدي إنجازها إلى الجنة.. وللحديث بقية.
مشاركة :