هكذا تصنع كوباً مثالياً من القهوة

  • 11/16/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لطالما وقعت القهوة تاريخياً على الحد الفاصل بين الاعتدال والمغالاة، ففي بدايات القرن السادس عشر، كان يُنظر إلى المقاهي في الشرق الأوسط باعتبارها تهديداً للحياة الدينية للمتدينين، أما في أوروبا، بعد قرن أو أكثر، فقد استولت حركة الاعتدال على القهوة كوسيلة لفطام الطبقات العاملة من الكحول. فيما كانت المقاهي تُدان في عرائض، وحتى في مرسوم من الملك تشارلز الثاني باسم "ملجأ العاجزين"، وردت تلك الإدانة بالقول إنها: "أوكار مروعة، حيث تقدم الخمور البغيضة المدعوة بالقهوة إلى الأشخاص الساخطين والخاملين الذين يضيعون الكثير من وقتهم"، وذلك بحسب صحيفة . أما تاريخ حبة البن الفعلي فليس أكثر وضوحاً، فالقهوة تحمصت لأول مرة في اليمن في القرن الثالث عشر، ولكنها كانت تزرع قبل ذلك بكثير، وقد نُسجت أساطير كاملة عن الماعز مفرطة النشاط (التي تأكل ورق الشجرة) والرهبان السُكارى (شاربي النبيذ) واكتشافها للقهوة. فيما انتشر تحميص الحبة بدلاً من تخمير الكرز (كانت تشرب كنبيذ) في القرن الخامس عشر، من شمال إفريقيا إلى أوروبا في القرن السابع عشر، عندما قدم السفير التركي في باريس في عام 1688 عبق "قهوة الموكا في أكواب صغيرة مصنوعة من البورسلين تُشبه قشر البيض". وقد تم افتتاح أول مقهى في المملكة المتحدة في أوكسفورد عام 1650، تبعه سريعاً مشاريع أخرى في لندن، من بينها مقهى Turk’s Head، ومن هذه المناطق ينحدر خط مباشر لمقاهي Lyons Corner House، وKardomah Cafes وصولاً إلى كوستا وستاربكس وغيرها، والمشروعات الصغيرة الحديثة التي لا تعد ولا تحصى. وقد بدأت القهوة بتدشين الأساطير الحديثة الخاصة بها، منها المثير للجدل مثل تأثيرها على الصحة والتهرب من الضرائب، والموضات (أصل حبة القهوة والتجارة العادلة). الآن، يتعلق الأمر بالمحمصة الفردية والمطحنة أو المنتج الذي يستطيع شراء قهوته من المزارع من جميع أنحاء العالم. منزل القهوة على الرغم من كل هذا، ويا للعجب، لا يزال من الصعب الحصول على كوب لائق من القهوة، ويكون شراء حبوب القهوة وطحنها في المنزل غالباً الطريق الأسلم، ولكن أين تجد حبوب قهوة لائقة؟ أو كيف تتعرف على الحبوب الجيدة؟ أمضى رجل واحد مسيرته المهنية وهو يبحث في هذا الشأن بالذات، يُدعى باتريك فينك، وهو من الجيل الرابع من عائلة من أنتويرب العاملة في مجال تحميص القهوة. وقد وصل لندن في عام 1986 للتدرب على تجارة البن. وبعد تمكنه من تقنيات القهوة، أنشأ محمصة في إسيكس وحصل على منزل فخم على طراز "كوين آن" المعماري في شرقي لندن، حيث يعقد حلقات عمل "وايت تشابل" للقهوة، ويعتبر الدخول إلى منزله بمثابة العودة خطوةً للوراء، إلى القرن الثامن عشر. ففي الطابق العلوي، يقدم فينك مزيجه الخاص رقم 3 من القهوة على طاولة مستديرة، في غرفة مطلية باللون الرمادي، وكذا ورشة العمل (لا يزيد عدد المشاركين فيها عن خمسة) في الطابق السفلي، حيث غرفة تذوق القهوة/المطبخ. وفي أحد الجوانب توجد عينة تحميص، التي كانت تنتمي إلى الأب فينك، وهي آلة بُنيت في الخمسينات وتتألف من 4 براميل دوارة صغيرة، تُسخن بواسطة لهيب الغاز. يقول فينك: "تختبر الحرارة عن طريق وضع إصبعك في أحد هذه البراميل. أقوم بتحميص القهوة على درجة حرارة 180، إذا كانت الحرارة أعلى من اللازم، فهذا ليس جيداً". كما يضع فينك مغرفة من 100 جرام من البن الأخضر الخام ذي الرائحة العشبية في البرميل الدوار، حيث تتمدد الحبوب في الحرارة، ثم تُصب الحبوب في المطحنة بعدما تبرد. فيما يقول فينك: "ذاكرتي الأولى، وأنا بعمر الرابعة هي لمحمصة البن في بيتنا، التي كانت بارتفاع هذه الغرفة، وكانت البراميل حوالي قدمين، فيما يخرج البخار لتتحول الحبوب الشاحبة إلى حبوب بنية اللون ذات رائحة لذيذة". فيما تنطلق رائحة القهوة الرائعة كالسراب؛ لماذا لا يتطابق الطعم أبداً؟ يفسر فينك: "هذا لأن الرائحة تتكون من أكثر من 600 مركب عطري، وهي نصف ما يمكنك اكتشافه بفمك". وهذا هو السبب في أن القهوة منزوعة الكافيين يُنظر إليها بشك من قبل محبي القهوة، فعندما يُنزع الكافيين من القهوة غير المحمصة، يتم فصل مكونات كيميائية أخرى، ويضيع المذاق في هذه العملية. وعلى طاولة كبيرة وُضع 60 كوباً من القهوة المطحونة من جميع أنحاء العالم من إثيوبيا، وسولاويزي، والبرازيل، وكولومبيا ونيكاراغوا وغواتيمالا. يقول فينك: "ابصق ولا تبلع. وإلا سيرتفع مستوى الكافيين في دمك كثيراً، وكان بيتهوفن يضع 60 حبة من القهوة في الكوب إذا ما أراد أن يمضي قدماً في التلحين". وهنا إليك مواصفات كل نوع من القهوة كما شرحها فينك، فهناك نوعان من القهوة الكولومبية: أرابيكا وهي حلوة النكهة ومعقدة تم اكتشافها في إثيوبيا من 1000 عام، والروبوستا الجريئة وغير المكررة، مجموعة متنوعة وجدت في الكونغو في القرن التاسع عشر. وهناك طريقتان لتحضريهما، الأولى تتضمن تخمير الحبوب؛ والطريقة الطبيعية أو الجافة، حيث يتم تجفيف الحبوب وطحنها. وهذا ينتج نكهة مختلفة تماماً، إذ تجعل الطريقة الطبيعية القهوة أكثر قسوة. أما القهوة الهندية فهي مدورة وحلوة المذاق ومكرملة، وقهوة الروبوستا قوية وداكنة وقاسية. حل لتحضير قهوة على "مزاجك" لتجنب عمل قهوة مُره، قم بالتحميص المتوسط/الأخف، وللنتائج الأفضل، اترك حبوب القهوة لسبعة أيام بعد التحميص، ثم اطحن الحبوب الخاصة بك بمطحنة خشنة، ثم استخدمها في غضون ثلاثة أسابيع، ستمتد حبوب البن معك لثلاثة أشهر إذا كانت مُخزنة في كيس مغلق جيداً في مكان بارد وجاف. في هذه النقطة، قد يفكر صانعو القهوة الكسالى، ولكن ماذا عن حبوب القهوة فائقة السرعة؟ يقول فينك: "أنا أرى أن أنظمة حبوب القهوة السريعة مثل الأرز الذي يغلي داخل كيس، عندما تكون لديك مكونات جيدة تساعدك على تحضير منتج مقبول، ولكنك لن تستطيع تحضير الريزوتو أو ريز كوندي". ويتابع: "حينما يبدأ الناس باستخدام نظام الحبوب السريعة ينتقلون بعدها إلى آلات الإسبريسو شبه الآلية، حيث يوجد المزيد من الإبداع، وجودة وسعر أفضل". -هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Telegraph البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .

مشاركة :