عمان - يتناول كتاب "المرأة الفلسطينية في عهد الانتداب البريطاني" للكاتبة حنان عسلي شهابي فترة تاريخية تبدأ من عام 1920 وتمتد حتى عام 1948 وما فيها من أحداث وتفاصيل وشخصيات. واستعرضت المؤلفة النشاطات النسائية في فلسطين في عهد الانتداب البريطاني في وصف شامل لجميع المجالات الحياتية للمرأة حيث قسمت الفئات التي تناولتها بين الريف والمدينة فجاء وصفها دقيقا إذ لم تلجأ إلى التعميم كما فعل أكثر الباحثين. ويضم الكتاب قسمين: الأول عبارة عن وصف للحياة في تلك الفترة من ناحية ثقافية واقتصادية وتعليمية وسياسية، والجزء الثاني عن أهم الرائدات الفلسطينيات في تلك الفترة، من فنانات وأديبات وسيدات مجتمع وكذلك أهم السياسيات موضحا نشاطهن في تلك الفترة. وأشارت الكاتبة حنان عسلي شهابي على هامش إشهار كتابها في مؤسسة عبدالحميد شومان بعمّان أن التاريخ والمؤرخين قصروا في إعطاء المرأة الفلسطينية حقها من الاهتمام خلال فترة الانتداب البريطاني، لافتة إلى أن المؤرخين تتبعوا "تاريخ الرجل الفلسطيني ولم يكن للمرأة فيه نصيب يذكر". وأفادت أن هذا الإهمال هو ما دفعها إلى العمل على متابعة نشاطات المرأة الفلسطينية وتسجيلها، والعودة إلى روايات المرأة وتجاربها لتوثيقها، حتى لا يضيع جزء مهم من تاريخ فلسطين، قائلة "كي نتذكر تاريخنا ونتعلم منه، لا بد من إبراز الجهود والتضحيات التي ساهمت في إغناء المشهد الفلسطيني لما تحمله من قيم أخلاقية وإنسانية، وما تمثله في طياتها من هوية وثقافة وحضارة، ولا بد أيضاً من متابعة ما سُجل عن هذا المشهد من خلال الرواية والقصيدة والمقالة والسير الذاتية". وتابعت في حديثها عن دوافع تأليف الكتاب "هذا السجل يأتي ضمن النسيج العام لتاريخ فلسطين، لا في المجالين السياسي والوطني فقط، بل أيضا في المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وهو ذو أهمية بالغة لما له من أثر في إعطاء المرأة ما تستحق من تقدير غفل عنه كثيرون". وأضافت "اخترت في هذا الكتاب أن أسجل كل ما توفر لي من المصادر عن مسيرة المرأة الفلسطينية وإنجازاتها خلال فترة الانتداب البريطاني". وقالت شهابي إن أهم العوامل التي ساهمت بالتغيير في فلسطين في بداية القرن العشرين، هي النهضة الثقافية في مصر التي تجلت بالدعوة إلى تحرير المرأة و تعليمها، إضافة إلى دور الإرساليات الأوروبية في إحداث التغيير، ما أدى إلى بروز بوادر نهضة نسائية في المدن في مجالات متعددة وعلى مختلف الأصعدة الاجتماعية والتعليمية والثقافية والسياسية وغيرها. وأوضحت المؤلفة أن الجمعيات النسائية كانت أولى تحركات المرأة إلى فهم حقوقها، واستعرضت شهابي أسماء العديد من النساء اللواتي شاركن في تأسيس الجمعيات وكان لهن الفضل في استمرارها ونجاحها، ومنهن زليخة الشهابي واديل عازر وعندليب العمد وكاترين سكسك وعصام الحسيني وغيرهن. وذكرت شهابي أن أول مؤتمر نسائي فلسطيني عقد في 26 اكتوبر/تشرين الاول عام 1929 في منزل طرب عبدالهادي، والذي دعا إلى إنشاء حكومة وحدة وطنية والاحتجاج على وعد بلفور والهجرة اليهودية، مؤشرا على دخول المرأة الى المعترك السياسي. وأوضحت شهابي الدور المهم للمرأة الريفية في مقاومة الإنجليز، مثل تمكين الثوار من الاندماج في سكان الريف، والمشاركة في المقاومة المسلحة والتدريب على استعمال السلاح، والتبرع بالمال وحماية الثوار وتخبئتهم وامدادهم بالسلاح بعد تهريبه لهم بطرق شتى. وذكرت شهابي في كتابها البوادر الأولى لخروج المرأة الفلسطينية إلى العمل، مشكلة بذلك إنجازا كبيرا في تعزيز مكانتها الاجتماعية والاقتصادية، ومدافعة عن حقها في تكوين شخصية مستقلة بعيدا عن تأثير العائلة، ما ساهم في بروز مهن نسائية عديدة، إضافة إلى ظهور حركة ثقافية تمثلت بالنوادي الأدبية، والفرق المسرحية، فضلا عن مشاركة المرأة في الصحافة. ويذكر أن حنان عسلي شهابي باحثة فلسطينية من مواليد القدس، تدرجت في تعليمها من القدس إلى الجامعة الأميركية في بيروت، وهي متفرغة للبحث وتركزت في دراساتها على تاريخ المرأة الفلسطينية.
مشاركة :