ينتظر البريطانييون بفارغ الصبر اللقاء المرتقب غداً بين رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين الذي يأتي بعدما أطلقت ميركل إشارة مشجعة أبدت فيها استعدادها للتوصل إلى تسوية مع ماي حول صفقة خروج بريطانيا من أوروبا، خصوصاً في موضوع الهجرة وحرية دخول الأوروبيين إلى بريطانيا والعيش فيها، الذي أثار جدلاً حامياً في البرلمان الأوروبي وأروقة المفوضية الأوروبية وألقى ظلالاً قاتمة على الكيفية التي ستتم فيها عملية انسحاب بريطانيا من الاتحاد. وجاءت إشارة ميركل عن استعدادها للتفاهم مع ماي حول موضوع الهجرة مقرونة بتصريح آخر أعربت فيه عن عدم ارتياحها للوضع القائم حالياً في دول الاتحاد الأوروبي بالنسبة لحرية تنقل المواطنين ودعت إلى ضرورة إعادة النظر في النظم المعمول بها في هذا الخصوص، على نحو أفرح البريطانيين كثيراً وفتح أمامهم باب الأمل للخروج بصفقة مربحة من مفاوضات الانسحاب من أوروبا تبقي دول الاتحاد مفتوحة أمامهم تجارياً وتمنحهم السيطرة على حرية دخول الأوروبيين إلى بريطانيا والعمل فيها والحد من عددهم. وتزامنت بوادر الانفراج في الأزمة السياسية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي مع تطور جديد آخر على الساحة البريطانية، حيث أعلن جون ماكدونيل، وزير المالية في حكومة الظل العمالية واليد اليمنى لزعيم «حزب العمال» جيرمي كوربن، أن «العمال» المعارض لانسحاب بريطانيا من أوروبا لن يصوت في البرلمان ضد مشروع قرار الانسحاب، وسيدعم حكومة ماي المحافظة خلال عملية المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي من أجل تنفيذ عملية الانسحاب بأقل قدر من الخسائر. فإعلان ماكدونيل هذا أدى إلى تنفيس الحملة الواسعة من أجل منع انسحاب بريطانيا من أوروبا، وأصبح في شبه المؤكد أن تنجح حكومة ماي في الحصول على تأييد غالبية النواب في مجلس العموم لنتيجة الاستفتاء الشعبي لصالح الخروج من أوروبا الذي جرى في 23 يونيو الماضي. يشار إلى أن محكمة العدل العليا أصدرت قبل أسبوعين قراراً يدعو الحكومة إلى الحصول على موافقة مجلس العموم على نتيجة الاستفتاء الشعبي قبل أن تبدأ مفاوضات الانسحاب مع الاتحاد الأوروبي. ورغم أن لقاء برلين غداً بين ماي وميركل سيتم بحضور الرئيس باراك أوباما، الذي وقف بحزم ضد رغبة البريطانيين بالخروج من أوروبا، يرى المحللون السياسيون أن إشارة ميركل قبل هذا اللقاء عن رغبتها في التفاهم مع بريطانيا حول موضوع الهجرة تدل على استقلاليتها من جهة وعلى التحوّل الحاصل في مواقفها من الجهة الأخرى أثر فوز الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، إذ أن ترامب يؤيد بحماس شديد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بل أنه لم يتورع عن وصف تصويت المواطنين الأميركيين لمصلحته بأنه شبيه بتصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من أوروبا. بل يذهب المحللون إلى ما هو أبعد من ذلك أن التحول الذي طرأ على «حزب العمال» البريطاني نتج عن وصول ترامب إلى الحكم وسقوط الحزب الديموقراطي الذي رفض خروج بريطانيا من أوروبا، فجميع الأطراف ستحاول أن تقلل من الخلافات بينها وبين الإدارة الأميركية الجديدة ومن ضمنها مسألة خروج بريطانيا من أوروبا التي يبدو أن ترامب سيكون عاملاً مساعداً على تحقيقه.
مشاركة :