تسعة أيام تفصلنا عن انتخابات مجلس الأمة المقبل بإذن الله، ومازال كثير من الناس لم يتخذوا قرارهم في من يستحق صوتهم! الكل مجمع على أن هذه المرحلة حاسمة في تاريخ الكويت، وإنها تستحق اختيار الأفضل من بين المرشحين، ولكن مازال الولاء القبلي والطائفي والعائلي يلعب دوراً كبيراً في حسم خياراتنا، أما المال السياسي فإنه عامل مهم في تغيير قناعات الكثير من الناس، ولو سألت أحدهم عن سبب بيع ضميره ووطنه من أجل المال ومن أجل مبلغ زهيد من المال لأخبرك بأنه لا يعتقد بأن صوته سيغير من المعادلة الانتخابية، وبأن الانتخابات لا تعني له شيئاً!! ويحق لنا أن نتساءل: ألا تستطيع الحكومة وضع ضوابط أشد قوة لمنع رشوة الناخبين وشراء الذمم؟! لاسيما وأننا رأينا أمامنا في المجالس السابقة كوكبة من سراق المال العام والراشين ومنهم من تم تصويره بالصوت والصورة، ثم لم نر أي إجراء تأديبي بحقه، بل ونرى صوره تتصدر الشوارع الرئيسية، وهو يضحك على الناخبين ويناديهم بأن يأتوه من أجل إعطائهم المزيد من الرشاوى ولسان حاله يقول لهم: ألم أقل لكم لا تحملوا همّ العقوبات، فهأ نذا أنجو للمرة السابعة وأعود لكم وقد امتلأت حساباتي في البنوك بالملايين من الدنانير، أو يقول لهم: ألم تعلموا بأن هذه ديرة لا يعاقب فيها أحد على جرائم الرشاوى وشراء الأصوات؟! وماذا عن قضية الإيداعات المليونية التي تشكل لها العديد من اللجان في مجلس الأمة وتم تحويلها بزعمهم إلى النيابة، لماذا لم نر أي نتيجة لردع من كانوا أبطالها أو من يتقلبون اليوم على الكرسي الأخضر ويتشدقون بحماية المال العام بينما بطونهم منتفخة من سرقة المال العام؟! إذاً فإن تزوير الانتخابات والتغاضي عن الذين يشترون أصوات الناخبين ظلماً وزوراً هي عملية مستمرة ولا يمكن لها أن تتوقف في ظل تجاهل الحكومة أو حمايتها للحرامية! وجميل أن تلاحق وزارة الداخلية الانتخابات الفرعية وتحيل المشاركين فيها إلى النيابة، ولكن الأهم هو محاصرة من يشترون ذمم الناس من أجل الحصول على أصواتهم! ونحن نتساءل: هل لو كان من يفوز في الانتخابات سيحصل على راتبه البسيط فقط دون زيادات، هل كان سيتجرأ أحد على الترشح للمجلس، فكيف ونحن نرى المشاريع المليونية تتساقط على هؤلاء النواب وتنكسر القوانين من أجلهم! إذاً فمهما حاولت الحكومة إيهامنا بأنها جادة في محاربة الرشوة وملاحقة المتسببين في تدمير الانتخابات، فإن الواقع يشهد بأن هذه المحاربة غير جادة وأن هنالك أطرافاً تحمل على عاتقها مهمة تدمير البلد وتخريب ومنع وصول الصالحين إلى دفة المجلس، ثم محاربة الذين يصلون ورشوتهم، والنتيجة هي المزيد من اليأس والقنوط من إمكانية الإصلاح!
مشاركة :