تشكل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، عنصراً حيوياً في التغيير الاقتصادي والاجتماعي لدول مجلس التعاون الخليجي، وفي حقيقة الأمر فهي تساهم من خلال تحسين سبل الوصول للخدمات، وتحسين الاتصال، وتأسيس شركات وتوفير فرص عمل جديدة، وتغيير الأساليب التي يتواصل ويتفاعل الناس من خلالها، سواء مع بعضهم البعض أو مع حكوماتهم. ويمكن القول إن دول مجلس التعاون الخليجي، هي نموذج يُحتذى به بالنسبة للخطوات المهمة التي يمكن إنجازها بفضل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، التي أصبحت اليوم عنصراً أساسياً في مختلف المستويات في الكويت، بدءاً من القطاع الحكومي وحتى القطاع الخاص. وتم تحقيق تقدم استثنائي في مناخ الأعمال والبيئة التنظيمية على وجه التحديد، وأيضاً في مجال الاستخدام، بحيث شهدت قدرات الابتكار في الشركات تحسناً ملحوظاً. كما يعد نمو قطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات، في دول مجلس التعاون الخليجي، دليلاً على حجم ونمو تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة، وقد قدرت قيمة هذا القطاع في دول المجلس باستثناء المملكة العربية السعودية، بنحو 5 مليارات دولارعام 2014. ومن المتوقع أن يصل معدل النمو السنوي في القطاع إلى 8.64 في المئة بحلول عام 2019، ما يعني أن قيمة القطاع ستصل إلى 7.9 مليار دولار بنهاية العقد الحالي، ومن المتوقع أن تصل قيمة سوق حلول الأمن الإلكتروني في الكويت إلى مليار دولار. وتعتبر الخطوات الأخيرة التي قام بها قطاع الطاقة خير مثال على ذلك، وبما أن الكويت تعتمد بشكل كبير على إيرادات قطاع النفط والغاز، فإن وعي اللاعبين الرئيسيين فيها يزداد حول أهمية تحسين طرق حماية أصولهم ومعلوماتهم، من خلال زيادة الاستثمار في الأمن الإلكتروني والضمانات الرقمية. وقد تعرضت شركة البترول الوطنية الكويتية، وغيرها من الشركات، ذات الثقل في قطاع النفط والغاز، إلى هجمات رقمية خلال الأعوام الماضية. وكان أكثرها وضوحاً الهجوم الذي تعرضت له شركة «أرامكو» السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم في عام 2012، والذي أدى لحذف ملفات 30 ألف حاسوب في الشركة. ومع ذلك، يحتاج التغيير الشامل إلى استخدام منظّم وواسع الانتشار لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من قبل كافة أصحاب المصلحة، من أفراد وشركات ومؤسسات حكومية. وساعد تشكيل هيئة تشجيع الاستثمار المباشر في الكويت، على تحقيق تغييرات إيجابية، في قطاع تكنولوجيا المعلومات، وساهم في جذب شركات مرموقة في قطاع تكنولوجيا المعلومات، مثل «آي بي إم» و«هواوي» لبدء عملياتها التشغيلية في هذا البلد. وفضلاً عن جذب الشركات العالمية، شهد قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الكويت، تحولاً تدريجياً في منظومة الشركات التقنية الناشئة. وتعتبر أنشطة معظم الشركات الصغيرة والمتوسطة في الكويت محدودة، وهي تسهم بنحو 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي فقط، وتركز على قطاع التجزئة وقطاع الخدمات غير المالية، ما يترك مجالاً واسعاً للنمو ضمن مجموعة كبيرة من القطاعات، بما فيها قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وقد أطلقت الحكومة بعض المعايير، التي تساعد في تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل أكبر، وفي أبريل 2013، صدر قانون يقضي بتأسيس الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من أجل دعم هذا القطاع، ومحاربة البطالة وتحفيز نمو القطاع الخاص. وقدمت الحكومة للصندوق رأسمالا قدره مليارا دينار، بهدف دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الناشئة بنسبة 80 في المئة من قيمة رأس المال، بما يصل حتى 500 ألف دينار. ومن الواضح أن الحكومة الكويتية تقوم بدور أكبر لدعم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من خلال تقديم حوافز مالية وقانونية. ونحن في «الخليج للحاسبات الآلية» نرى أن التطور والتغيير المستمر في الكويت، سيتمحور حول الاستشارات والخدمات، التي يمكن أن تقدمها شركات تكامل الأنظمة، ومزودو الحلول للقطاعين العام والخاص في الدولة. وتتطلب الطبيعة المركزية لآلية اتخاذ القرارات في الكويت، مستوى معيناً من الحيوية والسرعة لدى شركات تكامل الأنظمة، مثل شركة الخليج للحاسبات الآلية، إذ تعد خدمات الاستشارات أمراً جوهرياً لضمان تبني التكنولوجيا على نطاق واسع وفعال ومتطور، سواء في المنازل أو في الشركات في الكويت. وقد بدأنا بالفعل نشهد خدمات ذات قيمة مضافة، كما أصبحت الاستشارات أمراً أكثر أهمية بالنسبة للقطاعين العام والخاص، في دول مجلس التعاون الخليجي، وحتى الآن تعود أكبر حصة سوقية لقطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات، للخدمات المضافة التي توفرها شركات تكامل الأنظمة. وعلى سبيل المثال، بلغت قيمة خدمات العملاء في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في دولة الإمارات العربية المتحدة العام الماضي، نحو 1.7 مليار دولار، وتشير التوقعات إلى أن هذه القيمة ستصل إلى 3.14 مليار دولار بحلول عام 2019. وفي قطر، بلغت قيمة خدمات المعلومات المقدمة للعملاء، نحو 335.5 مليون دولار عام 2014، ومن المتوقع أن تصل إلى 735.8 مليون دولار بحلول عام 2019، كما تشير التوقعات إلى أن الكويت وسلطنة عُمان والبحرين ستشهد توجهات مماثلة. وبرأينا، فإن هذا التغيير الواضح ينطلق من ميزتين اثنتين، أولاهما، شركات تكامل الأنظمة، كشركة الخليج للحاسبات الآلية، والتي تتمتع بالقدرة على العمل مع مصدر التكنولوجيا، التي يتم تطويرها بما يتيح لنا رؤية التغيرات الإستراتيجية، في توجهات السوق والتكنولوجيا في وقت مبكر، وغالباً قبل المؤسسات التي تميل للتركيز على النتائج النهائية والأهداف الإستراتيجية. وثانيتهما، هو أن دورنا لا يقتصر على تقديم البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، من أجل تلبية احتياجات الهيئات الحكومية والقطاع الخاص، ولكننا أيضاً قادرون على فهم وتقديم القيمة والتوجيه الاستراتيجي اللازم. إن هذه القدرة الثنائية على التطوير والتعاون، هي ما سيسهل النمو والتغيير في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الكويت، لتتمكن في نهاية المطاف من تحقيق المكانة الرائدة التي تنشدها. * الرئيس التنفيذي لشركة الخليج للحاسبات الآلية
مشاركة :