يختتم المؤتمر العالمي للتغيرات المناخية «كوب 22» أعماله اليوم، بإصدار «بيان مراكش» الذي سيكون الوثيقة المرجعية لدى الأمم المتحدة التي تتعهد فيها 200 دولة عبر العالم، بتطبيق «اتفاق باريس» لخفض الانبعاثات الضارة. وهو ينصّ أيضاً على التزام الدول المعايير البيئية في المجالات الاقتصادية والصناعية والإنشائية والنقل والمواصلات واعتماد الطاقات المتجددة، وإطلاق العمل في الصندوق الأخضر لدعم الدول النامية والفقيرة في إطار مسلسل التأقلم المناخي، في مجالات الطاقة والزراعة والإنتاج الغذائي لتطوير التنمية المستدامة، وضمان بيئة سليمة للأجيال المقبلة. كما يحضّ الدول على تطوير ثقافة حماية البيئة، في إطار من التضامن الدولي والعدالة المناخية في شفافية تامة والتزام صريح ومسؤول. وسيتولى المغرب العمل على تفعيل هذه الإجراءات بالتعاون مع المؤسسات الدولية المالية والأممية والمانحين، وبإشراك كامل للمنظمات غير الحكومية. وشهد مؤتمر المناخ حضور 50 رئيس دولة أفريقية وعربية وأوروبية وآسيوية، أكدوا التزامهم تنفيذ «اتفاق باريس» وتسريع الآليات الإجرائية لتأمين انتقال سلسل إلى مجتمعات أقلّ تلوثاً للبيئة وأكثر حماية للموارد الطبيعية، لضمان خفض ارتفاع درجة حرارة الأرض دون 2 في المئة نهاية القرن الحالي. واعتبر العاهل المغربي الملك محمد السادس في «قمة العمل الأفريقية» على هامش «كوب 22»، أن القارة السمراء «هي أكثر مناطق العالم تضرراً من التغيرات المناخية على مدى العقود الأخيرة، بسبب الإضرار البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تكبدتها المجتمعات الأفريقية، والناجمة عن التصحر وارتفاع درجة الحرارة والفيضانات وارتفاع منسوب المحيطات الذي يهدد الدول- الجزر، فضلاً عن تراجع منسوب عدد من الأنهر والأودية ومنها بحيرة تشاد، التي يتقاسم مياهها عدد من الدول الواقعة جنوب الصحراء الكبرى». ورأى أن «أفريقيا ستشهد في السنوات الأربع المقبلة تزايداً في عدد اللاجئين ضحايا التغيرات المناخية، كما سيكون الاستخدام المشترك لمصادر المياه سبباً للصراعات بين دول القارة التي ستتقلص فيها المحاصيل الزراعية بنسبة 20 في المئة في أفق 2050». وقال: «تختفي أربعة ملايين هكتار من الغابات سنوياً في قارة يعتمد 70 في المئة من سكانها على مصادر دخل من النشاطات الزراعية». وأوكل القادة الأفارقة إلى ملك المغرب مسؤولية الدفاع عن القارة في المحافل الدولية، وتأمين الوسائل والموارد الكفيلة بتسريع وتيرة التنمية المستدامة باعتماد تمويل ومساعدات مالية وتقنية، ومنها نقل الخبرة والتكنولوجيا إلى إفريقيا التي تحتاج إلى استثمارات ضخمة في مجال الطاقات المتجددة والبني التحتية والكهرباء والزراعة، إذ يمكنها أن تكون محركاً للاقتصاد العالمي الذي يحتاج نحو 10 تريليونات دولار، لإنجاح خطة التأقلم المناخي والتنمية المستدامة، تحتاج أفريقيا إلى نصفها في أفق 2030. ودافع وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن أحقية أفريقيا في التنمية المستدامة، باعتبارها متضرراً رئيساً من غازات الدفيئة. واستشهد بدور مراكش التاريخي في جمع قادة العالم أثناء المحن والصعوبات العالمية منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن، وقال « كانت القمة الأخيرة للمناخ هنا قبل 16 عاماً، ومنذ ذلك الوقت وقعت أشياء كثيرة زادت الكوارث الطبيعية، وعززت وعي الأمم بأهمية مواجهة التغير المناخي». ولفت إلى أن 109 دول «صادقت على اتفاق باريس»، مؤكداً أن «لا رجعة فيه». وأشار كيري إلى أن الاستثمارات في الطاقات المتجددة «بلغت نحو 350 بليون دولار العام الماضي، وهي تفوق للمرة الأولى الاستثمار في الطاقات الأحفورية. كما استثمرت الصين 100 بليون دولار، وتضاعفت في أميركا طاقات الريح ثلاث مرات منذ العام 2008، وزادت الطاقة الشمسية 30 مرة». وأكد مجدداً أن «الولايات المتحدة ستنفّذ كل التزاماتها والأهداف المحددة في مجال المناخ، ولا أحد يمكنه تغيير هذا المسار». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن كيري مدعوماً بمئات الشركات الأميركية، تشديد ثقته في أن «الاقتصاد والتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة سيقنع الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالعدول عن عدائه لاتفاق المناخ». ودعا ترامب إلى استشارة العلماء والاقتصاديين، وإلى أن يسأل «ما الذي أقنع البابا وقادة العالم بتحمل مسؤولياتهم». وقبل خطاب كيري، وجهت أكثر من 360 شركة، أميركية في معظمها، بينها «دوبون» و «غاب» و «كيلوغ» و «هيولت باكارد» و «هيلتون» و «مارس»، رسالة إلى ترامب دعته فيها إلى «احترام الاتفاق حول المناخ». وكتبت هذه الشركات: «ندعو (نوابنا) إلى دعم الاستثمارات في مشاريع ذات انبعاثات كربونية منخفضة في الولايات المتحدة والخارج، كي تتضح الصورة لدى أصحاب القرار الماليين ولتعزيز ثقة المستثمرين». وأكدت أن «عدم تشجيع الاقتصاد المنخفض الكربون سيعرّض الازدهار الأميركي للخطر». وأسف رئيس جيبوتي إسماعيل عمر غيله خلال الجلسة العامة، للنقص «في التمويل ونقل التكنولوجيا، فيما أفريقيا مسؤولة فقط عن أقل من 4 في المئة من الانبعاثات العالمية». ولفتت وكالة «رويترز» إلى أن «أكوا باور إنترناشونال» السعودية أعلنت في بيان أول من أمس، أن «اتحاد شركات بقيادتها فاز بعقد قيمته 220 مليون دولار، لبناء ثلاث محطات كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية في المغرب والصحراء الغربية، تبلغ قدرتها الإجمالية 170 ميغاوات».
مشاركة :