موسكو- الجزيرة نت: بعد أن فشلت موسكو ممثلة بالرئيس بوتين شخصيا في فرض هيمنتها بالقوة على المعارضة السوررية في حلب وريفها وجدت نفسها في مأزق سياسي أكبر من ذي قبل إقليميا ودوليا فأخذت تحاول تعويض مشاعر الفشل بعمليات الحشد غير المسبوق برا وبحرا وجوا وشن هجمات شرسة على حلب حصدت المئات من الأرواح. وقد وقع المسؤولون الروس الذين يقودون معركة حلب دعما للنظام، في تصريحات متناقضة إزاء عملية حسم الأمر كما يقولون في هذه المدينة الاستراتيجية فتارة يقولون أنهم أمام إرساء هدنة إنسانية وأنهم لايريدون ضرب حلب تارة أخرى وصولا إلى توجيه تهديدات مباشرة وغير مباشرة بإمكانية تسوية المدينة مالم تخرج منها المعارضة وتسلم بالرؤية الروسية. وبالنظر إلى هذا الموقف ومايجري على الأرض من المتوقع أن تستمر حالة التناقض في تصريحات المسؤولين الروس إزاء الأزمة السورية، لكن الثابت في رسائل موسكو أنها تريد المساومة، وأي تصعيد قد يحدث مستقبلا يندرج في ممارسة ضغوط لتحسين الموقع التفاوضي، مع استبعاد حرب مفتوحة وحاسمة في حلب، ورغم ما سبق؛ لا يمكن تخيل أن روسيا كان من الممكن أن تقدم على معركة كسر عظم في حلب، قد تقود إلى ردود فعل أمريكية وغربية وتركية وعربية خليجية تعقد العلاقات مع موسكو. وهنا يبرز مرة أخرى التناقض في المواقف الروسية المعبر عنها في تصريحات المسؤولين الروس. ففي ذروة التحشيد العسكري الروسي خرج رئيس الوزراء، ديمتري ميدفيديف، في تصريح أعرب فيه عن أن روسيا لا تمانع تشكيل حكومة دون مشاركة الرئيس الأسد. ويضع تصريح ميدفيديف مصير الرئيس بشار الأسد على الطاولة مرة ثانية، كورقة مساومة بيد روسيا، وقد سبق لموسكو أن حاولت اللعب بها مبكرا على لسان الرئيس بوتين في مؤتمره الصحفي السنوي 20 /12 /2012، بإجابته على سؤال بالقول: "نحن لسنا قلقين على نظام بشار الأسد في سوريا، بل نحن قلقون بسبب ما يجري هناك حاليا، نحن ندرك بأن هذه العائلة توجد في السلطة منذ 40 سنة، ولا ريب أن التغييرات لا بد منها" وأضاف "إن ما يقلقنا هو مستقبل سوريا" . وفي أكثر من محطة لاحقة لم تتردد موسكو بالتلويح بهذه الورقة، في شكل مباشر أو من تحت الطاولة، بشرط الاعتراف لها بالحفاظ على مصالحها في سوريا.
مشاركة :