عبد الله محارب لـ «الشرق الأوسط»: هوية الأمة مستهدفة وبعض القوى الأجنبية تغلغلت داخل العالم العربي

  • 11/18/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

اعتبر الدكتور عبد الله محارب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «ألكسو»، أن هوية الأمة العربية مستهدفة من بعض القوى الأجنبية التي قال: إنها استطاعت أن تتغلغل داخل العالم العربي. وكشف في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» عن محاولاته لزيارة القدس لافتتاح مركز ثقافي عربي للألكسو وقال: إنه اتفق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس لترميم مبنى قديم لإقامة هذا المركز ولكن الجانب الإسرائيلي قام بتأجيل الزيارة لأنه يخشى من الوجود العربي في القدس كما تحدث عن مؤتمرات للتعليم والثقافة في تونس والأردن لتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة لدى الغرب وطالب بدور تنويري للإعلام الذي يستهدف صياغة عقول الصغار والكبار. واتهم الدكتور محارب إيران باستهداف الهوية العربية، وقال: إن دول الخليج لديها إمكانيات عسكرية واقتصادية رادعة لا يستهان بها، وأن تنظيم داعش يتكون من عناصر مخابراتية إيرانية وأجنبية لا علاقة له بالإسلام، كما قلل من تغيير كبير في سياسة الإدارة الأميركية لصالح الدول العربية في ظل ميول الرئيس الجديد دونالد ترامب لإسرائيل، كما تحدث عن حماية الهوية العربية وترميم التراث في المناطق الساخنة بعد انتهاء الحروب.. وإلى نص الحوار: * حماية التراث العربي.. أي العواصم العربية تحتاج لهذه الأولوية؟ - بداية نحتاج وبشكل عاجل إلى يقظة عربية لأن هوية الأمة مستهدفة وقد استطاعت بعض القوى الأجنبية أن تتغلغل داخل الوطن العربي وتسيطر على أربع عواصم – صنعاء – بغداد – دمشق – بيروت ومع الأسف إلى متى ننتظر ثم هذه الهجمة التي تم تنظيمها من «داعش» – ومعروف أنه (منظمة مخابراتية بتقدير ممتاز وتتكون من المخابرات الغربية والإسرائيلية والإيرانية) وهي التي نظمت هذا المخطط باستهداف تراث الأمة العربية من متاحف والمواقع الأثرية لتحطيمها وتدميرها والسؤال الذي يجب توجيهه إلى هؤلاء (داعش) هل أنتم أشد تقوى ومعرفة بالدين الإسلامي من الصحابة الكرام الذين دخلوا العراق ووجدوا هذه التماثيل موجودة ولم يتعرضوا لها. وبالتالي فإن هذه النفوس التي تقوم بهذا العمل ليسوا عربا ومسلمين وأن دوافعهم هي الانتقام من الإسلام ومحاولة تغيير الهوية العربية والاستيلاء على المواقع الاستراتيجية في الوطن العربي، وكما هو معروف أن من بين أسباب إنشاء المنظمة هو الحفاظ على الهوية العربية ولهذا نحن ننظر إلى المستقبل ولمرحلة ما بعد انتهاء هذه الصراعات تحرير هذه الدول التي يستهدفها «داعش» لإعادة ترميم ما تم تدميره من ذاكرة الأمة كما حرصنا على إنشاء المرصد العربي للمتابعة والرصد ولحماية تاريخ المنطقة، وهل يعقل أن يكون «داعش» منظمة إسلامية وعربية ويقوم بحرق آلاف الكتب والمخطوطات العربية في الموصل. * هل النشاط يشمل حماية وترميم كل المواقع الأثرية في الوطن العربي؟ - بالتأكيد على سبيل المثال توجد مناطق أثرية في مصر يسكن بها المواطنون وقد مضى على إنشائها أكثر من ألف سنة وهذه تحتاج إلى إعادة ترميم كي تصبح مزارا عالميا كما هو معمول به في فرنسا وبالتالي أرى أن الحفاظ على التراث ثروة تستفيد منها خزائن الدول العربية وهي غنية بمكوناتها الثقافية والتاريخية وبهذه المناسبة ندعو الدول العربية لأن تزودنا بكل المواقع الأثرية للاهتمام بها. * كيف تحمي العواصم التي تحدثت عنها نفسها من تنظيم داعش؟ - نحتاج إلى خطاب دعوي يتناسب مع حجم الخطر الذي ينشره تنظيم داعش وألا يقتصر على التفسير وأن يتم ترسيخ قضايا السلام العادل وقبول الآخر ونبذ العنصرية والتعصب إضافة إلى دور التربية والتعليم ووسائل الإعلام وتجنيب الجيل الحالي مخاطر استقاء المعلومات المغلوطة عن الدين من الذين يروجون للقتل والتدمير والتخريب في حين أن الإسلام يحرم قتل المسلم لأخيه المسلم وأرى من الأهمية بمكان أن يتعاون المجتمع مع الحكومات وخاصة الشباب والأسرة حتى نأمن شر أهل الشر الجدد وأن يتضمن التعليم رؤية عصرية للتربية الدينية ومراجعة الكتاب المدرسي وأفكار الشباب بعيدا عن القسوة والتعصب خاصة أن هناك بعض الشباب الذي يكفر أهله وقد يصل الأمر إلى القتل بسبب أفكار مغلوطة استقاها من جهات أجنبية. * سبق لك أن بذلت جهدا في وقف بيع قطع أثرية كانت تباع في مزادات غربية ما حقيقة هذا الأمر؟ - تلقيت استغاثة من هيئة حماية الآثار في ليبيا بأن هناك تمثالا نصف رخام تم الاستيلاء عليه بطريقة غير قانونية وشحنه إلى باريس لعرضه في أحد المزادات وبناء على هذه الاستغاثة قمت بإجراء اتصالات مع باريس وأبلغتهم بالأمر وبالفعل استطعنا إيقاف بيع هذه القطعة الأثرية. * هل لديكم اتصالات مع الأمم المتحدة للحفاظ على الآثار العربية خاصة في العواصم التي تعاني من تخريب التنظيمات الإرهابية أو مناطق الحروب؟ - المناطق الساخنة والتي تخضع للحروب لا توجد أي جهة عربية أو دولية العمل بها في مجال الحفاظ على التراث أو الآثار وعندما تهدأ الأوضاع يمكن التعامل معها، ونسعى للحصول على سجلات مصورة للآثار العربية لإعادة ترميمها مرة أخرى، ولدي فكرة وهي أهمية تشكيل لجان شاملة لإعادة الإعمار بعد وقف الحرب تقوم اللجان بعملها وأن تقوم بتمويلها الدول الكبرى. * كيف ترى الوضع العربي الراهن هل من إمكانية لجمع الأوراق المشتتة واستعادة القوة؟ - بالفعل نحتاج إلى منقذ ينتشل المنطقة من الحالة الصعبة التي تمر بها والجميع مستهدف من خلال إحياء النعرات العنصرية والطائفية والدينية والواقع بأن الجميع هويته عربية دون تصنيف وعلى سبيل المثال أي عربي يحصل على الجنسية الأميركية فهو أميركي ولا تذكر أصوله العربية. * كيف ترى الإدارة الأميركية الجديدة بعد فوز ترامب؟ - لدينا مخاوف وهواجس مما أعلنه ترامب خلال مرحلة الدعاية الانتخابية والأمر الذي سيكون له عواقب وخيمة هو ميوله القوية لإسرائيل، والآن هو يصر على إجلاء ثلاثة ملايين وإقامة سور مع المكسيك وبالتالي القضية في ظني أن الإدارات الأميركية السابقة كانت تخطط باقي الجهات العالمية الكبرى للتعامل الذي نراه حاليا في المنطقة وأن تظل موائد صراع مستمر ولا تهدأ أو تترك لها الفرصة للتطوير أو النهوض بمواردها ولذا رأينا الحرب العراقية – الإيرانية، وحرب تحرير الكويت وحرب إسقاط صدام وتبع ذلك حروب متتالية. * هل تتوقع تخطيط هذه الجهات العالمية الكبرى لحرب إيرانية خليجية؟ - إيران لن تستطيع إلحاق أي أذى بدول الخليج ولكن إذا تركت وسياستها التوسعية لا أستبعد أن تضم العراق لها للعمل ضد دول الخليج، ولهذا إذا ما تكتلت دول الخليج فيما بينها تصبح قوة رادعة سواء عسكرية واقتصادية قوية. * عودة إلى موضوع الآثار لديكم زيارة إلى ألمانيا خلال أيام ما أهميتها وهل سيتم التنسيق فيما يتعلق بالآثار العربية؟ - توثيق العلاقات بالجانب الألماني مهم لأن لديهم خبرة واسعة في قضية الترميم ولهذا نحاول الاستفادة من هذه الخبرة وسوف يكون ضمن الوفد الدكتور فيصل حفيان مدير معهد المخطوطات العربية للتعرف على أنواع التعاون ولديهم مشاريع تصب في مصلحتنا لخدمة المنطقة العربية. * لديكم أيضا نشاط ملحوظ مع معهد العالم العربي في باريس كيف يمكن توظيف ذلك وما مدى انعكاسه على الثقافة العربية؟ - المعهد العربي في باريس يقوم بدور مهم جدا وهو نشر الثقافة العربية في أوروبا وتلجأ إليه الكثير من الحكومات في هذا الأمر وهناك إقبال كبير من الأوروبيين لتعلم اللغة العربية ولدينا الكثير من الكتب لتعليم العربية لغير الناطقين بها ونقوم بإرسالها للمعهد ويعتمد عليها في هذا الأمر – ولكن الشكوى من قلة المتخصصين لأن من يقوم بتعليم العربية لا بد أن يتقن اللغتين العربية والفرنسية لنقل المعاني بشكل صحيح وهذا العنصر متوفر في تونس ويمكن أن تمد المعهد العربي بكل ما تريده من كوادر لتدريس اللغة العربية لمن يرغب من الفرنسيين، وهناك أمر مهم قامت به وزيرة التعليم الفرنسية وهي من أصول مغربية أعادت جعل اللغة العربية من بين الاختيارات التي يحق للطالب الذي يدرس في المدارس الفرنسية الحكومية اختيارها كلغة إضافية. * وماذا عن اهتمامكم باللغة العربية ونقلها للدول العربية غير الناطقة بها مثل الصومال وجزر القمر؟ - لدي بعض الملاحظات الإيجابية التي تؤكد الاهتمام باللغة العربية منها مثلا أن الرئيس التشادي درس وتعلم في القاهرة وقد أصدر مرسوما بأن تكون اللغة العربية الأولى في تشاد مع لغتهم وبالتالي هناك إقبال من التشاديين على تعلم اللغة العربية. ولكن المشكلة الآن والتي تؤثر على اللغة العربية هي مناهج التعليم نفسها وإعداد المدرس وكثافة الفصول ووسائل التعليم كلها ضعيفة في المنطقة العربية وبالتالي هذا ينعكس على تعليم كل المواد بما فيها اللغة العربية، بينما نجد في العالم كله من جميع الجنسيات الحديث بلغتهم أما العرب فهم أحرص على الحديث باللغات الأجنبية، ونرى مثلا الصيني والفرنسي والياباني يتحدثون بلغتهم رغم إجادتهم للغة الإنجليزية * لديكم مؤتمر للتعليم في الصومال؟ - دائما أطالب بتنفيذ مشروعات يشعر بها المواطن العربي ووجدنا فرصة في المجلس التنفيذي للعمل على بنيان المنظومة التعليمية، لأنهم يفتقدونها وأن معظم التعليم يكون تحت شجرة في الصحراء دون أي أدوات تعليمية وبالتالي أطلقت مبادرة لدعم التعليم في الصومال بمشاركة دول من المانحين وصناديق خيرية وغيرها وقد أعلن أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد خلال القمة العربية التي انعقدت في نواكشوط أن الكويت سوف تحتضن هذا المؤتمر وننتظر حتى تنتهي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في الصومال حتى نتحدث معهم حول الاحتياجات الملحة في هذا الشأن، وفيما يتعلق بجزر القمر أرسلنا وفدا للتعرف على احتياجاتهم. * لديكم مؤتمران للثقافة وللتعليم خلال الشهر المقبل ديسمبر (كانون الأول) ما هو الجديد؟ - أولا يعقد مؤتمر وزراء التربية والتعليم في الأردن من 10 – 12 ديسمبر (كانون الأول) وسوف يركز على دراسة أحوال التعليم العام في الوطن العربي وسيعقد تحت رعاية العاهل الأردني، والمؤتمر الثاني لوزراء الثقافة سوف يبحث في أهمية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من مشاريع كثيرة تم الاتفاق عليها في مؤتمرات سابقة وسيعقد في تونس في الفترة من 14- 16 ديسمبر أيضا وتحت عنوان الإعلام في زمن الأقمار، نظرا لخطورته في صياغة عقول وأفكار الصغار والكبار وبالتالي هذه الأداة يجب أن تدرس جيدا وأن يعرف القائمون على أجهزة كل المنابر الإعلامية مسؤولياتهم لأنها تمس بناء المجتمع وما تقوم بها بعض وسائل الإعلام من تشويه للواقع العربي، وهناك موضوع آخر سوف نطرحه خلال مؤتمر تونس وهو تأسيس قناة ثقافية للألكسو وقد تعهد بعض الممولين العرب لهذه القناة الثقافية بدلا من استقاء معلوماتنا عن الثقافة العربية من قنوات غربية بمفهوم غربي قد لا يتسق مع الحقيقة. * باعتبار الألكسو المسؤولة عن موضوع العواصم الثقافية العربية لتقريب ثقافة الشعوب وقد كانت مدينة صفاقس التونسية عاصمة للعام الحالي والعام المقبل هناك ترشيح لأن تكون مدينة الأقصر المصرية عاصمة للثقافة العربية هل سيتم إقامة احتفالية بهذا الشأن في القاهرة؟ - هناك تقارب بين تونس ومصر من ناحية الآثار مع تميز الأخيرة بالعصر الفرعوني وغيرها وسوف تقام هذه الاحتفالية خلال شهر مارس (آذار) المقبل ومدينة الأقصر المصرية صالحة لأن تتمتع بهذا الأمر. * لديكم مشروع لدعم القدس والآثار الإسلامية هل وافقت إسرائيل على زيارتكم خاصة أنها في السابق رفضت إعطاءكم تأشيرة إليها؟ - قررت زيارة القدس لأهداف منها أن يكون هناك وجود ثقافي عربي في القدس واقترحت أن يكون هناك مركز ثقافي باسم الألكسو بعد مخاطبة الجهات الفلسطينية وخاصة الرئيس محمود عباس في رام الله ورحبوا بذلك والأمر لا يتجاوز 150 ألف دولار لترميم مبنى موجود بالفعل وأنتظر موافقة إسرائيل للحصول على تأشيرة الدخول وتحدثت مؤخرا لإتمام الزيارة في خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي ولكن جوابهم كان أن الفترة الراهنة غير مناسبة لأن لديهم أعيادا وبعد 15 نوفمبر (تشرين الثاني) يمكن التفكير في الأمر، وبالتالي زيارتي للقدس لافتتاح المبنى الثقافي والجميع يتحدث عن استحالة الحصول على هذا التصريح لأنهم يرفضون الوجود العربي في القدس وتبقى محاولاتي قائمة.

مشاركة :