حددت أنقرة للمرة الأولى موعدا تقريبيا لإنهاء عملية «درع الفرات» التي تدعم فيها مقاتلين من الجيش السوري الحر، لتطهير حدودها من «داعش» وتأمينها أمام محاولات إقامة كيان كردي في الشمال السوري يشكل تهديدا محتملا عليها، فيما بدا أن التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة أميركا يحاول النأي بنفسه عن هذه العملية التي دخلت مرحلة حاسمة لتطهير «الباب» أحد المعاقل المهمة لـ«داعش» ولتركيا، في وقت أشارت فيه التقارير إلى أن تنظيم داعش في سوريا يطلب دعمه بعناصر من العراق لمواجهة معركة الرقة المرتقبة. وأعلن وزير الدفاع التركي فكري إيشيك أن أنقرة تسعى لاستكمال تأمين حدودها تماما في النصف الأول من العام المقبل، قائلا في عرض أمام البرلمان أمس: «نتوقع استكمال تأمين حدودنا تأمينا تاما في النصف الأول من 2017». وأوضح إيشيك أن المرحلة التالية من عملية «درع الفرات» المستمرة في شمال سوريا منذ الرابع والعشرين من أغسطس (آب) الماضي تستهدف الزحف جنوبا وتطهير مناطق منها مدينة الباب من مقاتلي تنظيم داعش. وتحظى مدينة الباب بأهمية استراتيجية خاصة لدى تركيا، في ظل سعي قوات سوريا الديمقراطية، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية الجانب الأكبر من قوامها، للسيطرة عليها. وباتت قوات الجيش الحر المدعومة من تركيا على بعد كيلومترين فقط من الباب، حيث تسابق القوات الكردية، لكنها تواجه مقاومة عنيفة من جانب «داعش» خلال الأيام الثلاثة الأخيرة. في الوقت نفسه، انتقدت مصادر تركية التخبط في التصريحات الأميركية بشأن موقف التحالف الدولي ضد «داعش» وعملية «درع الفرات» والمعارك الدائرة حول الباب، بعدما قال المتحدث باسم قوات التحاف الدولي لمحاربة «داعش»، العقيد جون دوريان، إن قوات التحالف ليست لها علاقة بالعمليات الدائرة حول الباب، وإن دخول المدينة كان قرارًا خاصًا بتركيا، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة سحبت عناصر قواتها الخاصة الذين كانت نشرتهم من أجل دعم القوات التركية وحلفائها. وقال دوريان إن قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا لم تحكم السيطرة بعد على المدينة، معربا عن اعتقاده أنها ستتمكن من تحرير المدينة خلال وقت قصير. وفيما تتواصل المباحثات بين أنقرة وواشنطن بشأن الدور المستقبلي لتركيا في عملية الرقة التي انطلقت عبر قوات سوريا الديمقراطية بدعم أميركي لتطويق المعقل الرئيسي لـ«داعش» في شمال سوريا، ترغب واشنطن وحلفاؤها في مواصلة الاعتماد على قوات سوريا الديمقراطية، بينما ترفض تركيا دخول القوات الكردية التي تشكل القوام الرئيسي لها إلى المدينة. وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعد العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، منظمة «إرهابية» وتخشى من إقامة حكم ذاتي كردي على حدودها. وتسعى أنقرة لإقامة منطقة آمنة بعمق 45 كيلومترا ومساحة 5 آلاف كيلومتر مربع على امتداد طولي بين جرابلس وأعزاز، لتضمن إبعاد خطر قيام كيان كردي على حدودها، فضلا عن حمايتها من تنظيم داعش، وسيتم نقل مجموعات من اللاجئين السوريين إلى هذه المنطقة خلال عامين. في الوقت نفسه، لا يزال التوتر يخيم على محور أعزاز بعد مقتل أكثر من 20 شخصا وإصابة آخرين، أمس الخميس، في انفجار سيارة مفخخة استهدفت مبنى تستخدمه جماعة كتائب نور الدين زنكي المسلحة. وتواصلت المعارك العنيفة ضمن عملية «غضب الفرات»، أمس، في الريف الشمالي للرقة وريف بلدة عين عيسى، بين قوات سوريا الديمقراطية التي تحاول التقدم والوصول إلى مدينة الرقة من جانب، وتنظيم داعش الذي يحاول صدّ الهجوم من جانب آخر، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي نقل عن مصادر قولها إن «الأمير العسكري لولاية الرقة» في تنظيم داعش طلب من قيادة التنظيم في العراق إرسال «مزيد من الجنود من أهل الشام لصد صولة المعتدين على أراضي الخلافة في الشام»، وأكدت المصادر أن قيادة العراق لم ترسل حتى الآن أي تعزيزات عسكرية إلى سوريا، لافتة إلى أن آخر ما وصل من تعزيزات إلى الرقة، كانت كتيبة الألغام المؤلفة من 46 عنصرًا وقياديًا ميدانيًا، معظمهم من عناصر الجيش العراقي السابق، بحيث بدأوا في تنفيذ عمليات تلغيم وتفخيخ محيط المدينة، والخطوط المتقدمة في شمال وشرق المدينة.
مشاركة :