أجور النجوم.. قيود تكبّل الدراما المصرية

  • 11/18/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: محمد شبانة أرقام فلكية تتناولها وسائل الإعلام عن أجور نجوم الدراما المصرية، ووصلت هذه الأرقام إلى نجوم الصف الثاني، ما خلق عدداً من العثرات في إنتاج بعض المسلسلات التلفزيونية، وخرجت جهات الإنتاج الحكومي الثلاث من حلبة المنافسة، تاركة الحبل على الغارب لشركات القطاع الخاص، بسبب عدم قدرتها على تحمل تكلفة أجور هؤلاء النجوم. حول حقيقة هذه الأرقام، ومشكلة مغالاة كبار النجوم في أجورهم، التي أصبحت كالقيود تكبّل الدراما المصرية وتعيق الصناعة على المدى القريب والبعيد، سألنا بعض المعنيين وأهل الفن في هذا التحقيق. المخرج محمد ياسين قال: أجور أسرة أي عمل فني تقتطع حوالي ثلثي الميزانية، أي حوالي 70%، ولنفترض أن هذا العمل مسلسل، فإن عواقب مغالاة النجم في أجره جسيمة لعدة أسباب، أولاً: يتسبب في تأخير تصوير العمل. ثانياً: يضطر المنتج مرغماً تخفيض أجور باقي العاملين من فنانين ومصورين وكومبارس والواقفين خلف الكاميرا، وكل هؤلاء لهم أسر.. ثالثاً: ضعف تسويق العمل بعد الانتهاء من تصويره، لأنه لن يضم عدداً من النجوم، بل واحد فقط. رابعاً: استحواذ شركات خاصة بعينها على السوق لقدرتها على دفع الملايين التي يطلبها النجوم فوراً. خامساً: خروج شركات الإنتاج الحكومي الثلاث من حلبة المنافسة، عندما تفشل شركة لها تاريخ مثل شركة صوت القاهرة، في تسويق مسلسلاتها، بل ومدينة بالملايين لعدة جهات فإنه ثمة شيء ما خطأ، علماً أن سوق الدراما حالياً يسمح بعودة القطاع العام للعمل بقوة، لكن أجور كبار النجوم تعوقه. المخرج محمد مصطفى علّق: وفرة المسلسلات وكثرة الطلب عليها، نتيجة زيادة عدد القنوات الفضائية، دفع النجوم كلهم تقريباً إلى زيادة أجورهم بنسب متفاوتة، ما أدى لانفراد الشركات العملاقة مثل cedars art production،synergy، والعدل جروب، وربما شركتين أخريين. هذه الشركات ليست في وضع الاتهام، بل هي محترمة وتقدم أعمالاً راقية، وسأقدم مع إحداها عملاً في رمضان المقبل، فقط أقول إن الأجور المبالغ فيها من نجوم الصف الأول، تدفع الشركات الصغيرة إلى تقديم أعمال ضعيفة، ثم نشكو من أن غالبية المسلسلات دون المستوى، وبعضها فقط قوي، لو أدرك النجم حقيقة الوضع الاقتصادي غير المستقر وخفض أجره، أو على الأقل طلب أجراً معقولاً لنشطت عجلة الإنتاج الفني وعمت الفائدة الجميع. الفنان أحمد عبد العزيز قال: لا توجد معايير واضحة يتم على أساسها تحديد أجر النجم، فلان نجح وأصبح بطلاً مطلقاً، على أي أساس يتقاضى عشرين مليون جنيه مثلاً؟ جيلي الذي قاد مسيرة الدراما لم يسمع عن هذه المبالغ، ولم يطلبها أحدنا أبداً، كنت بطلاً لمسلسلات عدة، أنا وغيري، لكن أرقاماً كهذه لم تكن مطروحة على الإطلاق، وحالياً أشارك في بطولة مسلسل الأب الروحي، وعندما سمعت عن تكلفته أصابني الذهول من الرقم الذي لم يخطر على بال أحد أثناء الإعداد للمسلسل ولا حتى المنتجين أنفسهم، نحن الآن في مرحلة تصوير الجزء الأول، وهو مكون من 60 حلقة، ويتبقى أربعة أجزاء بنفس عدد الحلقات، ولنا أن نتخيل كم تكون تكلفة المسلسل، لو لم نتكاتف جميعاً ليرى النور، عن طريق التوازن في طلب الأجور؟! للعلم فإن الحد الأدنى حالياً لتكلفة مسلسل مكوّن من ثلاثين حلقة يتراوح من 80 إلى 100 مليون جنيه، فماذا عن مسلسل من 5 أجزاء، كل جزء يتكون من 60 حلقة؟ لذا أؤيد مقولة إن رفع النجوم أجورهم يزيد من معاناة الدراما. السيناريست مجدي صابر أشار إلى أن فوضى المسلسلات الضعيفة سببها عدم وجود نجوم فيها، بالإضافة إلى السيناريو الركيك، بينما المسلسل القوي يتعثر وقد يتأجل تصويره لفترة تصل أحياناً إلى سنوات، مثلما حدث مع مسلسل حسن الفللي الذي قمت بكتابته، وتأجل تصويره، وتم تغيير النجم أكثر من مرة، وقام الفنان هاني رمزي بتخفيض أجره مساهمة منه في تحريك الأمور للأفضل، واستئناف التصوير، ومن المفترض عَرْض المسلسل في رمضان المقبل، إذا تم تصويره، أرى أن تخفيض النجوم أجورهم هو الحل الوحيد، لا أحد يلوم شركات الإنتاج لأنها تدفع للنجوم ما يريدون، هي تريد أن تعمل وهي بالتأكيد لا تحب أن تدفع مثل هذه المبالغ الطائلة، هناك مسلسلات كثيرة تكلفة إنتاجها في حدود المعقول، لكن حينما أسمع أن مسلسلاً تكلف 225 مليون جنيه فبالتأكيد تكون أجور النجوم هي السبب الرئيسي. المخرجة إنعام محمد علي قالت: تعاقدت مع التلفزيون المصري على إخراج مسلسل همسة حائرة ، ووجدت لدى المسؤولين خطة لإنتاج عدد من المسلسلات بعضها بشكل فردي، وبعضها بالشراكة مع بعض شركات الإنتاج الخاصة، وعندما سألتهم عن سبب التباطؤ ما دامت تتوافر عندهم الرغبة في الاستثمار في مجال الدراما، قالوا إن أجور النجوم هي السبب الرئيسي الذي يعوقهم عن بدء التصوير فوراً ، مشكلة أجور النجوم جادة وحقيقية وآثارها السلبية بعيدة المدى، ولن نشعر بها الآن إلّا على شكل تأجيل تصوير عدد من المسلسلات، وحسناً فعلتم عندما فتحتم هذا الملف الخطير، عندما أقرأ أن أجور عدد من كبار النجوم قد تعدت 200 مليون جنيه، وهم يعدون على أصابع اليدين، أدرك أن الدراما تسير إلى الهاوية، استغلال النجاح من جانب النجم لزيادة أجره، بصورة قد تعود بالسلب على العمل ككل، أمر غير مقبول، الدراما ترتبك بسبب أجور النجوم في السينما، النجم لا يفرض شروطه إلا في أضيق الحدود، وغالباً ما تكون بعيدة عن الأمور المادية، معظم القنوات الفضائية العربية، إن لم تكن كلها تطلب المسلسلات المصرية، وهذه فرصة للنهوض بالصناعة ودعم الاقتصاد، فهناك مسلسلات عددها ليس بالقليل متوقفة أو شبه متوقفة بسبب ظروف إنتاجية سببها أجور النجوم التي تم دفعها في البداية. ملايين الحصان الأسود أصبحت مسلسلات شهر رمضان، وكان عددها هذا العام منخفضاً نسبياً مقارنة بمواسم سابقة الحصان الأسود الذي تراهن عليه الدراما المصرية للعرض طوال العام، وأصبحت أيضاً المعيار الأساسي لأجور النجوم، وطبقاً لما تم إعلانه، فقد حصل عادل إمام على 38 مليون جنيه، ومحمود عبد العزيز ويحيى الفخراني على 27 مليون جنيه، ومحمد رمضان على 25 مليون جنيه، ومحمد منير وغادة عبد الرازق على 22 مليون جنيه، ومصطفى شعبان على 17 مليون جنيه، ونيللي كريم ويسرا على 15 مليون جنيه، ويوسف الشريف على 14 مليون جنيه، وطارق لطفي وعمرو يوسف ودنيا سمير غانم على 10 ملايين جنيه، وحصلت زينة ومي عز الدين على مليون دولار، وتأتي في نهاية القائمة داليا البحيري التي حصلت على 4 ملايين جنيه. تسديد الضرائب ودعم للمجتمع الناقدة خيرية البشلاوي، وتعليقاً على الأرقام الخيالية في الأجور، قالت: لو كانت هذه الأرقام حقيقية، فإن أزمة قريبة ستضرب الدراما المصرية في مقتل، عودة نظام الواحد في المئة في أي مجال كافية للقضاء عليه، ما معنى أن يحصل النجم على كل هذه الملايين ويحصل الباقي على الفتات؟ وإذا كانت بعض الجهات قادرة على الدفع فماذا عن باقي الشركات؟ الطفرة التي حققتها الدراما في السنوات الخمس الأخيرة، يجب أن تستمر، مع الوضع في الاعتبار العامل المادي حتى لا تنهار مثلما حدث مع السينما في نهاية الثمانينات، والمعروف أن الفنان، مع تقديرنا للجميع، يتفق مع الشركة على رقم ويكتب في العقد رقماً أقل، لأسباب تتعلق بالضرائب، هذا ليس تخويناً لأحد، أو اتهاماً بعدم الوطنية، لكنها حقيقة، وبعضهم منعاً للقيل والقال، يحرصون على تسديد الضرائب أولاً بأول مثل عادل إمام، ويحيى الفخراني، سواء كانت الأرقام المعلنة حقيقية أم لا، فهي أرقام مخيفة تخل بقواعد العدالة، وتصبح كالسوس ينخر في جسد الدراما. معظم النجوم زادوا أجورهم هذا العام منهم غادة عبد الرازق ومصطفى شعبان ويوسف الشريف، وغيرهم. الناقدة ماجدة خير الله أكدت أن المسألة ليست مقصورة على نجوم الصف الأول، بل تتسلل إلى نجوم الصف الثاني أيضاً، مثلما حدث مع الفنانة داليا مصطفى في مسلسل السبع بنات، حينما طلبت زيادة أجرها، ورفضت الشركة المنتجة، واضطر المخرج محمد النقلي لاستبعادها واستبدل بها الممثلة الشابة تارا عماد. مع نجوم الصف الثاني يكون لشركات الإنتاج بعض حرية البحث عن بدائل، بعكس نجوم الصف الأول، لنفترض أن نجوم الصف الثاني طالبوا بزيادة أجورهم أسوة بغيرهم، ثم لحقهم المخرجون وطاقم التصوير؟ ستنهار الصناعة بكل تأكيد.. المشكلة تنحصر في نجوم الصف الأول، وتظهر على استحياء، بين الحين والآخر، بين نجوم الصف الثاني، ولا أرى حلاً عملياً سوى أن يبادر النجوم من تلقاء أنفسهم بتخفيض أجورهم، كنوع من الدعم للمجتمع ككل.

مشاركة :