ولادة الحكومة الجديدة في لبنان أسيرة «عض الأصابع» - خارجيات

  • 11/19/2016
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

دخلت الحكومة الجديدة التي يجري العمل على استيلادها في لبنان مرحلة مفصليّة، فإما تبصر النور بحلول يوم غد على قاعدة المسودّة التي وضعها الرئيس المكلف سعد الحريري لتشكيلة من 24 وزيراً وبعد «دوْزنةٍ» في ما خصّ بعض الحقائب وتوزيعها، وإما تكون عملية التشكيل عادت الى ما «تحت الصفر» ما يستوجب تحديداً جديداً لقواعد التركيبة الحكومية و«أساساتها» لجهة تكوينها العدَدي كما «ترسيم» الحصص والأحجام فيها. وانقسمت الانطباعات في بيروت امس بين محوريْن: واحد اعتبر ان «الرياح السلبية» التي «لفحت فجأة» مسار تشكيل الحكومة في الساعات الماضية تشكّل جزءاً من لعبة «عض الأصابع» التي تسابق ذكرى الاستقلال التي يحييها لبنان الثلاثاء المقبل والتي يرغب بشدّة رئيس الجمهورية ميشال عون ان تحلّ في حضرة 3 كراسي على المنصة الرسمية التي ستواكب العرض العسكري (في وسط بيروت) تعود لكلّ من رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان وليس 4 (سيضاف كرسي لرئيس حكومة تصريف الاعمال بحال لم تكن الحكومة الجديدة وُلدت)، وهو ما يريده ايضاً الرئيس المكلف سعد الحريري الذي يحبّذ انطلاقة سريعة لحكومته. اما المحور الثاني، فتخوّف من ان تكون التعقيدات التي أطلّت برأسها في سياق مسارٍ يشي بحال «طارت» الحكومة لما بعد الاستقلال، بإدخال ملفّ التشكيل «عنق الزجاجة» لاعتباراتٍ داخلية في الظاهر ولكنها اقليمية المرتكز في الواقع وترتبط بالرغبة في إبقاء الوضع اللبناني «معلّقاً» في جانبه الحكومي على تبلور ملامح المقاربات التي ستعتمدها الإدارة الاميركية الجديدة مع دونالد ترامب حيال ملفات المنطقة والاتفاق النووي مع ايران. واذا كان من المبكر التكهن بصحة اي من السيناريوين في انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة، فإن مصادر مواكبة لمسار تأليف الحكومة حاذرت الإغراق في التشاؤم وإن كانت اختصرت الواقع بأنه «خابِص»، متحدثة عن عملية «رفعٍ للسقوف» الى أعلى مستوى، فإما تفضي الاتصالات المستمرة بكثافة الى إحداث الاختراق النهائي بحلول الأحد أو تكون الأمور فُتحت على مسار من التعقيدات التي يمكن ان تتخذ طابعاً أكثر خطورة في ضوء ما حمله اول من امس من تطوريْن متوازييْن: الاول، استحضار «موروثات» الخلاف السياسي بين عون ورئيس البرلمان نبيه بري الذي سبقَ والذي واكب انتخاب الاول رئيساً للجمهورية من خلال ردّ بري على معاودة رئيس الجمهورية (من مقر البطريركية المارونية) إثارة موضوع التمديد لمجلس النواب باعتباره من أسباب «وهن المؤسسات»، محملاً عون مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية لنحو 30 شهراً. والتطور الثاني هو إضافة «طبقة طائفية» على الخلاف «المزمن» بين عون وبري شكّلها السجال بين المرجعيتين الدينية المارونية والشيعية بعدما ردّ نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان على قول البطريرك مار بشارة بطرس الراعي خلال استقباله رئيس الجمهورية اول من امس إنه «لا يجوز استبدال»سلة (كان نادى بها بري) الشروط بصيغ التشبّث بحقائب وباستخدام«الفيتو»من فريق ضد آخر»، فأعلن «ان الشيعة هم الأكثر حرصاً على إقامة دولة العدالة والمساواة، وقدموا تضحيات لإنجاز الاستحقاقات الدستورية»، لافتاً الى «ان الشيعة كانوا مقهورين ومحرومين حتى حق الدفاع عن مناطقهم، ولم نسمع مثل هذا الكلام الذي نسمعه اليوم، لأننا نطالب بشيء هو المشاركة الحقيقية في السلطة، نعم انه حق من حقوقنا، وعند إلغاء الطائفية السياسية تروننا الاولين». وفي حين ردّ الراعي امس الزيارة لعون واكتفى بعد اللقاء بالقول تعليقاً على ما اعلنه الشيخ عبد الأمير قبلان «انني لم اجد سبباً، واستغربتُ الموضوع»، أكمل المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «على الموجة» نفسها، معلناً «نحن وطنيون بامتياز، ودفعنا من أجل بقاء لبنان موحداً، وحراً سيداً مستقلاً، أغلى الاثمان، لذا من الطبيعي جدا أن تكون وزارة المال من حصتنا كونها تحقق شراكتنا الفعلية في السلطة». واذا كان هذا السجال قوبل بعدم ارتياح لدى الرئيس الحريري الذي استشعر بأن مهمّته في تشكيل الحكومة قد تدخل في «حقل ألغام» سياسي - طائفي بحال تفاقم الخلاف المسيحي - الشيعي، فإن مصادر متابعة للملف الحكومي من الفريق المسيحي اعتبرت عبر «الراي» ان حرص الراعي امس على إطلاق كلام غير سجالي من قصر بعبدا، اضافة الى عدم صدور ردود من أحزاب مسيحية، يعكس رغبةً في تفادي تسليم الراغبين في عرْقلة انطلاقة العهد اي «أوراق» لاستثمارها في هذا السياق. وبحسب هذه الأوساط فإنه الى جانب الشق التقني من تشكيل الحكومة، فإن في خلفية «شدّ الحبال» المستمرّ على جبهة تشكيل الحكومة «عدم تعوّد البعض على وجود عَصب مسيحي جديد، وعدم هضْم حتى وصول العماد عون الى قصر بعبدا»، لافتة الى «ان البعض يحتاج الى وقت ليستوعب ان التفاهم غير قابل للفكّ بين»التيار الوطني الحر«(حزب الرئيس) وحزب«القوات اللبنانية»أعاد التوازن المسيحي - الاسلامي الى السلطة وفتح الباب أمام التطبيق الفعلي لاتفاق الطائف بغير نسخته السورية»، ومعتبرة ان «الحرب الجدية التي تُشنّ على الثنائية المسيحية محكومة بأن تصطدم بثبات التفاهم العوني - القواتي ورسوخه». وفي الجانب التقني من مسار التشكيل، أبلغت المصادر المواكِبة مسار تأليف الحكومة الى «الراي» ان «القوات اللبنانية» كانت نالت وفق المسودّة التي حملها الرئيس الحريري الى عون الاربعاء (واستمهل عون الحريري لدرس بعض تفاصيلها) منصب نائب رئيس الحكومة مع حقيبة الاشغال وحقيبتيْ الشؤون الاجتماعية والإعلام اضافة الى اعتبار وزير السياحة ميشال فرعون من حصّتها، لافتة الى ان العقدة المتصلة بحصة تيار «المردة» (النائب سليمان فرنجية) عالقة عملياً بين فرنجية والرئيس بري، باعتبار ان الأخير وبعدما أصرّ «التيار الحر» على حقيبة الطاقة التي كان يريدها «المردة»، اقترح على النائب وليد جنبلاط ان يحصل على حقيبة العدل عوض الصحة كي تؤول الأخيرة اليه (اي بري) في مقابل ان يحصل تيار فرنجية على التربية ولكن الأخير رفضها ويفضّل الصحة. واذ أشارت المصادر الى ان البحث حالياً ما زال يتركّز على صيغة حكومة من 24 وزيراً، أوضحت ان ما نُقل عن بري من انه متمسك بالأشغال بالدرجة نفسها لتمسكه بحقيبة المال هو في سياق سقوف التفاوض وإلا كان في الأمر نيّة لنسف مسار التأليف الحالي.

مشاركة :