التعرفة الجمركية هي تعرفة تقررها الدولة لحماية أو تشجيع صناعتها المحلية، عن طريق وضع نسبة جمركية عالية على البضائع المستوردة، التي تنافس البضائع المماثلة المصنوعة محلياً، بهدف ترويج الصناعة الوطنية، وتنويعها لتشجيع المواطنين على شرائها. وترفع هذه الضريبة من تكلفة الإنتاج المستوردة، ما يؤثر بالتالي على القوة الشرائية للمواطنين، وقد تفرضها الدولة أيضاً بهدف تقليص حجم الواردات للحفاظ على العملات الأجنبية. وحينما تلجأ الدولة لذلك يجب أن يتم هذا في إطار خطة مدروسة، ولها مدى زمني فهي تقوم على فلسفة أن الحماية تتم من أجل تشجيع الصناعات المحلية على النمو والازدهار من حيث الجودة، وأقل تكلفة. وإذا بدأت الصناعات المحلية بالنمو، فيجب أن يتم السماح بالاستيراد بخطوات معينة، حتى يتم تدريب المنتج المحلي على مواجهة المنتجات المنافسة عالمياً، بينما لو ظل غطاء الحماية مستمراً للأبد، فسيظل المنتج المحلي يحتكر ويسيطر ويهيمن على السوق المحلي، فيتحكم فيه كيفما شاء، ولا يهتم بتطوير منتجاته، لأنه وبكل بساطة لن يضار من أي منافسين، إلا إذا كان السوق المحلي يحتوي على تعددية وتنوع في الإنتاج وهذا غير كاف أيضاً. وتعد تجارب الحماية المستمرة كثيرة ومعروفة في منطقتنا العربية، فهناك صناعات كثيرة في مصر كصناعة السيارات، التي تمت حمايتها لعشرات السنين حتى لم يجد مصنعوها أي اهمية لتطويرها فتخلفت كثيراً، كما أن ترك السوق والمنتج الوليد بلا حماية يعرضه للقتل في المهد، فلا يقوى على المنافسة لا من حيث التكلفة، ولا من حيث الجودة. ولذا نؤكد أهمية ان تكون الحماية الجمركية، بتخطيط مدروس زمنياً ونوعياً، بما يحقق في النهاية المصلحة العامة للدولة، وبالتالي يعود على المواطنين بالإيجاب. فالحماية المستمرة ترفع الأسعار، ولا تعطي فرصة للبحث عن الجودة، وتلقي بثروات طائلة بين أيدي المحتكرين، بينما عدم الحماية يقتل أي أمل في نشأة الصناعة المحلية ويقتلها في مهدها، ولذا يجب علينا أن نبتغي من ذلك سبيلاً. ودائما ما تتخذ الدول التي تسعى للتكتلات الاقتصادية سبيلاً، نحو إلغاء التعرفة الجمركية، بين منتجاتها، كما هو الحال بين مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي، أو منتجات عربية تحمل منشأ جامعة الدول العربية، وهنا تكون المصلحة للدول المنتجة، كتوسيع أسواقها، وتكون أيضاً في صالح المستهلك للدولة المستوردة، إذ يصبح السوق الذي قام بإلغاء التعرفة الجمركية أكثر انسجاماً ومرونة في ما بينه، ومغلقاً امام المنتجات الأخرى العالمية، ويصبح الأمر في هذه الحالة بحاجة إلى تخطيط زمني، لتحفيز المنتجات المحلية على التطوير، وتخفيض التكلفة لتحقق الهدف من الحماية. * باحث في اقتصاديات النقل البحري (edkw@egcss.com)