القاهرة: محمد عبده حسنين قتل ضابطان في الجيش المصري، وخمسة من العناصر الإرهابية، في تبادل لإطلاق النيران مع مسلحين، خلال مداهمة أمنية لإحدى «البؤر الإرهابية»، التي تستخدم مصنعا لصناعة المتفجرات بمحافظة القليوبية (المتاخمة للعاصمة القاهرة)، وفقا لما أعلنته السلطات المصرية أمس. كما تزامن ذلك مع أعمال عنف واشتباكات متعددة، اندلعت بعدد من الجامعات المصرية خلال مظاهرات نظمها طلاب جماعة الإخوان المسلمين أمس، وأسفرت عن مقتل طالب وإصابة ثمانية آخرين، كما جرى اعتقال العشرات. وتشهد مصر منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان، في يوليو (تموز) الماضي، موجة من العنف والمواجهات المسلحة بين قوات الأمن ومسلحين مناوئين للنظام الحالي. واتهمت السلطات المصرية «الإخوان»، المصنفة رسميا وقضائيا كجماعة إرهابية، بالوقوف وراء هذه الأعمال. وتقدم المشير عبد الفتاح السيسي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، جنازة عسكرية أقيمت للضابطين أمس. ونقل المتحدث باسم القوات المسلحة عن السيسي قوله، إن «القوات المسلحة ماضية في التصدي للإرهاب واقتلاع جذوره. والعمليات الإرهابية لن تزيد رجال القوات المسلحة إلا إصرارا وقوة في حماية الشعب المصري العظيم». وكانت وزارة الداخلية ذكرت أمس، أن «قوات الشرطة شنت حملة أمنية واسعة بالتعاون مع خبراء مفرقعات سلاح المهندسين بالجيش على إحدى البؤر الإرهابية التابعة لـ(جماعة) أنصار بيت المقدس»، صباح أمس بالقليوبية، ما أسفر عن مقتل اثنين من الجيش وخمسة من العناصر الإرهابية، بالإضافة إلى إصابة ضابط من العمليات الخاصة بالأمن المركزي بطلق ناري. وأضافت الداخلية، في بيان نشرته على صفحتها على موقع «فيسبوك»، أن «التحريات أوضحت قيام مجموعة من العناصر التكفيرية لأنصار بيت المقدس بتشكيل بؤرة إرهابية واتخاذها من إحدى ورش تصنيع الأخشاب بقرية عرب شركس التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية مكانا لاختبائها وإخفاء المواد المتفجرة والأسلحة النارية». وتابع البيان، أن «القوات قامت بحملة مكبرة ضمت قوات العمليات الخاصة والأمن الوطني بالاشتراك مع خبراء مفرقعات من سلاح المهندسين بالجيش بمداهمة المكان، حيث دارت مواجهة شرسة دامت عدة ساعات مع عناصر البؤرة الإرهابية استخدمت فيها الأسلحة النارية والعبوات الناسفة والدراجات النارية والسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ضد القوات التي قامت بمبادلتهم إطلاق الأعيرة النارية بكثافة عالية، ما أسفر عن مصرع خمسة وضبط أربعة من العناصر الإرهابية واستشهاد ضابطين من خبراء مفرقعات سلاح المهندسين بالقوات المسلحة وإصابة ضابط من العمليات الخاصة بالأمن المركزي بطلق ناري». وأضاف البيان، أن «عمليات التفتيش أسفرت عن ضبط كميات كبيرة من المتفجرات وأدوات تصنيعها والأسلحة النارية جار حصرها حاليا»، مشددة على أن «تلك البؤرة كانت مركزا لارتكاب الكثير من الحوادث الإرهابية في الفترة الأخيرة من بينها التعدي على حافلة الجيش بالمطرية ونقطة الشرطة العسكرية بمسطرد وتفجير مديرية أمن القاهرة». وأعلنت «أنصار بيت المقدس»، وهي جماعة مسلحة انطلقت من سيناء، مسؤوليتها عن عدد من حوادث العنف والتفجيرات التي شهدتها البلاد أخيرا، ومن بينها تفجير مدريتي أمن الدقهلية والقاهرة. وقال العقيد أحمد علي، المتحدث باسم الجيش، إن «القوات المسلحة تنعى خبراء المفرقعات بسلاح المهندسين العسكريين، العميد ماجد أحمد صالح، والعقيد ماجد أحمد شاكر قلليني، اللذين استشهدا خلال عملية مشتركة مع الشرطة لمداهمة وكر إرهابي بمنطقة قليوب يستغل في تصنيع وتجهيز وتخزين كميات كبيرة من المفرقعات شديدة الانفجار والشراك الخداعية والعبوات والأحزمة الناسفة والعربات المفخخة». ونعى إبراهيم محلب، رئيس الوزراء، أبناء القوات المسلحة في مقتل الضابطين، مؤكدا أن «الشهيدين قدما نفسيهما من أجل حماية أبناء هذا الشعب من كميات هائلة من المتفجرات والمواد الخطرة التي كان الإرهابيون ينوون استخدامها لحصد مزيد من أرواح الشهداء»، مشددا على أن «مصر ستنتصر في حربها ضد قوى الظلام والإرهاب بفضل رجالها الأبطال ومساندة الشعب لقوات الجيش والشرطة». وفي السياق ذاته، أبطلت قوات أمن الإسكندرية أمس مفعول قنبلة وضعت داخل مجمع المحاكم الجديد بمنطقة «المنشية». وقال بيان لمديرية أمن الإسكندرية، إن «قوات الحماية المدنية وخبراء المفرقعات انتقلت على الفور وجرى التعامل مع العبوة وإبطال مفعولها، حيث تبين أنها قنبلة محلية الصنع». من جهة أخرى، اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن وطلاب جماعة الإخوان المسلمين بعدد من الجامعات المصرية. وقالت وزارة الصحة، إن هذه الاشتباكات التي استخدمت فيها قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش لتفريق المتظاهرين وفقا لشهود عيان، أسفرت عن وفاة طفل، وإصابة ثمانية آخرين في مظاهرات أمام المستشفى الجامعي في بني سويف، وجامعة الأزهر بمدينة نصر، وجامعة القاهرة. وكان تحالف «دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المعزول، وتقوده جماعة الإخوان، دعا للتظاهر أمس في ذكرى إقرار التعديلات الدستورية (19 مارس/ آذار 2011)، والتي أعقبت سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك. وهو ما رد عليه اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، قائلا في تصريح له ليلة أول من أمس، إن «أي محاولة لجماعة الإخوان لإشاعة الفوضى أو العنف سيجري التصدي لها بمنتهى الحسم». ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن مدير مستشفى بني سويف العام نبأ «مقتل الطفل عمر كفافي (13 عاما) نتيجة إصابته بطلقات خرطوش في أنحاء متفرقة من الجسد خلال مظاهرات جماعة الإخوان بمحيط جامعة بني سويف». وأضاف أن «الطفل طالب في الصف الثالث الإعدادي، ونجل القيادي البارز بجماعة الإخوان الدكتور علي كفافي». وكان طلاب «الإخوان» بجامعة بني سويف نظموا مسيرات داخل الجامعة وانطلقوا بها إلى الشوارع المحيطة، فانضم إليها متظاهرون، قبل أن تتصدى لهم قوات الأمن بقنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش في محاولة منها لتفريق المتظاهرين. وفي جامعة القاهرة، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لفض اشتباكات وقعت بينها وبين طلاب مؤيدين لجماعة الإخوان، بعد أن توجه الطلاب بمسيرة انطلقت من داخل جامعة القاهرة إلى ميدان «النهضة»، كما أطلق الطلاب «الشماريخ» (نوع من الألعاب النارية شديدة الاشتعال)، وهو ما ردت قوات الأمن عليه بقنابل الغاز. وقال رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار، إنه «استدعى الشرطة للسيطرة على الأمور»، لافتا إلى أن «قوات الأمن تمركزت خارج الجامعة ولم تدخل مطلقا إلى الحرم الجامعي، وهو أمر متروك تقديره للجهات الأمنية». وأعرب نصار عن رفضه الشديد لما ارتكبه بعض الطلاب من تحطيم بعض المكاتب والكاميرات بكلية الحقوق، مشيرا إلى أن الأمن الإداري بالجامعة استطاع أن يخرج هؤلاء الطلاب من كلية الحقوق والسيطرة على الموقف. وتكرر المشهد في جامعة الأزهر، حيث دخلت قوات الشرطة حرم الجامعة لتفريق الطلاب المتظاهرين، الذين أطلقوا الشماريخ والألعاب النارية داخل الحرم الجامعي، ورددوا عبارات مسيئة لإدارة الجامعة والأمن والجيش، وطالبوا بالإفراج عن الموقوفين ورفع بعضهم لافتات «رابعة العدوية». وألقت قوات الأمن القبض على عشرة من مؤيدي «الإخوان» خلال الاشتباكات التي نشبت بمحيط مجمع الكليات النظرية بجامعة الإسكندرية، في حين أصيب طالبان باختناق، ونجحت قوات الأمن في منع الطلاب من الخروج من حرم الجامعة والانضمام إلى مظاهرات بالخارج.
مشاركة :