كان من المفترض أن نخصص بعض المقالات حول انتخابات مجلس الأمة المصيرية بعد أقل من أسبوع، ولكن عندما نلتفت لنرى الحرائق من حولنا التي تكاد تلتهم كل شيء فإننا لا نملك أن نبقى صامتين، فلقد اتسع الخطب وتعاظم حتى ليكاد يصم آذاننا ويختطف أبصارنا وينسينا ما حولنا! يقولون بأن ترامب قد اختار ثلاثة من رموز إدارته المقبلة من صقور الجمهوريين (وزير الخارجية ووزير العدل ومدير البيت الأبيض) وكلهم مشهورون بكراهيتهم للإسلام والمسلمين وبتأييدهم المطلق للكيان الصهيوني، ثم يقولون: خلاص انتهينا وما في أمل بتحسن الأمور وحل مشاكلنا المستعصية أصلاً! نقول لهؤلاء المثبطين بأن تفكيرهم هذا هو تفكير مريض ويستبعد حقيقة التوكل على الله والاستعانة به، والايمان بأنه سبحانه هو المتحكم بالكون والمتصرف فيه، كما أنه يهمل تحليل الواقع تحليلاً صحيحاً! إن الفرعون الأكبر (ترامب) وزبانيته مهما بالغوا في عداوتنا والتخطيط لتدميرنا فإن ذلك لن يحدث إلا بإذن الله وتقديره، ولا ننسى بان سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه المسلمين هي سياسة واضحة مليئة بالعداء والتخطيط الماكر، مهما حاولوا إيهامنا باعتدالهم، وقد يكون العدو الواضح العداوة أفضل من العدو المتخفي الذي يبدي لنا المحبة والإخلاص في الظاهر، ثم يتآمر علينا ويسعى لدمارنا في الباطن! وهذا هو ما لمسناه من الإدارة الأميركية خلال فترة حكم أوباما! فست سنوات من عمر الثورة السورية ضد أعظم ديكتاتور في سورية قد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأن الولايات المتحدة تحمي هذا النظام وتدافع عنه، وتخدع العرب والمسلمين بالحديث المتكرر عن دراستها للتدخل في سورية وعن الخطوط الحمراء التي لا تسمح بها وعن دراستها لتسليح المعارضة المعتدلة بالسلاح النوعي المطلوب! ثم شاهدنا كل ذلك الكلام يتبخر، ويُعطى الروس اليد الطولى في سورية ليفعلوا ما يريدون من دون اعتراض من أميركا! بل وساعدتهم أميركا في قصف جيش الفتح تحت مسمى محاربة تنظيم القاعدة! وما كان من روسيا عندما حصلت على الضوء الأخضر من أميركا لفعل ما تريد، إلا أن أحضرت حاملة الطائرات الوحيدة التي تملكها لكي تبدأ حملة تطهير سورية من أهلها كما فعلت في غروزني، ولتبدأ بقصف وتدمير جميع المستشفيات في حلب وحمص وإدلب وغيرها من المدن السورية بهدف تفريغها من سكانها! ونحن نتساءل: ما الذي تبقى لأهل السنة في سورية لكي يحزنوا على ذهاب أوباما وقدوم ترامب؟! بل إننا لنأمل بأن يعمل ترامب وعصابته على تضييق الخناق على إيران والسعي لايقاف أطماعها التي لا تتوقف بعد أن أعطاهم أوباما القمر بيد والشمس باليد الأخرى ومنحهم ملايين الدولارات (كاش) تعويضاً عن إجرامهم واعتداءاتهم المتواصلة! إن المرحلة الحالية المليئة بالتعقيدات تتطلب منا الصبر والحكمة والتوكل على الله، وتتطلب منا رص صفوفنا والعمل كوحدة واحدة وبذل الأسباب، كما تتطلب منا عدم اليأس من واقعنا الذي يبدو وكأنه ميؤوس منه، وإن من مقتضيات ذلك أن نتعاون مع المجتمع الدولي الذي يشحذ قوته اليوم للتخلص من «داعش» على الرغم من معرفتنا بأنه هو من أقام هذا المولود المسخ ونفخ فيه، واستغله في تشويه صورة الإسلام ومحاربتنا. إذاً دعونا نتعاون مع الغرب في حرب «داعش»، حتى ولو كانت نتائج تطهير العراق وسورية هي تدمير أهل السنة، فهذا التنظيم المسخ لابد من زواله قبل التفرغ للأمور الأخرى!
مشاركة :