لندن: «الشرق الأوسط» الكل بات يعرف أن جيلا جديدا من الرجال ظهر في العقدين الأخيرين. جيل أعلن استعداده لمعانقة الموضة ويرى أنها لا تتعارض مع رجولته بل العكس تعززها وتزيدها ثقة، ومع الوقت أثبت تأثيره على الأسواق العالمية. فأرقام المبيعات تشير إلى أن قطاع الأزياء الرجالية ينمو بسرعة أكبر من أي قطاع أزياء آخر، بما في ذلك قطاع الأزياء النسائية إذا أخذنا بعين الاعتبار الفترة الزمنية التي تفرق بينهما. ومع ذلك، لا ننكر أن هناك شريحة أخرى لا تزال تقاوم التغيير وتتردد في تقبله، وبالتالي تحتاج لمن يدفعها إليه دفعا. هذه الشريحة لا تتسوق بل تشتري ما تحتاجه، وتكتفي به إلى حين تصبح الحاجة ملحة للشراء مرة ثانية. لهذا عندما أطلق موقع «مستر بورتر» Mrporter.com في عام 2011، لم يكن متوقعا أن يحقق نفس النجاح الساحق الذي حققه الموقع الأم، «نيت أبورتيه» Net - a - porter.com. فالمرأة أكثر تقبلا للتغيير وإقبالا على تجربة الجديد، فضلا عن أن شهيتها دائما مفتوحة على التسوق. لكن بعد ثلاث سنوات تقريبا على إطلاقه، جاءت الرياح بما تشتهي السفن، وفاقت النتائج التوقعات. فقد استقطب الموقع شرائح واسعة من الرجال، سواء من كانوا لا يميلون إلى التجول في الأسواق بحثا عن سترة أو بدلة مفصلة، أو على كنزة من الصوف أو إكسسوارات، أو من لا يتمتعون بخبرة طويلة في عالم الموضة، لكنهم باتوا يدركون قوة تأثير المظهر الخارجي في أماكن العمل وفي الحياة عموما بالإضافة إلى أنهم استعذبوا الموضة بعد أن جربوها بضغطة زر من عقر دارهم. فقد اكتشفوا أنه بإمكانهم أن يجربوا كل ما يروق لهم، بعيدا عن عيون الفضوليين، وبمساعدة خبراء يمكن أن يطرحوا عليهم أي سؤال يتعلق بالموضة وتوجهاتها، وتلقي مساعدتهم ونصائحهم حول اختيار ما يناسبهم منها. نجحت الفكرة وأكدت مقولة صرحت بها المؤسسة ناتالي ماسيني، بأن «الإنترنت هدية للكل.. إنها تساعد أي ماركة تولد في غرفة صغيرة أن تصل إلى الزبائن في كل أنحاء العالم بضغطة زر». ماسيني قالت هذه المقولة عن المصممين البريطانيين الشباب ودور الإنترنت في تطورهم وتوسعهم، لكن يمكن تعميمها وتطبيقها بسهولة على موقع «مستر بورتر». فبضغطة زر، لا يحصل الرجل على قطع أزياء فحسب بل على أسلوب متميز ومتكامل. وهذا ما أكده لنا إيان تانزلي، المدير العام للموقع، في لقاء خاص في المقر الرئيس الواقع في الطابق الخامس من مجمع التسوق «وويستفيلد». يقول إن فكرة إطلاق موقع خاص بالرجل كانت بإيعاز من ناتالي ماسينيه، مؤسسة موقع «نيت أبورتيه»، التي اكتشفت أن هناك ثغرة في السوق يمكن أن تملأها، ونجحت. فقد أطلقت الموقع من شقتها في «تشيلسي» بإمكانيات متواضعة ليصبح واحدا من أهم مواقع التسوق في العالم. طبعا الشقة تحولت إلى إمبراطورية تحتل أكثر من نصف مساحة الطابق العلوي من مجمع التسوق «ويستفيلد» بلندن، ومع الوقت تفرعت عنه عدة مواقع أخرى مثل موقع «أوتنيت» Outnet.com الخط الأرخص، وموقع «مستر بورتر» Mrporter.com وموقع خاص بالأطفال وآخر بمنتجات التجميل والبقية تأتي. لكن إذا كانت ناتالي ماسيني هي العقل والوجه الحسن لهذه الإمبراطورية، فإنك خلال الحديث مع المدير العام للموقع، إيان تانزلي، أن وراءها رجال لا يستهان بقدراتهم وخبراتهم. يشرح تينسلي، فلسفة الموقع، قائلا إنها تحرص على البحث عن كل ما يرضي الرجل، ويجعل الموقع بمثابة واحة يرتاح فيها، وفي الوقت ذاته يستمتع بما تقدمه له من إمكانيات واسعة لتحسين أو تطوير مظهره. يتابع بفخر: «نحن نقدم كل ما يحتاجه بطريقة عملية وسهلة. لم يفتنا أن عادات الرجل في التسوق بدأت تتغير في السنوات الماضية. فهو لم يعد يكتفي بشراء قطع أساسية إلى حين يحتاج إلى أخرى، بل وصل إلى مرحلة الاستمتاع بها، والرغبة في فهمها حتى يتعامل معها بدراية أكبر. وزبائننا، أكبر مثال على هذا، فهم يتسوقون بمعنى التسوق بالاطلاع على كل الماركات المطروحة والأزياء، وليس لمجرد الشراء، خصوصا بعد أن اكتشفوا أن العملية لا تحتاج إلى جهد». إيان تانزلي تدرج في عدة وظائف قبل أن يلتحق بـ«نيت أبورتيه» منذ نحو ست سنوات. فقد عمل في البداية في بنك ثم قضى سبع سنوات في محلات «جون لويس»، حيث حقق نجاحا كبيرا أثار إليه الأنظار. لهذا كان مكسبا للموقع بخبرته في مجالات التكنولوجيا والتسويق، مضيفا إليها جانب الموضة. الموقع، كما يشرح، يشبه «نيت أبورتيه دوت كوم» في تركيزه على المنتجات المترفة، وبعد أن بدأ بـ50 ماركة عالمية أصبح اليوم يضم أكثر من 250 ماركة، نذكر منها «بيربيري»، و«سان لوران»، و«لانفان» و«ألكسندر ماكوين» و«بول سميث»، و«شارفيه»، و«غوتشي» وغيرهم، إضافة إلى الإكسسوارات بما فيها الساعات الفاخرة. ويشير إيان أن قوة الموقع تكمن في أنه يقدم معلومات وافية عن كل قطعة، بدءا من مقاس كل جزء فيها إلى نوع القماش ودرجة اللون وكيفية تنسيقها. وحتى بالنسبة للذين يحتاجون إلى مقاسات خاصة، فإنهم يجدون ضالتهم، لا سيما وأن الموقع يتوفر على عشرة أشخاص تقريبا، متخصصين في الموضة، ومستعدين للمساعدة والإجابة على أي استفسار إما عن طريق البريد الإلكتروني، أو الـ«تويتر»، أو الهاتف، عدا عن 250 شخصا في قسم التكنولوجيا لا يتوقفون عن تطوير الموقع وتصميمه بشكل جذاب». ويشرح تانزلي هذه النقطة قائلا: «الرجل، وحتى عهد قريب، لم يكن يقبل كثيرا على مواقع التسوق حتى وإن كان ضليعا في استعمال الإنترنت وسبق له أن زار مواقع خاصة بالمنتجات الإلكترونية مثلا، إضافة إلى أن مواقع الموضة في السابق كانت تعرض منتجاتها دون أي تفسير أو تقديم أي مساعدة، وهذا ما غيرناه. فالموقع أشبه بمحل ضخم يتوفر على معظم الماركات العالمية، وأيضا على خبراء يمكن أن يجيبوا على أي سؤال أو تقديم أي مساعدة تتعلق بالمقاس أو المناسبة التي يمكن أن تستعمل فيها القطعة». ويضيف: «الرجل لا يزال يفكر طويلا قبل الشراء، عكس المرأة التي تتابع تطورات الموضة وتسعى لشراء آخر صيحاتها، لهذا كان لا بد من إيجاد لغة سهلة تجذبه وتدخله لعبة الموضة، وبما أنه يحب أن يعرف كل التفاصيل، ولا يحب أن يطلب المساعدة، عمدنا على توفير هذه المساعدة بضغطة زر، بل وأحيانا دون حتى أن يسأل، وأيضا طمأنته بإصدار مجلة إلكترونية وأشرطة فيديو وغيرها». فبينما يركز موقع «نيت أبورتيه» على تحقيق تطلعات المرأة بالحصول على مظهر أنيق وعلى الموضة، فإن موقع «مستر بورتر» يركز على تعليم الرجل كيف يبدو أنيقا في كل الأوقات وتنسيق كل قطعة مع أخرى، فضلا عن مجلة خاصة به، يتم تجديدها بشكل أسبوعي وتتضمن آخر صيحات الموضة ولقاءات مع مصممين أو شخصيات لامعة لها علاقة بالموضة وعالم «مستر بورتر» مثل النجم برادلي كوبر والعارض ديفيد غاندي وغيرهم. من هذا المنطلق، حقق الموقع بالنسبة لبعض الرجال، ما يشبه الثورة، من ناحية أنه لا يوفر فقط أزياء وإكسسوارات في مكان واحد، بل أيضا يشرح طرق ارتداء هذه القطع بشكل أنيق، واقتراح ما يتماشى معها من إكسسوارات وألوان، لتكون الإطلالة متكاملة، تمزج الكلاسيكية بالأناقة العصرية. ويقول إيان تانزلي أنه لاحظ أن عادات الرجل تغيرت في السنوات الماضية. فبينما كان يدخل محلا واحدا يخرج منه، بعد وقت قياسي، محملا بما يحتاجه وكأنه انتهى من مهمة ثقيلة على قلبه، استحلى الآن زيارة مواقع الإنترنت المتخصصة وتصفح ما تقدمه من جديد ومن ماركات متنوعة، قبل أن يضغط على الزر ليشتري. بعبارة أخرى لم يعد يكتفي بشراء قطع أساسية إلى حين يحتاج إلى أخرى، بل وصل إلى مرحلة الاستمتاع بلعبة الموضة ككل، وهذا ما زاد الإقبال على الموقع وساعد على نجاحه. لكن على الرغم من سهولة التسوق على الموقع وكل ما يوفره من مساعدات، فإن التحدي الكبير كان إقناع الرجل بأن العملية سهلة وآمنة في الوقت ذاته. بمعنى أنه لن يتورط بشراء شيء يصعب إعادته واستعادة المبلغ الذي دفعه مقابله. ويشير إيان تانزلي بأن المرأة أكثر شجاعة في هذا المجال، لأنها متفتحة أكثر على تجربة أي جديد ولا تجد صعوبة في إعادته عندما لا تجده مناسبا. وهو أمر يستصعبه الرجل في البداية لاعتقاده أن الأمر يتطلب الكثير من المكالمات والجهد، لكن بعد التجربة الأولى يكتشف مدى سهولته وعمليته. * مزايا التسوق على الإنترنت بالنسبة للرجل: * فرصة التسوق من دون لف في المحلات، كذلك فرصة العودة إلى الموقع بعد ساعة أو أكثر بعد أن يفكر مليا في ما يريده. * إعادة أي شيء لم يرق له أو ليس على مقاسه دون جهد أو تكاليف تذكر. * لأن غالبية الرجال لا يميلون إلى طرح أسئلة تتعلق بالمظهر في المحلات، لشعورهم بالخجل أو الحرج، فإن الإنترنت يتيح لهم طرح أي أسئلة تتعلق بالمقاس، أو كيفية تنسيق القطعة وما يتماشى معها من ألوان أو قطع أخرى، بحرية لأن العملية ليست وجها لوجه. * يمكن أن يضم موقع واحد مئات الأسماء من المصممين، على العكس من المحلات التي لا يمكن أن تستوعبهم كلهم في مكان واحد.
مشاركة :