الدولة الاسلامية تفرض ضرائبها على التجارة في صحراء الأنبار

  • 11/20/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الرمادي (العراق) - تهديد الدولة الاسلامية للمدن المحررة تكتيك جديد يجعل القوات الأمنية في وضع الدفاع الدائم ويسهل على المسلحين المتشددين الحركة والتجارة داخل الأراضي الصحراوية المحيطة بالمدن والمتداخلة مع الحدود الدولية. على الرغم من العمليات العسكرية المكثفة التي تشهدها محافظة الانبار (110 كلم غرب بغداد) تنشط حركة تجارية غير شرعية، توفر للسوق العراقية المواد الغذائية والخضراوات، فضلا عن انتعاش عمليات تهريب الأغنام و السجائر الى خارج البلاد. انشغال القوات الامنية بالتصدي لتهديدات الدولة الاسلامية أو "داعش" المستمرة على المدن المحررة لا سيما قضاء الرطبة وسيطرة الجماعات المسلحة على الأراضي الصحراوية، أسهم في رواج تلك التجارة. أبو عمار العبيدي (49 عاما) صاحب شاحنة تبريد قال "نحن نتعامل مع القوات الأمنية والمسلحين من خلال وثائق أمنية رسمية، ووصولات جباية ندفعها لأفراد داعش، إجراءات اعتدنا عليها منذ أكثر من أربع سنوات". ويضف أيضا "عشر سنوات مضت، وأنا اعمل ضمن شركات نقل البضائع، وكنا نخشى أن تتعرض لنا جماعات مسلحة على طول الطريق السريع خلال دخولنا الى الأراضي العراقية، أما اليوم أصبح الطريق سالكا، ولا توجد رقابة على البضائع، ويستطيع الجميع جني الأرباح من بضائع متعددة، وان كانت منتهية الصلاحية". موفق المرعاوي (46 عاما) كان احد العاملين في مجال التخليص الجمركي داخل منفذ الوليد، قال "في السابق كنا نعمل داخل المنافذ الحكومية، ونمتلك علاقات طيبة مع عدد من التجار والموردين. مع إغلاق تلك المنافذ وسيطرة داعش، لم نتوقف عن أعمالنا، فنحن اليوم نقوم بدور الوسيط مع بعض التجار، من خلال تسهيل دخول بضاعتهم بعد التنسيق مع بعض المسلحين". ويضيف أيضاً "المسلحون ليسوا وحدهم من يجنون الأرباح من خلال هذه التجارة، بل الغالبية تكيفوا مع هذه الظروف وكل له تجارته التي أصبحت مصدر رزق جيد". ويؤكد المرعاوي أن "الموضوع متفق عليه، وأنها تجارة مربحة للجميع، وتحظى بتنسيق عال بين جميع الأطراف والدليل أن غالبية تلك البضائع والسلع تصل الى جميع محافظات العراق ولم تنقطع أبدا". وبحسب السكان المحليين، التعاون مع جماعات داعش أنعش هذه التجارة، ووفر للتنظيم المتشدد مصادر تمويل جديدة ، فضلا عن الأشخاص الذين انخرطوا ضمن تشكيلاته وأصبحوا أعيناً له. الشيخ عبد الله الكبيسي (62 عاما) احد السكان المحليين لقضاء الرطبة، قال ان "تنظيم داعش استثمر سيطرته على صحراء الأنبار ومنافذها، واستطاع أن يفرض وجوده على غالبية السكان المحليين في مدينة الرطبة والقرى الصغيرة الأخرى، فأصبح السكان يروجون بضاعتهم وينقلونها بتسهيلات من جماعات داعش المنتشرة في كل مكان، مقابل مبالغ مالية، تتراوح بين 150 الى 500 دولار أميركي، عن كل شاحنة تمر بمناطق سيطرتهم، بحسب نوع الحمولة وكميتها، مقابل وصل قبض يطلق عليه وصل جباية". ويضيف أيضاً "التعاون مع داعش في التجارة، تخلله تعاون على مستوى المعلومات عن المنطقة وعن مشاهداتهم، وأصبح للتنظيم المتشدد، مصادر متعددة لنقل الأخبار والمعلومات عن الأشخاص والقوات الامنية، وهو احد أسباب سقوط المدينة لأكثر من مرة". وأكد الكبيسي "تحدثنا مع القوات الأمنية والحكومة المحلية مرات عدة، لكنهم وفي كل مرة كانوا يؤكدون لنا أنهم على اطلاع بكل ما يجري، وأنهم يرصدون من خلال هذه التجارة، تحركات داعش وأماكن تواجده". تمثل مدينة الرطبة عقدة مواصلات مهمة، ومحطة استراحة وسط الصحراء امتهن غالبية سكانها التجارة، بينهم عدد كبير من الأثرياء والميسورين، الذين أصبحوا عرضة لتهديدات داعش وابتزازه، حسب قائممقام الرطبة عماد الدليمي الذي يقول إن "قضاء الرطبة عقدة تجارية مهمة، استثمرها داعش جيدا ونجح في ابتزاز سكانها الميسورين، فضلا عن تأمين طرق تجارته التي أصبحت واضحة للعيان". وأشار عماد الدليمي أيضا إلى أن "الحكومة المحلية والقوات الأمنية في مدينة الرطبة، لا يمكن لها ان تفرض سيطرتها خارج المدينة وأقصى حد لممارسة صلاحياتنا أو تدخل قواتنا لا يتعدى 150 مترا في محيط المدينة، بسبب إهمال الحكومتين المركزية والمحلية لنا، وكأننا نخضع لعقوبة النفي وسط هذه الصحراء". الدليمي أكد أن "غلق المنافذ الحدودية وعدم توفير الحماية اللازمة لضمان إعادة افتتاحها من جديد وإخفاق القوات الامنية في بسط سيطرتها على صحراء الأنبار أهم أسباب رواج تجارة الجماعات المسلحة وانتعاشها". مصادر أمنية أكدت "لم تكن الجباية وحدها وتجارة المواد الغذائية والخضروات هي مصدر تمويل داعش، فهذه التجارة تمثل نشاطا فرديا لمن انخرطوا ضمن تلك الجماعات، إلا أن عمليات تهريب الأغنام والمخدرات والآثار والمنتجات النفطية تمثل موردا مهما يطيل من عمر داعش ويعزز وجوده داخل الأراضي العراقية". المصادر ذاتها تشير الى أن "تجارة داعش تسير عبر طرق عدة، ومنها طرق رسمية تحت سيطرته متمثلة بمنفذ القائم العراقي ومنفذ البوكمال السوري والذي يستخدمه لتسهيل تبادل البضائع بين العراق وسوريا وطرق أخرى صحراوية ليست ببعيدة عن المنافذ الرسمية". وتؤكد أيضا أن "داعش يتحرك ضمن شريط حدودي بين القائم ومنفذ الوليد، الذي يبلغ خط سيره نحو 360 كلم غربي العراق، فضلا عن طريق عكاشات الرطبة، الذي يصل خط سيره الى 320 كلم، يربط بين قضاء الرطبة، وقضاء القائم 450 كلم شمال غرب العاصمة بغداد". (نقاش)

مشاركة :