خلافاً لما تمسكت به لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس الشورى في تقريريها السابقين، وافق غالبية الشوريين في جلستهم يوم أمس الأحد (20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016)، على المادة (16) من مشروع قانون بقواعد التسجيل والسلامة الخاصة بالسفن الصغيرة، وذلك وفقاً للنص الذي وضعته الحكومة في مشروع القانون المذكور، والذي يعطي وزير الداخلية صلاحية تحديد رسوم إجراءات السفن الصغيرة، بعد موافقة مجلس الوزراء، دون تحديد لسقف هذا الرسوم. وعلى رغم أن لجنة المرافق العامة تمسكت بما ذهب إليه مجلس النواب في إعادة صياغة المادة، على ألا تتجاوز قيمة الزيادة في أي رسوم مقررة عن الضعف. وبعد نقاشات طويلة شهدتها جلسة الشورى أمس، وتباين آراء شوريين بشأن تحديد سقف للرسوم أو عدم تحديدها، مع إصرار حكومي على النص الأصلي الوارد من للحكومة للمادة المذكورة، تبنى رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة فؤاد الحاجي رأي التصويت بالموافقة على نص الحكومة، وهو ما اعتبره رئيس المجلس علي الصالح «عودة إلى الحق» و»رجوعاً عن الخطأ». ووفقاً لنص المادة (16) من المشروع، الذي تمسكت به اللجنة المذكورة تأييدها رأي مجلس النواب، فإنه «يصدر وزير الداخلية -بعد موافقة مجلس الوزراء- قراراً بتحديد فئات الرسوم المستحقة عن إصدار أي شهادة أو وثيقة أو التصديق عليها أو تمديدها، وعن القيام بأي خدمة أو تفتيش أو تحقيق أو معاينة بما يوجبه هذا القانون، على ألا تجاوز قيمة الرسم المقررة لهذه الخدمات -في حالة الزيادة- ضعف فيمة الرسوم المقررة لكل خدمة قبل سريان هذا القانون». إلا أن الشوريين قرروا الموافقة على النص الأصلي الوارد من الحكومة، وهو أن «يلتزم المالك أو أي ذي شأن بأداء الرسم -الذي يقرره وزير الداخلية بعد موافقة مجلس الوزراء- عن إصدار أي شهادة أو وثيقة أو تجديدها أو التصديق عليها أو تمديدها وعن القيام بأي خدمة أو تفتيش أو تحقيق أو معاينة مما يوجبه هذا القانون». وفي النقاشات والآراء بين الشوريين والحكومة ممثلة في وزير شئون مجلسي الشورى والنواب غانم البوعينين، وممثل وزارة الداخلية محمد الهرمي، أبدت رئيسة لجنة الشئون التشريعية والقانونية بالمجلس، دلال الزايد، عدم اتفاقها مع تمسك اللجنة برأيها، وقالت إنه «في غير محله»، وذلك أن آراءً ووجهات نظر طرحت في جلسة سابقة حول المادة نفسها. وذكرت أن النص المعدل أعطى الحكومة حق مضاعفة الرسوم المقررة على السفن الصغيرة، وهو «توجه غير حميد في النص القانوني، وإن كان النواب اجتهدوا في وضع حد أعلى للرسم لا يمكن تخطيه». وشددت على عدم إمكانية الموافقة على المادة كما تمسكت بها اللجنة. واقترحت الزايد ندب خبراء قانونيين من جامعة البحرين لشرح بعض المواد في المشاريع بقوانين. أما وزير شئون مجلسي الشورى والنواب غانم البوعينين، فأوضح أن وزارة الداخلية لم تدعَ إلى اللجنة للتباحث بشأن المادة المذكورة، بعد استردادها. وذكر أن هناك خلطا بين الرسوم التي يمكن عمل تخوم عليا ودنيا لها، وبين رسوم لا يمكن وضع تخوم عليا لها، مشيراً إلى أن الحكومة تقدم آلاف الخدمات للمواطين. وأوضح أن «رسم الخدمة يقاس بكلفة الخدمة نفسها، والجهة المعنية ترى كم عدد المسئولين الذين يقومون بهذا العمل، وعدد الإدارات، وبعدها يمكن تحديد الرسم المقرر للخدمة». واعتبر أن «النص الأصلي المحكم من الحكومة، بيّن أن وزير الداخلية يحدد الرسوم بعد موافقة مجلس الوزراء، وهو أعلى سلطة في البلد». ورأى أن النص المعدل «غير قابل للتطبيق، ولا أعتقد أنه يمكن إقرار نص غير قابل للتطبيق»، مؤكداً أن «الأصوب هو النص الذي جاء من الحكومة، وهو يعطي الوزير المعني تحديد الرسوم بعد موافقة مجلس الوزراء». وأضاف «نحن نتحدث عن مبدأ وليس سقف الرسوم والحد الأدنى، فنحن منذ أن استأنفنا العملية البرلمانية مر علينا العشرات من القوانين المشابهة، ولم تحدد فيها رسوم». وقال: «لا نريد أن نمارس سابقة من السوابق في تجربتنا التي مازالت فتية، ونؤصل سابقة من السوابق تكون صعبة التطبيق مستقبلاً، وهي أن السلطة التشريعية تطلب من السلطة التنفيذية جداول برسوم الخدمات عند مناقشة أي قانون». أما ممثلة وزارة الداخلية، محمد الهرمي، فقال إن هناك إجحافا في قراءة تقرير حكم المحكمة الدستورية في المادة المذكورة، وهو الذي أكد بوضوح أن «أن تنظم الجهة التنفيذية الأمر برمته، وهو لفظ واضح». وأفاد الهرمي أن هناك خدمات تقدمها وزارة الداخلية ولا تأخذ عليها رسوماً من أصحاب السفن، من بينها جهاز المتابعة والمراقبة داخل البحر. أما عضو مجلس الشورى، خميس الرميحي، فرأى أن «الرسوم الحالية هي رسوم زهيدة لا تتناسب والوضع الحالي، وبعضها لا يغطي جزءاً من الكلفة، ولا أرى ضيراً أن يوضع سقف لهذه الرسوم، بحيث يحدد كل رسوم عند تقدم الخدمة». وبيّن أن «النص الحالي المقترح والذي يحدد ضعف الرسوم قد لا ينصف وزارة الداخلية، فبعض الخدمات قد تصل كلفتها الفعلية إلى 20 ديناراً بينما يؤخذ رسم عليها لا يتجاوز 5 دنانير». ووصف رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية، خالد المسقطي، النص الوارد من الحكومة في المشروع المذكور، بأنه «جاء بصيغة صحيحة»، داعياً إلى التفكير في مبدأ استرداد كلفة الخدمات المقدمة من الإدارات المختلفة. وخلافاً للمسقطي، قال العضو عبدالعزيز أبل إن: «النص الحكومي مطلق ومن دون تحديد، وأعتقد أن فيه مشكلة، واللجنة وضعت سقفاً للرسوم، والمنطقي أن يكون هناك سقف للرسوم، لا أن تكون مطلقة». وبعد النقاشات المطولة في المادة المذكورة، قال رئيس المجلس علي الصالح إن: «الرجوع إلى الحق فضيلة»، في إشارة منه إلى الرجوع لنص المادة (16) الأصلي الوارد من الحكومة، واعتبر ذلك بمثابة «العودة إلى الحق». وصوّت غالبية الشوريين بالموافقة على نص المادة كما وردت من الحكومة، فيما سُجل رفض واحد فقط من الشوريين.
مشاركة :