ولا أخفي أملي هذا الصباح أن تذهب نسختان من مقالي إلى الأخوين الكريمين بندر العيبان ومفلح القحطاني، الشخصين الفاضلين المنوط بهما مراقبة حقوق الإنسان في السعودية. توجب الاتفاقيات الدولية أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال.. ولا تُجيز استخدامه قبل بلوغه سن الرشد. لكن الذي أفرزته لنا تقنيات وتطبيقات التواصل الحديثة في مجتمعنا، شيء مؤلم، ينسف هذه الفقرة نسفًا تامًا.. بل ولا يبقي لها أي أثر.. كأن لم تكن! اللافت أنها تتم في مأمن وركنٍ شديد عن المساءلة أو حتى التحقيق.. فما بالك بتطبيق النظام! عام 2011 أصدرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان كتيبًا صغيرًا بحجم الكف يتحدث عن حقوق الطفل في الإسلام.. وهي الحقوق التي تقول الجمعية إنها حريصة على أن ينالها كل الأطفال في السعودية.. احتوى الكتيب على 77 حقا خالصا خاصاً بالطفل.. ربما هناك من تمنى حين قراءتها لو بقي طفلا يتمتع بحقوق مذهلة لا يحصل عليها الكبار! من بينها حمايته من أية معاملة تمس بكرامته، وحمايته من كافة أنواع الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل ضار بنموه النفسي أو المعنوي أو الاجتماعي! لكن الواقع بعد مضي 5 سنوات شيء مختلف عما بشّرتنا به الجمعية.. وبعيدٌ جدًا عما نطمح إليه.. خذ ما أود الوصول إليه باختصار: كنا حتى وقت قريب نستغرب الصمت على استغلال الأطفال في الإعلانات التلفزيونية.. لم يتحرك أحد.. تطور الأمر فتم استغلالهم في الدعايات المصورة، ثم الصحف، ثم في لوحات الشوارع.. ثم تحول الطفل إلى وسيلة عرض في الإعلام الجديد! اليوم وصلنا إلى مرحلة متقدمة في الاستهانة بحقوق الأطفال، أصبحوا وسيلة لكثير من الآباء؛ لنيل الشهرة والتكسب.. ويبقى السؤال الأكبر: هل من حق أي شخص استغلال أطفاله، وتعليمهم الكذب، وامتهانهم، وتصويرهم، والدفع بهم إلى ممارسات كوميدية -كالذين يسمحون بتصوير أطفالهم الصغار وهم عراة أثناء استحمامهم- كل هذا لأجل إضحاك الآخرين، وبالتالي الحصول على مكاسب مختلفة! أخي مفلح القحطاني.. أخي بندر العيبان.. ما الفرق بين هؤلاء وبين من يستغل الأطفال في الجريمة والتسول؟! صالح الشيحى الوطن
مشاركة :